• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفساد  .
                          • الكاتب : الشيخ عطشان الماجدي .

الفساد 

بسمه تعالى 
       مفردة ذات حروف ستة ولذات العدد ذكرت في القرآن الكريم 
لا أحد ينكر مخاطرها المتعددة والمخيفة ، طرقها الملتوية والمميتة ، ولا يحب عاقل ان يعيش في بيئة فاسدة لانها لن تنتج الاّ الخراب في كل شيء . تنطوي تحت حروفها أرقاما لا تحصى من الجرائم والحوادث والقتل والعنف والكوارث والاحداث المميتة لبني البشر منذ وطأه المعمورة . اخي القاريء الكريم لربما ستلاحظ فراغا غير مملوء في مقالي هذا  . اعلم انني لا اتحدث عن انواعه كالاداري او الاخلاقي ، بل بما هو هو . أرى أنه غير  متأخر بل انه متأصل مع الانسان ليكونا متلازمين يكاد لا ينفك عن قرينه وكأنه امر ذاتي لا اعتباري رغم انه من القسم الثاني . لأجد جوابا على سؤال مفاده لماذا نُفسد في الأرض؟ ومن هنا تأتي مكامن الخطورة والتي تستلزم وضع العديد من الاسس العلمية والتربوية الكفيلة بفصل  الانسان عن الفساد ذات العلاقة المتينة مع الدين لا متأطرة به كواجهة تسر الناظرين . وبما انه لا يقل خطورة عن الإرهاب المنظم الذي يستهدف قتل كل مناوىء له ، لابد لنا من معرفة السبب الرئيسي : الذي يجعل الانسان من ارتكاب الفساد وهو يعلم أن الله تعالى لا يحب المفسدين . اما غير الموحدين لهم عقل يدرك جيدا انه امر غير مرغوب بطلبه .والجميع خلق على الفطرة  ، اي أن الخير والعطف والصلاح ولد معه ولا يقر ذي عقل انه ولد مفطورا على الفساد . نعم يتخلى عن فطرته ويتجه نحو الهاوية لخلافها الارادة الالهية .
مضافا ما من فئة الاّ وهي ترفع شعار الإصلاح وتبين للآخرين انها صاحبة السمو في الإصلاح وغيرها لا حظ له فيه . وان قالت غير ذلك تكون نتيجة مشاريعها الفشل الذريع . وحينما تراجع تأريخ الفاسدين وحروبهم مع المصلحين حجتهم هي بقاء  الإصلاح الذي اوجدوه وخوفا من نشر الفساد من قبل  المصلحين
(وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِیۤ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡیَدۡعُ رَبَّهُۥۤۖ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یُبَدِّلَ دِینَكُمۡ أَوۡ أَن یُظۡهِرَ فِی ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ)
[سورة غافر 26]
 يفعل ذلك متحديا غير آبه بشيء متغطرس متكبر  ،  رغم علمه انه فاسد ويفسد في الارض وان المصلحين حجتهم حقيقية وهي الإصلاح وهو سبيل أهل الإصلاح الحقيقيين 
 (قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّی وَرَزَقَنِی مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنࣰاۚ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَاۤ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِیدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ)
[سورة هود 88]
 ولكن هو اسلوب الفاسدين كذلك كي يحصل لهم التفوق في الحصول على المكاسب والمآرب ولينشروا امرهم ما استطاعوا لتبقى الناس مطيعة لهم كالعبيد و ما أكثرهم ، من مغفل او جاهل او يحاول اقناع نفسه بسبب الحصول على فتات العيش المهين . مع ان الدين لم يحرمنا او يحرّم علينا طلب النصيب من الدنيا ، بل حث على ذلك في مواضع عدة ولكن ضمن  ضوابط شرعية .
 وحسب  رأيي الشخصي القاصر ان النبي صلى الله عليه واله وسلم بقوله (( حب الدنيا رأس كل خطيئة )) .
اجاب عن كل ذلك وغيره من الاسئلة والاستفسارات الكثيرة التي تثار هنا و هناك ليضع قانونا عاما :  ابتعد عن حب الدنيا للدنيا ، بل اعمل فيها للآخرة والاّ ان لم تكن فاسدا حقيقيا تكون مساعدا ومعينا للفاسدين  . وما تراه العين اليوم وتسمع به الاذن مما يجري من تعد واضح وصارخ  على الحرمات بكل انواعها وليس هناك ضابطة يعمل عليها أغلب المجتمع بعد أن تجرد  من الضوابط الاسلامية  ونبذها  وراء ظهره . واوجدوا الفكاهة والسخرية على اهل الدين والعقيدة . ثم رموا كل واحد يعمل حسب أخلاقيات تربى عليها انه متخلف ومعقد ويجب عليه ان يواكب التطور والحضارة . و كي يصبح مثقفا و حضاريا  عليه ان ينزع ثوب التقاليد والقيم والمباديء والاّ فهو ابن قرى متخلفة وان كان في ارقى مدينة . واضعفوا القانون بوسائل عدة ليبقى من يسرح ويمرح على هواه في الليل والنهار جهارا نهارا لا عفة تمنع ،  ولا ادب يصد ، ولا قانون يوقف،  ولا اخلاق تراعى ولا وازع ديني ، ليبقى كالبهيمة بل هو اضل...
 وهنا يقع المحذور وتسيء الامور حينما تلتقي الشراذم وشذاذ الآفاق والمخنثين و من باع دينه ووطنه وانسانيته كي ينشر الفساد في الارض وسكت من سكت ورضي  من رضي ،  وكأن هذه الامة غير مأمورة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر.....بل اصبح الكثير يستلذ بما يحصل وقد مرت عليه العبر والاحداث ولكنه لم يعتبر وكان من الجاهلين ....
ليسأل من احب العفة وكره الخلاعة والمجون و تقرب لله تعالى بالعلم والعبادة مبتعدا عن اعمال اهل الشر : ما سبب حصول كل هذا ؟ والجواب عند الحكيم ، العالم بالأمور   و لا تخفى عليه الإجابة ولكن مالفائدة ان لم يكن هناك متبع مطيع  لتبقى عجلة الأيام تدور حول نفسها  رغم ان  في قلبه الحسرة و بحلقه الغصة وبروحه الحرقة يعرف الحق ويأمر به ولكن لا متقبل وآخذ بقوله ، ويحذر من المنكر وينهى عنه  ولكن ما من مذكر .  لنكحل أعيننا   ونختم بأية من الذكر الحكيم لتكون لنا العبرة متفكرين في مضامينها العالية 
(ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِی ٱلنَّاسِ لِیُذِیقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِی عَمِلُوا۟ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ)
[سورة الروم 41]




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=146450
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 07 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28