قال الإمام الحسين عليه السلام وهو يتهيئ للخروج من مكة يريد العراق قال عليه السلام
((لا محيص عن يوم خُط بالقلم ،رضا الله رضانا اهل البيت،نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين .مَن كان باذلاً فينا مهجته،وموطنا على لقاءِ الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مُصبحا ان شاء الله ))
كلمات تلفض بها سيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول الكريم، واقعا كلمات يريد بها الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ان يبين للناس حتمية الشهادة فقد قدر الله سبحانه وتعالى للامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه هذا الامر الذي لايعرف كنههُ غير الله تعالى ان هو اختارها وسار في طريقها فقد قال (شاء الله ان يراني قتيلاً وشاء الله ان يراهنّ سبايا ).
تلتفت الناس بكل جوارحها الى صوب المتكلم لتسلم اغلى ما تَملك وهو العقل والوجدان لتصغي الى كلامٍ فوق كلام المخلوقين دون كلام الخالق فينتقل الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه من هذه الفقرة الى فقرة اخرى مهمة جداً ليحرك عقولهم الى الناحية التي غابت عنهم كثيراً حتى يستطيع ان يحرك ذلك الخمول الذي سيطر على جسد الامة في ذلك الوقت فيقول( رضا الله رضانا اهل البيت )بمعنى أن أتصال اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم بالله عز وجل أتصال وثيق لا ينفك ،فعندما يرضا اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم فان الله سوف يرضى عن هذا العمل كما قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لفاطمة عليها السلام (يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها )حقق الامام عليه السلام في هذه الكلمات قفزة نوعية في تحريك جسد الامة واعطى بُعد لهذه الرحلة متكون من شقين هما
١_من يريد ان يصبح مع الله في كل صغيرة وكبيرة فليكن مع هذا الركب .
٢_ كل عمل مهما كان لا يصل الى درجة الكمال الا بتوقيع وختم من قبل اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم .
ينتقل الامام الى شرح اثار هذه الرحلة التي ينالها الانسان بعد تحقيق الشرطين السابقين في حتمية الشهادة ورضا الله سبحانه وتعالى ينتقل بالعقل البشري ليمر على جميع المراحل ويستعرض الفقرات الواحدة تلو الاخرى ويركز على اهم الفقرات التي يشعر بها انها ستأتي بالفائدة على المجتمع فيقول (نصبر على بلائه )بمعنى ان الرحلة لا تخلو ابدا من انواع البلايا والمحن التي سترافق هذه الرحلة ليتمكن من توطين أنفس الذين سيلتحقون معهُ لاستقبال البلاء المبرم من السماء .
جائزة تحمل هذه البلايا .
لكل عمل خاتمة وبعد كل مشقة راحة هذا ما يحكم به العقل فما هي ياترى جائزة من شارك في هذه الرحلة هل هي جائزة في عالم الدنيا ام هي ثواب في الاخرة .ان من التحق بركب سيد الشهداء عليه السلام اصاب الخلود في الدنيا واستحق اعظم الدرجات في الاخرة حيث قال عليه السلام (اني لا اعلم اصحاب خيرٌ من اصحابي )فيختم الشروط المتقدمة بِستعراض كلمات الباري عز وجل ( الله يحب الصابرين)و( انما يوفئ الصابرون اجرهم بغير حساب ).
بعد ذلك يريد الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ان يستعرض شروط الخروج معه فيقول ( من كان باذلاً فينا مهجته ،وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مُصبحا ان شاء الله ) هنا الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ينتقل الى اخر جزء من الاختبار الحقيقي الذي يختبر به الامة الاسلامية والذي يعتبر من اصعب الامور بل من أفظلها حيث يقاس به المؤمن من الكافر فمن كان متيم بحب اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم باذلاً مهجته في حبهم وموطن نفسه على الموت الذي لا مفر منه وعنده الاستطاعة في تقطيع حبال الدنيا الفانية لكي ينتقل الى الاخرة الباقية فليرحل معنا .
# يا ليتنا نوطن انفسنا على هذه الشروط .
|