• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مراجعات في المنهج .. الحلقة الأولى .
                          • الكاتب : د . عباس عبد السَّادة شريف .

مراجعات في المنهج .. الحلقة الأولى

  من أهم معالم الدين الإلهي العظيم العبوديَّة له - عزَّ وجلَّ - والتَّسليم لكلِّ أوامره، ولا يحقُّ للعبد أن يعترض على ربِّ العالمين، فهو تعالى يقول:  {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} الأحزاب: ٣٦.
وكثيرًا ما يقع العبد بين إرادتين، إرادة الله - سبحانه - وإرادة مزاجه الشخصيِّ، وهنا الامتحان الحقيقيُّ للعبوديَّة عندما يترك مزاجه الشخصيَّ، ويهمل رغبته النزويَّة، ويسلم لله - تبارك وتعالى -.
وقد اقتضت المشيئة الإلهيَّة أن يبلغ إرادته الأنبياء، وأوصياؤهم الّذين يصطفيهم حججًا على خلقه، وهذا يعني أنَّ عقل الإنسان قاصرٌ أن يدرك إرادة الله - عزَّ وجلَّ - بمعزلٍ عن حجج الله - عليهم السَّلام -، وهنا يكون لدينا طريقان: 
١. في زمن حضور الحجَّة يكون التبليغ بالإرادة الإلهيَّة قطعيَّاً، وإذا خالفت مزاجاتنا، وتحليلاتنا العقليَّة قول المعصوم الحجَّة فهي لا تساوي شيئًا مهما أعجبتنا، أو مدحها المعجبون بها. 
٢. في زمن غياب الحجَّة المعصوم - عليه السّلام - يوجد متخصِّصون في العلوم التي أثرت عنه، أو المساعدة على فهم ما أثر عنه، فهم الأقرب لإدراك إرادة الله - تعالى - من الممارسة العقلية المجرَّدة، فلو كان العقل قادرًا على إدراك إرادة الله لما بعث الله النبيين، وخلف من بعدهم أئمة. 
والنتيجة التي يصلها الفقيه المتخصِّص قد تخالف الواقع، لكنها مخالفة معذورة ما دام بذل جهدًا بأدوات صحيحة. وعليه فإن قول المتخصِّص أحجُّ من التحليل الذَّاتيِّ المزاجيِّ لغير المتخصِّص، وهو ما يحكم به العقل في كلِّ المجالات.
فيتَّضح أنَّ ميزان التَّعقُّل في القضايا الدِّينيَّة هو ما يحكم به المعصومون - عليهم السَّلام - أو ما يستنتجه  المتخصِّصون في علوم الدِّين، وما عدا ذلك من تأمُّلاتنا ليس حجَّة، ولا يصحُّ الركون إليه. 
وفي ضوء هذه المقدمة نراجع هنا بعض التطبيقات العمليَّة في أجواء عاشوراء، وعليها يقاس غيرها. 
فعندما أنزعج من صوت مؤمن يصرخ بالعزاء متفاعلًا مع الفجيعة، لا يحقُّ لي الانسياق خلف مزاجي، والانطلاق بمقولة:  ((الحسين ما يريد بجي وصراخ)) ، لأن في قبال ذلك نجد قول صادق آل محمد - عليهم السلام - : "اللهمَّ ارحم تلك الصَّرخة الَّتي كانت لنا".
وإذا كان الإمام زين العابدين - عليه السَّلام - يطعم الطَّعام في المحرم الحرام، فما قيمة ميلي العاطفي نحو أمر أدَّعي أنَّه إنسانيٌّ. 
وكيف أرتضي لنفسي أن أغتر بزينة مقولة:  ((ينبغي أن نفرح في عاشوراء، لأن الحسين انتصر)) وصوت الإمام الرضا - عليه السَّلام - يقرع سمع الزَّمان : "إنَّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا…. ".




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=148133
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 09 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29