• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لماذا هذا الطرح الخطير من السيد الحيدري؟ .
                          • الكاتب : الشيخ حيدر السندي .

لماذا هذا الطرح الخطير من السيد الحيدري؟

 بسم الله الرحمن الرحيم 
      الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد سيد الأولين و الآخرين ، و آله الطيبين الطاهرين .
       عندي حول كلام السيد الحيدري ( هداه الله) ثلاث تعليقات :
🔆قطع مطابق للواقع أم جهل مركب🔆
      التعليق الأول1️⃣ : هو أن السيد الحيدري قال إنه يعتقد بضرس قاطع أنه لا يوجد عالم شيعي إثناعشري لا يحكم بكفر جميع المسلمين باطناً ، و اعتقاده و قطعه هذا من الجهل المركب ، ولا اريد أن استعرض كلمات الأعلام على نحو الاستقصاء ، فإن السالبة الكلية تنقضها الموجبة الجزئية ، ويكفي أن نقف على كلام السيد محمد رضا السيستاني (حفظه الله) وهو من أكابر علماء الشيعة المحققين ، وقد  قال :
      والذي يبدو لي بملاحظة سائر روايات الباب أن المقصود بما ورد في تلك النصوص هو أن المخالف على ثلاثة أقسام، فقسم يحكم بكفره، وقسم يحكم بكونه منافقاً، وقسم يحكم بضلالته.
      فالأول: هو الذي تقام عنده الحجة على إمامة الإمام ولكنه يكابر ولا يقبل الحجة وينكر الإمامة حتى ظاهراً، فهذا يعدُّ كافراً من حيث إنكاره لما ثبت عنده أنه من الدين، فإن مرجعه إلى تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض ما بلّغه عن الله تعالى، كما هو الحال في كل من ثبت له أن شيئاً من الدين ومع ذلك أنكره، فإنه يكون ذلك موجباً لكفره ولا يختص ذلك بالضروري، فمن ثبت عنده أن إمامة علي (عليه السلام) من الدين بأن قامت عنده الحجة على ذلك ومع ذلك أنكرها فإنه يكون كافراً.
      والثاني: هو الذي تقام عليه الحجة على إمامة الإمام ويستسلم أمامها ظاهراً ولكن لا يعتقد بإمامته في قلبه، فهذا منافق ظاهره الإسلام وباطنه الكفر بالمناط الذي تقدم.
      والثالث: هو الذي لا يقتنع بالحجة على نصب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً وأولاده المعصومين (عليهم السلام) أئمة من بعده لشبهة أو نحوها، أو أنه لا تبلغه الحجة على ذلك أصلاً ــ ككثير من أهل الخلاف ــ فهذا مسلم ضال.
      وينبغي إيراد بعض النصوص للدلالة على هذا المقصود ففي صحيحة الفضيل بن يسار  عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ((إن الله عز وجل نصب علياً (عليه السلام) علماً بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن جهله كان ضالاً ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً ومن جاء بولايته دخل الجنة ومن جاء بعداوته دخل النار))..... ويظهر بملاحظة مجموع هذه النصوص وضم بعضها إلى بعض أنه ليس كل من لم يعرف إمام زمانه يكون كافراً، بل هو خصوص من ينكر إمامته بعد قيام الحجة عليه ومكابرته عن القبول بها والتسليم لها.
      وعلى ذلك فما ورد في ذيل صحيحة محمد بن مسلم من أن من لم يعرف إمامه يموت ميتة كفر ونفاق يختص بمن تُقام عليه الحجة ولا ضير في الالتزام بذلك، بل هو مقتضى القاعدة كما تقدم.
      هذا هو الوجه الذي يبدو في النظر، وهناك وجهان آخران لا بأس بالتعرض لهما أيضاً ..
      أحدهما: ما التزم به السيد الأستاذ (قدس سره) في كتاب الطهارة  من أن المخالف كافر إلا أن كفره باطني، أي هو مسلم ظاهراً ولكنه كافر باطناً...بحوث في شرح مناسك الحج ج٢ ص ٤٧٨.
      فالسيد السيستاني (حفظه الله ) لا يرى الكفر الواقعي بالمعنى الذي يفهمه من كلام استاذه .
🔆لا ينبغي التهاون في عرض الأمور المؤثرة على العامة🔆
     التعليق الثاني2⃣ :  نسب السيد الحيدري ( بصره الله و أخذ بيده إلى صلاحه) القول بكفر المخالفين واقعاً إلى جميع علماء الشيعة الإثني عشرية مع أن هذا ليس قول الكل كما أسلفنا ، و أيضاً كان عرضه بطريقة غير صحيحة قد تؤدي لا سمح الله إلى تمزيق المجتمع الإسلامي في زمان نحن فيه بأشد الحاجة إلى الألفة و المحبة واسقاط مخططات أعداء الإسلام لتفرقة المسلمين ، فالفضائيات فضاء رحب يطلع عليه جميع الناس مع اختلاف مستوياتهم و توجهاتهم ، و أغراضهم و دوافعهم ، وهناك من أعداء التشيع من يشتري مثل هذا الكلام بأغلى الأثمان ليحرك الهمج  لذبح الشيعة ، أو يبرز الشيعة منافقين يعادون المسلمين جميعاً.
       إن الفضائيات ليست ساحة مناسبة لطرح أي كلام و بأي طريقة ، كما أنها ليست ساحة لتصفية الحسابات مع جماعة خاصة إن كانت هنالك أغرض شخصية ، و حسابات خاصة ، ولا نتهم الرجل في دوافعه كما لا نزكيه .
        كان ينبغي على السيد الحيدري ( أصلح الله أمره ) أن يبين رأي من يقول بأن الإمامة أصل الإسلام الواقعي بنحو واضح حتى لا يتصوره العامة بنحو غير مفهوم  بسبب عدم معرفتهم بالاصطلاحات والمراد منها ، فيظنون أن علماء الشيعة يرونهم كالمشركين بلا كرامة وحقوق، فيقع المحذور .
        لهذا سوف أتعرض لبيان رأي سيد الطائفة الخوئي ( قدس سره) ، فهو يرى اسلام من لم يؤمن بالإمامة ظاهراً و يرى كفره الباطني ، فما معنى الكفر الباطني؟
في البداية أنقل بعض كلماته :
      ١- قال السيد الخوئي ( رحمه الله ) في التنقيح ج ٢ ص ٦٣ :  (للكفر مراتب عديدة " منها ": ما يقابل الاسلام ويحكم عليه بنجاسته وهدر دمه وماله وعرضه وعدم جواز مناكحته وتوريثه من المسلم وقد دلت الروايات الكثيرة على ان العبرة في معاملة الاسلام بالشهادتين اللتين عليهما اكثر الناس كما تأتي في محلها. و " منها ": ما يقابل الايمان ويحكم بطهارته واحترام دمه وماله وعرضه كما يجوز مناكحته وتوريثه إلا ان الله سبحانه يعامل معه معاملة الكفر في الآخرة وقد كنا سمينا هذه الطائفة في بعض أبحاثنا بمسلم الدينا وكافر الآخرة ...).
      ٢- وقال في ص ٨٤ من ج ٢ في نقاش الاستدلال على كفر المخالف لمثل (كما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أن المخالف لهم - ع - كافر،  وقد ورد في الزيارة الجامعة: " ومن وحده قبل عنكم " فانه ينتج بعكس النقيض ان من لم يقبل منهم فهو غير موحد لله سبحانه فلا محالة يحكم بكفره : ( والاخبار الواردة بهذا المضمون وان كانت من الكثرة بمكان إلا أنه لادلالة لها على نجاسة المخالفين إذ المراد فيها بالكفر ليس هو الكفر في مقابل الاسلام وانما هو في مقابل الايمان كما أشرنا إليه سابقا أو انه بمعنى الكفر الباطني وذلك لما ورد في غير واحد من الروايات  من ان المناط في الاسلام وحقن الدماء والتوارث وجواز النكاح إنما هو شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله وهي التي عليها أكثر الناس وعليه فلا يعتبر في الاسلام غير الشهادتين فلا مناص معه عن الحكم باسلام أهل الخلاف وحمل ففي بعضها: ان الله جعل عليا علما بينه وبين خلقه ليس بينه وبينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ومن شك فيه كان مشركا وفي آخر: علي باب هدى من خالفه كان كافرا ومن أنكره دخل النار. إلى غير ذلك من الاخبار فان شئت تفصيلها فراجع ب 6 من ابواب حد المرتد من الوسائل).
       والمستفاد من كلامه ( رحمه الله ) المتقدم وغيره أن من لم يؤمن بالإمامة ولم يكن مكذباً لرسول الله (صلى الله عليه و آله ) ولا منكراً للتوحيد حكمه الإسلام وتترتب عليه جميع الحقوق الدينية التي بينها بقوله:  ( ان المناط في الاسلام وحقن الدماء والتوارث وجواز النكاح إنما هو شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله وهي التي عليها أكثر الناس وعليه فلا يعتبر في الاسلام غير الشهادتين فلا مناص معه عن الحكم باسلام أهل الخلاف)، فالمخالف محقون الدم والعرض والمال ، لانه ليس كافراً بالمعنى المقابل للإسلام وعليه هو لا  ( يحكم عليه بنجاسته وهدر دمه وماله وعرضه وعدم جواز مناكحته وتوريثه من المسلم وقد دلت الروايات الكثيرة على ان العبرة في معاملة الاسلام بالشهادتين).
       نعم ، الإمامة أصل من أصول الإيمان ، وهذا شيء آخر له صنف آخر من الأحكام ترتبط بالآخرة ، وهي قبول العمل ، والوعد بالجنة ، ففي نظر السيد الخوئي ( رحمه الله) ليس كل مسلم موعود بالجنة و يثاب  على عمله ، و إنما خصوص المؤمن و الولاية من أركان الإيمان ، فمن لم يأت  بالولاية في يوم القيامة لا يكون مشمولاً بوعد الله سواء كان مسلماً أم  لم يكن ، وهذا مراده من قوله : (المراد فيها بالكفر ليس هو الكفر في مقابل الاسلام وانما هو في مقابل الايمان كما أشرنا إليه سابقا أو انه بمعنى الكفر الباطني) وقوله : (إلا ان الله سبحانه يعامل معه معاملة الكفر في الآخرة وقد كنا سمينا هذه الطائفة في بعض أبحاثنا بمسلم الدينا وكافر الآخرة).
      ومن حقك أن نسأل وكيف يعامل الله الكافر يوم القيامة؟
       والجواب مفصل  عند السيد الخوئي وغيره من الأعلام( رضوان الله عليهم ) ، فإنه ليس كل كافر يعذب يوم القيامة و إنما خصوص المعاند والمقصر ، و أما القاصر فيقبح عقابه عقلاً ، وفي بعض الروايات يمتحنه الله تعالى و إذا اجتاز يدخله الجنة ، فأمره إلى الله تعالى والله جواد كريم.
      و الحكم بعدم إيمان من أنكر الولاية مع الحكم بإسلامه ذهب إليه الأعلام لأدلة تامة في نظرهم ، وليس البحث العلمي خاضعاً للمجاملات و العلاقات الإجتماعية أو الدعايات الإعلامية، ولا ينبغي أن يكون متأثراً برغبة سائر الناس ، فنحن نتبع ما ثبت عن النبي وآله ( عليه وعليهم السلام) ، و الإمامة في النصوص ركن للايمان والدين بمعنى موضوع  قبول العمل و الوعد بالثواب و النعيم الدائم ، والمسلم الذي لا يؤمن بالإمامة محترم في نفسه وماله و عرضه ، و يحرم ظلمه و هتكه ، و يجب علينا معاملته بالحسنى ، وهذا يكفي في بث روح الألفة والمودة ، و ترك كل مذهب مع قناعاته العقدية.
      إن تشويه رأي الشيعة و موقفهم العام ، و إبرازه بطريقة منفرة للعامة  على فضائية ، و عدم توضيح المراد من الكفر الباطني عند بعض الأعلام ،  والعبور عليه دون توضيح نرجوا أن لا تكون وراءه دوافع شيطانية ، ولا نتهم الرجل كما لا نزكيه ، و لكن نقول ما وقع كان مضراً ، ويستثمر من أعداء التشيع بطريقة غير نزيهة ، وقد يكون سبباً لسفك دماء الشيعة أو تعريضهم للأذية ، و جعل مسافات اجتماعية بينهم وبين أخوانهم في الاسلام الذين يعيشون معهم في المدن والقرى ، ولمصلحة من هذا!
      كما ينبغي أن يعلم أن عرض رأي السيد الخوئي ( رحمه الله ) كما هو ثم نقده باسلوب علمي لا محذور فيه ، فرأي السيد الخوئي لا ينقصه ، إذا كل مذهب عنده أصول يضلل بها غيره ، كما إن نقده لا ينقصه ، غير أن المنصف الحكيم يعرف كيف يعرض و ينقد مع ملاحظة مقتضى الحال وما يلزم في المقال.
🔆الجهل برأي صاحب الحدائق:🔆
     التعليق الثالث 3️⃣:  لقد  قف شعر بدني لما نسب إلى صاحب الحدائق أنه يرى جميع المسلمين مثل الكلاب والخنازير، و لا أظن أن يحسن معادياً للشيعة في مقام اسقاط بعض علماء الشيعة أن يعبر بتعبير  أسوء من هذا التعبير !
      وفي تصوري وقع جهل أو تجاهل لرأي المحقق البحراني (رحمه الله)، فإن المحقق البحراني قال في موضع : (أنه قد استفاضت الروايات والأخبار عن الأئمة الأبرار (عليهم السلام) - كما بسطنا عليه الكلام في كتاب الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب - بكفر المخالفين ونصبهم وشركهم وأن الكلب واليهودي خير منهم  وهذا مما لا يجامع الاسلام البتة فضلا عن العدالة، واستفاضت أيضا بأنهم ليسوا من الحنيفية على شئ وأنهم ليسوا إلا مثل الجدر المنصوبة  وأنه لم يبق في يدهم إلا مجرد استقبال القبلة واستفاضت بعرض الأخبار على مذهبهم والأخذ بخلافه  واستفاضت أيضا ببطلان أعمالهم. وأمثال ذلك من ما يدل على خروجهم عن الملة المحمدية والشريعة النبوية بالكلية والحكم بعدالتهم لا يجامع شيئا من ذلك كما لا يخفى)الحدائق ج ١٠ ص ٤٣.
       و أظن أن السيد الحيدري ( أصلحه الله) وقف على هذه العبارة فقط وجاء بها - كما يفعل الكثير من السلفية في تشويه موقف التشيع - و نسب إليه القول بأن كل المخالفين مثل الكلاب والخنازير!
     مع أن صاحب الحدائق ( رحمه الله ) يتكلم عن قسم خاص قليل جدا وهو من أُلقيت عليه الحجة وعلم بالحق وجحد ، وهذا ما بينه ( رحمه الله ) في مواضع من كلماته منها ما في الحدائق ج ١٤ص١٦٤، فقد قال (رحمه الله)  :  (أقول: والتحقيق المستفاد من أخبار أهل البيت (عليهم السلام) - كما أوضحناه بما لا مزيد عليه في كتاب الشهاب الثاقب - أن جميع المخالفين العارفين بالإمامة والمنكرين القول بها كلهم نصاب وكفار ومشركون ليس لهم في الاسلام ولا في أحكامه حظ ولا نصيب، وإنما المسلم منهم هو الغير العارف بالإمامة، وهم في الصدر الأول من زمان الأئمة (عليهم السلام) أكثر كثير، ويعبر عنهم في الأخبار بأهل الضلال وغير العارف والمستضعف. ..وبالجملة فإن المستفاد من الأخبار - كما أوضحناه في الكتاب المتقدم - أن الناس في زمنهم (عليهم السلام) ثلاثة أقسام: مؤمن وهو من أقر بالإمامة، وناصب كافر وهو من أنكرها، ومن لم يعرف ولم ينكر وهم أكثر الناس في ذلك الزمان، ويعبر عنه بالمستضعف والضال).
      فالشيخ ( رحمه الله ) يقصد بقوله : ( كفر المخالفين ونصبهم وشركهم وأن الكلب واليهودي خير منهم  وهذا مما لا يجامع الاسلام البتة فضلا عن العدالة)  خصوص الناصب ، والناصب عنده هو : (جميع المخالفين العارفين بالإمامة والمنكرين القول بها كلهم نصاب وكفار ومشركون ليس لهم في الاسلام ولا في أحكامه حظ ولا نصيب) ، فمن قامت عليه الحجة وجحد هو الناصب ، و يقابله  ( المسلم منهم هو الغير العارف بالإمامة، وهم في الصدر الأول من زمان الأئمة (عليهم السلام) أكثر كثير، ويعبر عنهم في الأخبار بأهل الضلال وغير العارف والمستضعف).
       هذا ما يقتضيه التأمل التام وبذل الجهد العلمي الدقيق في معرفة رأي الشيخ المحقق صاحب الحدائق ( رحمه الله) ، و لكن للأسف جاء كلام السيد الحيدري كأكثره في الفترة الاخيرة مبني على العجلة والتسرع والخبط.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=149178
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28