• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مطلوب ...صُحفي مجّاني .
                          • الكاتب : عبد الهادي البابي .

مطلوب ...صُحفي مجّاني

تفائل الكثير من الزملاء الصحفيين والإعلاميين بصدور قانون حماية الصحفيين الذي أقرّه مجلس النواب أخيراً ، رغم أن هذا القانون لايلبي إلاّ الحاجات الدنيا للصحفي العراقي الذي عانى الكثير من التهميش والأهمال والملاحقة والقتل والأقصاء والسجن ، وما تلك اللائحة التي أعدها التقرير السنوي الذي أصدرته اللجنة الخاصة بحقوق الصحفيين  في الأمم المتحدة إلا صورة مخيفة ومزرية عن تلك المأساة التي يعيشها الصحفي العراقي وهو يُستهدف يومياً من قبل الأرهاب وأعوانه  ومن قبل الجهات المفسدة التي عاثت في مؤسسات الدولة الفساد والخراب وحولتها إلى غنائم خاصة بها ، ولاتريد للحقيقة أن تظهر أمام الرأي العام ، فتسكته بكافة الوسائل ، وتضغط عليه بكل أمتداداتها الأخطبوطية ..!!
ولكن رغم النقائص والثغرات الكبيرة الواضحة في ذلك القانون إلا أن الصحفيين  العراقيين أستبشروا به خيراً ، وأعتبروه مثابة اللبنة الأولى في أساس بناء الديمقراطية الوليدة في العراق الجديد ، وهم ينتظرون - رغم معاناتهم- متى يستطيل هذا البناء ويتكامل بعضه على بعض، حتى يتنفسوا الصعداء ويستظلوا بظله الوارف ..ويفرحوا بيومهم الذي كانوا به يوعدون ..!!
ولكن المأساة الحقيقية التي يعيشها  الصحفي العراقي اليوم هي العلاقة المُذلة بين الصحفي وبين المؤسسة الإعلامية أو الصحيفة التي يكتب فيها يومياً أو أسبوعياً  أو شهرياً..!فهي علاقة (مهينة وصفيقة ومذلة)  بكل ماتعنيه هذه الكلمات يشعر بها الصحفي وكأنه لايتعامل مع مؤسسة فكرية وأجتماعية ، ولكنه يشعر بأنه يتعامل مع مجموعة من الأنتهازيين الذين يريدون العبور على جهوده ونشاطاته إلى حيث غاياتهم ومنافعهم الخاصة ..!!
ولأن أغلب هذه الصحف قد أعطت ذلك الصحفي (الأذن الطرشة)..متجاهلةً كل  جهوده ونشاطاته،  وكأن لهذه الصحف التي ترى نفسها بأنها تضاهي الواشنطن بوست أو النيويورك تايمز أو الليبراسيون ...كأن لها  (المنيّة والفضل واليد الطولى)  على ذلك الصحفي المسكين لأنها نشرت له مقالاته أو مواضيعه في صحيفتهم العتيدة دون مقابل ..!!وهم لايعلمون بأن فضاء النشر والكتابة أصبح له أكثر من منفذ ومجال ، فبمجرد أن يكتب الكاتب موضوعه فأن هناك عشرات المواقع الإلكترونية  تنشره له بالحال ودون تأخير ، وربما يجد من يقرأه في المواقع أكثر بعشرات بل مئات المرات من الذين يقررؤن له في الجرائد والصحف !  
والأكثر غرابة  في هذا الأمر أن هذه الصحف لاتتضامن ولاتتعاطف  مع الصحفي الذي كتب لها مئات المقالات ومدها بالمواضيع المهمة عدة سنوات دون مقابل على جهده ونشاطه ، ولاتسأل عنه في حال مرضه أو نكبته أو حاجته ، بل لايهمها ولايعنيها أبداً أين ذهب.. أم في أي واد سلك ..أم في أي أرض هلك !!!  
لقد حدثني أحد الزملاء الإعلاميين المجتهدين الذين يعملون في أحدى المؤسسات  الإعلامية لمدة طويلة بانه تعرض لحادث سيارة أقعده في البيت عدة أشهر ،فلم يزره أحد من قبل تلك المؤسسة وحتى أنهم لم يتصلوا تلفونياً على الأقل للأطمئنان على سلامته ، بل الأدهى والأمر من ذلك أنهم قاموا بتعيين شخص آخر حل مكانه ..ولم يسمحوا له بالعودة إلى العمل في تلك المؤسسة ..!!
هل تعلمون أيها الأخوة لماذا تتعامل هذه المؤسسات الإعلامية والصحف مع الصحفيين المساكين  بهذه الطريقة السمجة واللاأخلاقية ؟؟
لأنها مؤسسات وصحف قامت على الكذب والأحتيال وعلى إستغفال الغير والتعالي عليهم ، ولأنها بالنتيجة مؤسسات وصحف لاتمتلك من شرف المهنة شروى نقير !! 
وربما بعض الصحف والجرائد من تجد لها عذراً ومخرجاً من هذا الكلام وتقول : بأنها لم تبعث خلف  الصحفي ولم تتوسل به كي يكتب وينشر مواضيعه فيها ؟؟
ولعمري هذه هي الطامة الكبرى والرزية العظمى..فعندما يطالب الصحفيون بحقوقهم ..بل أقل حقوقهم وهو مجرد السؤال  من المؤسسة أو الصحيفة عن أحوال الصحفي وعن سبب غيبته أو أنقطاعه ، تصرخ تلك المؤسسات والصحف قائلة : ومن بعث عليهم (خط مصخم) لكي يكتبوا لنا وينشروا عندنا ..!!
لأنها صحف مخادعة تعيش على أتعاب وجهود من يقومّونها ويجعلون منها صحف ومؤسسات محترمة ، ولكنها في آخر المطاف  تلفضهم لفظ النوى في ساعة الشدة ، وترميهم خارج أسوارها ، لأن تعتقد أن المغفلين من الذين يرغبون أن ينشروا فيها مقالاتهم - حتى ولو كانت مواضيع ماصخة وتافهة - كُثر ..وهم موجودون في كل مكان وزمان  ، ولأنها قد أختطت لنفسها (السياسة المجانية )..فهي بلاشك لاتقبل في أسرتها إلا الصحفي المجاني ..فهي مؤسسات وصحف قامت على أصطياد عقول ونتاجات الآخرين في غفلة من الزمن ، وعندما ينتبه الصحفييون من غفلتهم ويطالبون بحقوقهم لايجدون منها - تلك المؤسسات والصحف - سوى نكران الجميل ، والتذرع بالأباطيل  ، لأنها آمنة من عدم وجود قانون واضح وصريح ينظم العلاقة بين الصحفي والمؤسسات الإعلامية ، ويبين ماعليه من الواجبات وماله من الحقوق !!..
ورغم أن الإعلامي المغبون يمتلك كل الخيارات في سبيل الحصول على حقوقه كاملة وذلك من خلال حمل أوراقه ومستمسكاته وكل مانشرته له تلك الصحف من مقالات ومواضيع يحمل أعدادها ويذهب بها إلى مرصد الحريات الصحفية ، وإلى منظمة الدفاع عن حقوق الصحفيين ، وإلى مركز حماية الصحفيين ، وإلى منظمات المجتمع المدني الأخرى وغيرها من المنظمات التي تعنى بالدفاع عن الصحفيين وذلك لتقديم شكوى للحصول على حقوقه ولأستعادة كرامته وشخصيته  ..ويستطيع الصحفي أن يفعل أكثر من ذلك ويذهب إلى أبعد من ذلك ..ولكنه يأمل أن تتعامل المؤسسات الإعلامية والصحف والمجلات مع الصحفي بأخلاق المهنة ، وأن لاتزدريه بهذا الشكل الظالم  ...وأهم جانب في هذه الأخلاق أن لاتزهد به يوماً من الأيام ..ولا تدير له ظهرها ...كما لوأنه لايمت لها بصلة ..وهي معجبة بقول الشاعر :
مازاد حنون في الإسلام خردلةً .......ولاالنصارى لهم شغلٌ بحنونِ..!
   كلا ...فأن الصحفي العراقي الشريف لاينبغي له أن يكون هكذا ..ولايمكن له أن يسمح لهذه المؤسسات الإعلامية والصحف - التي لاتنبت كلأً..ولاتمسك مطراً_ ..لايسمح لها أن تجعل منه حّنوناً آخر لاشغل لها به..أولايعنيها أمره !!
abdilhadialbabi@yahoo.com 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14918
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18