• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السعي في قضاء الحوائج من نعم الله ـ الجزء الثاني .
                          • الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي .

السعي في قضاء الحوائج من نعم الله ـ الجزء الثاني

كثيرة هي الحقائق الثابتة التي يحاول بعض المستفيدين من إنهيار المجتمع القفز عليها وتجاوزها ليبقى الناس حينا من الدهر (مكانك راوح)، محبطين متعبين مرهقين جرّاء تعسر الأمور وإشتداد المحن وقلة الناصر وانعدام المعين وإنحسار اعداد الذين يمشون في قضاء الحوائج وتنفيس الهموم وكشف الكربات، مع تأكيد الشارع المقدس على أهمية السعي في كشف كربة المؤمن. لا يخفى على السادة القرّاء المحترمين التوسل المشهور بأبي الفضل العباس عليه السلام:"يا كاشفَ الكرب عن وجه أخيك الحسين إكشفْ الكرب عن وجهي بحقِّ اخيك الحسين عليه السلام". فالعباس وأمه عليهما السلام بابان من أبواب الحوائج ومن قصدهما لا ينقلب عنهما إلاّ وقد نال مراده وقضى الله له حاجته. لقد وعدَ الحق سبحانه الذين ينفسون كربات المؤمنين في الضرّاء والمحن أجرا عظيما وخيرا عميما. عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "مَن أغاث أخاه المؤمن اللهفان اللهثان عند جهده فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته كتب الله عزوجل له بذلك ثنتين وسبعين رحمة من الله يعجل منها واحدة يصلح بها أمرمعيشته ويدخر له إحدى وسبعين رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله".

تعليق..

بالإضافة إلى هذه الرحمة الواسعة من لدن أرحم الراحمين عزوجل فهناك لطف إلهي آخر وهو الإرتياح النفسي والشعور بالسعادة الحقة. سألني أحد الأخوة الأعزاء عن تعريف السعادة؟ فقلت لجنابه الكريم: السعادة هي أن تكون سببا في إسعاد غيرك. قلْ لي كم أسعدت من الناس أقلْ لك كم أنت سعيد. قلنا هذا مقابل قولهم: قلْ لي كم تملك أقلْ لك كم أنت سعيد. يدورون في فلك المادة والمال ولا يهتمون إلاّ بأنفسهم وكأنّ لهم الخلد والبقاء أبد الآبدين. علما بأن اليوم الذي يمر على الظالم هو نفسه اليوم بساعاته ودقائقه يمر على المظلوم ثم يكون المئاب إلى الله الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون. أعمال  الخير كلها تورث الإرتياح النفسي وتشحن النفس بمزيد من الطاقة لمواصلة المشوارفي طريق المنهج الرباني القويم. قلت للأولاد يوما: سامحوا من أساء إليكم وأصفحوا بكل صدق. سألني أحدهم: ما معنى بكل صدق؟ قلت: سؤال مفيد حقا، بكل صدق أعني بها ان تمسحوا أثر الإساءة من قلوبكم بالمرّة فلا تتذكروا إلاّ حسنات ذلك المخلوق. تدريب النفس على السمو والرقي له تأثير إيجابي خفي ربما يغفل عنه بعض السادة الأكارم وهو أن الحقد والضغينة واللؤم والكراهية تولد توترا نفسيا وتشنجا عصبيا وتجعل المرء كئيبا عابسا حزينا مضطربا فهو لا يبرح يذكر تلك الإساءة ويتذكر ذلك المسيء بكرة وعشيا، قياما وقعودا، ماشيا وواقفا فيؤثر ذلك ـ حتما ـ سلبا على نفسيته ومزاجه وحتى على تصرفه وسلوكه وأخلاقه. قلْ لي بربك سيدي الكريم أية نفسية محطمة ستكون هذه، وأي مزاج عكر سقيم سيكون ذلك، لا يزداد هذا المسكين إلاّ تحطما وإنكسارا وتوترا إن لم ينتبه لحاله ويصلحه قبل فوات الأوان. عكس الذي يعفو ويصفح ويغفر ويسامح ويلتمس لأخيه العذر قبل ان يعتذر إليه، فإنه يشعر بتمام الراحة وينعم بالهدوء والسكينة فيزداد تألقا وإشراقا  فهو يشكر الله على أية حال فيجزيه الله خيرا "ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ".

مما لا ريب فيه ولا جدال ولا إلتباس أن عمل الخير والمعروف والإحسان وإشاعة الفضيلة في المجتمع لها آثارها العظيمة في توحيد الصفوف والقلوب وإضفاء الإبتسامة على شفاه المحرومين والفقراء والمساكين الذين شاءت الأقدار أن يعيشوا بين ظهراني المتخومين قساة القلوب عديمي الرحمة، وكما ذكرنا في الجزء الأول فإن إستمرار حال الهوان على هذا المنوال له نتائج كارثية ليس آخرها أن ترمي أم بولديها في نهر دجلة من على جسر عالٍ وسط بغداد. وقبلها في خزّان المياه, ولا ندري بعدها والأيام حبلى ما ذا يكون الوليدُ. قبل سبع سنوات كنت أراجع محكمة كربلاء المقدسة لإتمام بعض معاملات الأولاد فرأيت طابورا من النساء يقفن امام مكتب الكاتب بالعدل ـ على ما أظن ـ وحينما سألت عن أمرهن قيل لي إنهن يطلبن الطلاق والإنفصال والأسباب لا تخطر ببال احد وحدِّثْ ولا حرج. سألت إحداهن وكانت صغيرة بعمر إبنتي: لماذا يا عمو تطلبين الطلاق، هل بإمكاني ان أكون فاعلَ خير وأصلح بينكما لوجه الله تعالى؟ أجابت تلك المحترمة: ليست المشكلة يا عمو مع زوجي وانما المشكلة مع المجتمع فقد ورثنا الكثير من العادات الجاهلية السيئة التي تتحول يوما بعد آخر الى ممارسات وتصبح فيما بعد من السنن والأعراف وعلينا أن نتبعها وإلاّ فقد خرجنا عن سنّة الأولين وعادات السلف. كلام يحتاج واقعا إلى التأمل والمراجعة وإعادة جرد على لغة المحاسبين والإقتصاديين ومن يجيدون الحسبة ولغة الأرقام.

 ربما نشهد عملية هدم أوسع وأشمل مما هي عليه اليوم للصرح المعرفي والخلق النبيل ولكل ما مهّد له المصلحون الحقيقيون وحثوا الأجيال على الإستمرار ومواصلة الجد في العمل لإتمام بناء ذلك الصرح الشاخص الشامخ لمنظومة القيّم الأخلاقية الرفيعة وترسيخ قاعدة "خيرُ الناس مَنْ نفعَ الناس". سوف لن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام إذا بقينا ننظر ولا نرى، نكتب ولا نفعِّل، نسمع ولا نستمع، نحاضر ولا نحضر في الميدان ونقول الكثير ولا نعمل حتى القليل!!!

إقترحتُ على عدة مراكز إسلامية سابقا بأن نخصص مجلسا للسعي في قضاء حوائج المؤمنين والنظر في إحتياجاتهم المختلفة، لا أن ندعوا الناس لنتحدث إليهم وحسب. بل لنستمع لهم ونغي بإعتناء، بإعتناء تعني تنفيذ الطلبات التي بوسعنا القيام بها وحتى لو كانت كلمة طيبة تطرق مسامع من يكون بأمس إليها، بعض السادة المحترمين يحتاجون في واقع الأمر لكلمة طيبة يسمعونها منك أيها المحترم فلا تبخل بها عليهم ولا تستصغر قدرها وتاثيرها فللكلمة دورها في تخفيف المتاعب وإدخال السرور فــ"الكلمة الطيبة صدقة" لنستمع في مجالسنا ومؤسساتنا إلى أصحاب الحوائج لا أن ندعوهم ليستمعون ومن ثم تقدم لهم وجبة عشاء ثم نطفأ الضوء شاكريهم على حضورهم على أمل أن نلتقي بهم غدا وهكذا إلى يكون الأمر روتينيا مملا. لسنا أصحاب بضاعة كاسدة نبحث عن زبائن لتصريفها عليهم وبأسعار منافسة. نحن حملة مشاعل نور وهداية وأصحاب إرث ضخم وتاريخ، والمراكز الإسلامية وعموم المجالس هي مراكز إشعاع النور الحق والحقيقة وسط ظلام الباطل الضياع والتيه والتخبط. كنت شاهد عيانا وقتما عاتب رئيس إدارة احد المراكز الإسلامية ذلك الخطيب المحترم وقال له بالحرف الواحد: سيدنا الجليل نحن دعوناك لأن تحاضر عندنا الليلة والمحاضرة توجب عليك أخلاقيا أن تحضر قليلا بين الناس بعد إنتهاء المجلس فربما هناك من يسألك مسألة وآخر تكون لديه حاجة ويريدك ان ترشده للحل وثالث ربما يناقشك في بعض الأفكار. المجالس مدارس وليست سوق عكاظ!

 كما ذكرنا سابقا، البعض يحتاج إلى مَن يتكلم معه ويستمع إليه. لم أنسَ ذلك العالم العرفاني الذي كان بعد إنتهاء محاضرته يجلس طويلا في مكانه فيلتف حوله الناس كل يسأله مسألته وان كان فيهم طالب حاجه يوسطه لقضائها او يساعده ان استطاع لإنجازها، إن صادف ووقع نظر ذلك العالم الجليل على بعض الحاضرين وهم يجلسون بعيدا عنه فإنه يناديهم للإنضمام للحلقة ويقول لهم: ليس هناك حديثا خاصا وبجلوسكم معنا نزداد نورا وإشراقا أيها الأحبة، ثم يقول للجميع: من كانت عنده حاجة ويتحرج من قولها علنا فليكتبها في قصاصة ويكون خيرا ان شاء الله تعالى.

الفرق بيّن وجلي ولا يخفى على ذي لُبّ بين الصالح الذي يهتم بإصلاح نفسه  وحسب وبين  المصلح الذي  يتألم لحال الأمة ويجد ويجتهد ويجود بماله ووقته وراحته من أجل أن ينهض المجتمع ويستعيد عافيته ويقف أفراده على ارض صلبه لا تسيخ بهم عند الهزائز. البنيان المشيد على الحصيرة او الفرشة الخرسانية المسلحة يكون أكثر مقاومة للعوامل الطبيعية من البناء الخاوي الذي لم يشرف عليه مهندسون ناجحون متألقون، كذلك مجتمع الفضيلة والخلق النبيل لاتهزه أعتى الرياح شرقية كانت او غربية، دائمة كانت أو موسمية تتأثر بعوامل الضغط الجوي. من الحقائق الثابتة التي أشرنا إليها قبل قليل هي انه من المحال إصلاح المؤسسات  قبل إصلاح الأسس. فما فائدة أن نستبدل مدير المدرسة كل فصل ويبقى المنهج الدراسي فاسدا، فلو أتينا بكل المدراء لم يتمكنوا من المضي قدما لانهم مكبلون بمنهج فاسد وفاشل " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ".

من تلك الأخلاق والمفاهيم التي لها بالغ الأثر في تنظيف المجتمع من اوساخ الإحتكار والأنانية وإشاعة البغض والشحناء والكره الأعمى والحقد الأسود، هو خلق المشي في قضاء الحوائج وتذليل الصعاب وتيسير الأمور لمن هو في شدة أو ضنك او غيرهما من أمور الحياة والتي تعيق حركته في المجتمع بشكل طبيعي وانسيابي، لئلا يشعر ذلك الإنسان بأنه يختلف عمن يشاركه الخلق والآدمية. حثّ جميع الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين والعلماء والمؤمنين والعقلاء والمنصفين على السعي في قضاء الحوائج وان يتحلى الناس بهذا الخلق الكريم لما له من فوائد عظيمة ومنافع شتى مباشرة وغير مباشرة، معنوية وحسيّة وأولها وأهمها إزدهار المجتمع ورقية وتقدمه. تصوّر سيدي الكريم مجتمعا الكل فيه يذوب في الكل. الكل يشعر بالجوع إن جاع جاره، الكل يشعر بالمسؤولية ويبادر قبل أن يُطلب منه وهذا هو عين الجود والكرم" الجود ما كان إبتداء". الكثير والعديد من الأحاديث والأقوال والأخبار التي تحث على السعي في قضاء الحوائج وتنذر بأن المهمل المقصر والمتهاون في هذا الأمر يناله البعد عن الله عزوجل، ومن كان بعيدا عن الحق سبحانه فهل ينفعه أقرب الأقربين منه نسبا وصهرا. نكرر دائما بأن اعمال الخير يثاب عليها المرء وينال اجره من الله تعالى وله نصيب منها. أيها السيد الكريم.. دعوة لأخيك المؤمن بظهر الغيب يكن لك مثلها أو مثليها، مجرد دعوة، لكنها دعوة صادقة تخرج من القلب ولا تشوبها شائبة من رياء أو سمعة او خيلاء. الدعوة للمؤمن بظهر الغيب لها ما لها من الثمار والفوائد، فكيف الحال في السعي لقضاء الحوائج فربما يتطلب ذلك الرواح والمجيء والسهر والأرق وبذل المال وصرف الوقت وربما السفر وترك العيال. بلا شك سيصيبك من إحسانك وعملك الصالح ما تقرّ به العيون وتسر له القلوب وتطمئن له النفوس " مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا". فمن الشفاعة هو التوسط للغير ومساعدتهم لجلب الخير والسرور أو لدفع الضرر والشرور، فربما أفلحت الشفاعة يوما في النجاة من المخاطر

والمهالك. وهنا ساتوقف قليلا عند الشفاعة:

الشفاعة بين الناس..

عجبت لمن يقول بالشفاعة بين الناس لقضاء حوائجهم ونيل طلباتهم وينكرها على نبي الرحمة وإمامها لشفاعته لأمته والنجاة من ذلك اليوم الخطير حقا والمخيف، يوم يقوم الناس لربّ العالمين. لا أفهم ولا أعرف ما معنى ان شفاعة الحبيب المصطفى وآله النجباء موضع نقاش وجدال، وشفاعة غيرهم مسلّم بها وصحيحة ( وليش يابه يعني؟؟؟). والحق سبحانه وتعالى يقول: " يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ" سوف لن اخوض في التفسير لأنه ليس من إختصاصي، المهم أن هناك من يشفع عند الله يوم القيامة سواء كانوا ملائكة أو رسلا أو أئمة حق هداة بررة صلوات الله عليهم أجمعين.

بشرى إلى الذين يقضون حوائج الناس..

ما أعظم أن ينال الساعي في قضاء الحوائج منزلة القرب من الله تعالى وان يكون ممن احبهم الحق سبحانه وفازوا برضوانه. عن رسول الله ص: " أحب الناس لله أنفعهم للناس". لقد ألفت منظرا جميلا ورائعا منذ الصغر وهو أن بعض الأخيار ممن لديهم سيارات كانوا عندما يمرون بموقف الحافلات وسيارات الأجرة وخاصة وقت الظهيرة من أيام الصيف فأنهم يتوفقون هناك ويدعون الناس لإيصالهم الى بيوتهم دون مقابل. الواقع هو دون مقابل مادي لكن المقابل هو ( دسم جدا) فالله سبحانه ان تقبل العمل فسيكون المقابل مذهلا حقا. سالت أحدهم وعلى براءة الطفولة وقتها: لماذا يا حجي تتوقف وتركّب الناس بلاش؟

فقال لي: لا عمي مو بلاش، هاي وراها ان شاء الله الجنة ودعوات هؤلاء لي.

آخر سألته نفس السؤال؟

فأجاب: أستحي من الله أن أمرّ أمام هؤلاء الناس وانا اركب السيارة وهم ينتظرون في هذا الجو الشديد السخونة. أيها السيد المحترم كنْ مباركا أينما كنت فلن تخسر ولن يفوتك شيئا. ألم ترَ معي أيها المحترم أن الله أكرم المباركين في كتابه العزيز وخصهم بالذكر. عن الإمام الصادق عليه السلام ـ في قوله تعالى: " وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ" ـ : نفّاعا.

وعنه عليه السلام: "مَن كان في حاجة أخيه المؤمن المسلم كان الله في حاجته ما كان في حاجة أخيه". هل كان الله في حاجته أمر بسيط حتى نزهد فيه أيها السادة الأكارم!!!

وإنذار للمتهاونين والممتنعين عن قضاء الحوائج..

لأن ذلك يؤسس لمجتمع أناني مريض وبغيض تنهار فيه منظومة القيّم الأخلاقية الرفيعة تباعا وتفكك حلقات الأخوة والإلفة والمحبة والإحترام واحدة تلو أخرى ولربما إمتدت لسنوات علمها عند ربي تعالى. الإمتناع عن قضاء الحاجة مع التمكن والإستطاعة هو نوع من أنواع الإعراض عن نعمة كبيرة من نعم المولى سبحانه خص بها ذلك العبد الذي كفر بها كفرانا ولم يشكرها، ونآى بجانبه عنها مستكبرا مستغنيا وناسيا " يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (*) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (*) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ".

قال رسول الله ص : "مَن بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته أبتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر".

وعن الإمام الكاظم عليه السلام:

" من أتاهُ أخوهُ المؤمن في حاجةٍ فإنّما هي رحمةٌ من الله - تباركَ وتعالى- ساقها إليه فإن قَبِل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصولٌ بولاية الله وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط الله عليه شُجاعاً من نارٍ ينهشهُ في قبرهِ إلى يوم القيامةِ، مغفوراً له أو معذّباً، فإن عذره الطالب كان أسوأ حالاً".

وعن الإمام الصادق عليه السلام:

"أيما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة وهو يقدر على قضائها فمنعه إياه، عيَّره الله يوم القيامة تعييرا شديدا، وقال له : أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاءها في يدك فمنعته إياها زهدا منك في ثوابها، وعزتي وجلالي لا أنظر إليك اليوم في حاجة معذبا كنت أو مغفورا لك".

الحاجة إلى شرار الخلق..

إيّاك أن تطلب حاجتك أيها المحترم من لئيم منّاع للخير ليس من أهل المعروف ولا من الموفقين لتلك النعمة الإلهية العظيمة بل جاء في الخبر "فوات الحاجة خير من طلبها من غير أهلها".

قال الإمام علي عليه السلام:

قلت : اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال رسول الله ص : يا علي ! لا تقولن هكذا، فليس من أحد إلاّ هو محتاج إلى الناس قال : فقلت : يا رسول الله فما أقول ؟ قال : قل : اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك.

قلت : يا رسول الله مَن شرار خلقه ؟

قال : الذين إذا أعطوا منوا وإذا منعوا عابوا.

 

نسأل الله العافية




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=149264
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 10 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18