• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حياة الزهراء بعد أبيها ، أهمّ تأريخٍ في الإسلام / ٢ .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

حياة الزهراء بعد أبيها ، أهمّ تأريخٍ في الإسلام / ٢

اتصفت حياة الزهراء ع في الفترة الواقعة بين وفاة النبي ص وآله ووفاتها عليها السلام والتي لا تتجاوز ال ٩٥ يوماً في أقصى مدة محتملة ( ٢٨ صفر - ٣ جمادى الاخرة ) بصفتين واضحتين لمن قرأ هذه الفترة من حياتها الشريفة قراءةً تحليلية ، وهما : الحزن الشديد والرفض القاطع .

أما الحزن ، فقد حزنت سلام الله عليها حزناً كبيراً على فقد أبيها صلوات الله عليه وبكت بكاءً كثيراً حتى عُدّت من البكائين وحتى اشتكى منها اهل المدينة لعلي عليه السلام مما اضطرّ الإمام الى ان يجعل لها بيتاً للأحزان بعيداً عن أسماع أهل المدينة .. فهي المخاطبة قبر أبيها :

فلأجعلن الحــزن بعــــــدك مؤنسي
ولأجعلن الدمـــــــع فــــيك وِشاحيا

وأما الرفض ، فقد رفضت عليها السلام خلافة ابي بكر لأبيها رفضاً قاطعاً واعترضت على ما آلت اليه أمور المسلمين وإعراضهم عن وصية أبيها وانحرافهم عن خط السماء .. أمرت بالمعروف ونهت عن الجريمة الكبرى التي اقترفها القوم ولم تألوا جهداً في ذلك ، فنسمعها تقول :

" .. ويحهم أنّى زعزعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين ، والطبين بأمور الدنيا والدين ؟! ( أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) . وما الذي نقموا من أبي الحسن .. نقموا والله منه نكير سيفه ، وقلّة مبالاته لحتفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله ، وتالله لو مالوا عن المحجّة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة ، لردّهم إليها ، وحملهم عليها ، ولسار بهم سيراً سجحاً لا يكلم حشاشه ، ولا يكلّ سائره ، ولا يملّ راكبه ، ولأوردهم منهلاً نميراً ، صافي روي ، تطفح ضفتاه ، ولا يترنق جانباه .. الى اخر كلامها صلوات الله عليها .." .

لم تنفصل العاطفة عند الزهراء عليها السلام والمتمثلة بحزنها الشديد على أبيها عن وظيفتها الإيمانية والرسالية في رفض الباطل ووعي خطورة المرحلة التي يمر بها الإسلام وعظم الجريمة التي أُرتكبت . فلقد وجّهت كلتا الصفتين بإتجاه ترسيم ملامح سور جديد يُحيط بمساحة الإسلام المحمدي الأصيل ويُفصله عن تلك السلسلة المتوالية من الانقلابات التي استشرفها القرآن الكريم من قبل ، قطب هذه المساحة هو بعلها وخليفة أبيها أمير المؤمنين عليه السلام ، دافعت عن نقاء وحصانة هذه البقعة الطاهرة من الأسلام بكل وجودها وجعلتها تتسع لكل المسلمين بعد أن اعطتهم الرمز السحري للإنضمام ، هذا الرمز هو ذلك الشعار والقانون الذي رفعته وجعلته حلّاً لكل مشكلة وقعت : " طَاعَتَنَا نِظَاماً لِلْمِلَّةِ وَ إِمَامَتَنَا أَمَاناً لِلْفُرْقَة " ، بهذه المسؤولية الكبيرة نهضت الزهراء ع في هذه الفترة القصيرة وأجادت أدائها بكل قوة وأمانة ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=150794
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 12 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28