• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حياة الزهراء بعد أبيها ، أهمّ تأريخٍ في الإسلام / ٤ .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

حياة الزهراء بعد أبيها ، أهمّ تأريخٍ في الإسلام / ٤

لا ندرس التأريخ من أجل التأريخ نفسه بقدر ما ندرسه كعلم يُنتزع من أحداثه حقائق مطلقة تتجرد عن عامل الزمان والمكان ، وتنأى بنفسها عن الجزئيات لتكون عبارة عن مفاهيم كلية لا تنتمي الى طرف دون طرف الا بقدر المصداق والالتزام ..

وتأريخ فدك هو تابع لهذه الفلسفة المتوخاة من دراسة التأريخ عموما ، فرمزيتها كبيرة وترقى لأن تكون شاهداً مصدّقاً لحقٍّ مهتضم وخلافةٍ مغتصبة وفقهٍ مُخالَف وقرآنٍ مهجور في الإسلام ..! عندما نقول فدكاً فإننا نختصر كل مصائب الإسلام ونختزل كل آثار النفاق بعد رسول الله ص وآله ..

ليست فدك تلك البقعة الغنية بماءها وزرعها والتي تبتعد عن المدينة المنورة بما يقارب ال ١٤٠ كم وقد تنازل عنها اليهود للمسلمين بعد هزيمتهم في خيبر كجزء من ثمن شراء سلامتهم ، وأنها بهذا الأسلوب الاستحواذي تكون تحت تصرف النبي يهبها لمن يريد على خلاف ما لو تم الاستحواذ عليها بخيل أو ركاب - في تفصيل فقهي ليس هنا محله - .. وانما فدك هي تلك القشّة التي كانت ولا زالت قاصمة لظهر الباطل وأهله لمن بحث عن الحق بكل وعي وضمير ..

رمزية فدك أصبحت لأهل البيت ع واتباعهم أهم من فدك التاريخية ذات الزمان والمكان المحددين ، ولهذا لم يسع أهل البيت بعد ذلك لاسترجاعها وحتى عندما آلت الخلافة لأمير المؤمنين ع ، فنراه يقول عنها عليه السلام [ بَلَى ! كَانَتْ في أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّماءُ ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْم ، وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ ، وَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ ، وَمَا أَصْنَعُ بِفَدَك وَغَيْرِ فَدَك ، وَالنَّفْسُ مَظَانُّهَا فِي غَد جَدَثٌ ، تَنْقَطِعُ فِي ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا ، وَتَغِيبُ أَخْبَارُهَا .. ] .

ومن بليغ ما ورد في علل الشرائع : عن أبي بصير ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، قال : قلت له : لِم لَم يأخذ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فدكاً لمّا ولي الناس ، ولأيّ علّة تركها ..؟ .. فقال : لأنّ الظالم والمظلوم قد كانا قدما على الله عزّ وجل ، وأثاب الله المظلوم ، وعاقب الظالم ، فكره أن يسترجع شيئاً قد عاقب الله عليه غاصبه ، وأثاب عليه المغصوب .

وبنفس المصدر ايضا : عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) قال : سألته عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لِم لَم يسترجع فدكاً لمّا ولي الناس ؟ فقال : لأنّا أهل بيت لا نأخذ حقوقنا ممّن ظلمنا ، إلّا هو ـ يعني إلّا الله ـ ونحن أولياء المؤمنين، إنّما نحكم لهم ، ونأخذ حقوقهم ممّن ظلمهم ، ولا نأخذ لأنفسنا .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=150899
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 12 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29