موعظة ووصية للقديس مار افرام السرياني الذي عاش قبل الاسلام بحدود ثلاثة قرون اذ ولد سنة ٣٠٦ وتوفى سنة ٣٧٣ م. وهي تتعلق بالذين يعظمون الموتى من العلماء والصالحين بحيث يكون هذا الصالح او العالم هو إمامه وربه الذي يتبعه ويترك إمامه المنتظر الذي سعى هذا الصالح للتمهيد له فيترك الامام ويرفع المأموم فوق الامام ومن ثم يترك الله ولا يلتفت الى تعاليمه ووصاياه فكأنه بمجرد انه يحب هذا العالم او هذا الصالح يكفي في نجاته وخلاصه امام الله ولا يعلم ان من يتمسك به هو بحاجة الى الطاف امام الزمان الموصل الى رضا الله سبحانه، ولن تنفعه احجار قبر هذا العالم ما لم يكن قد وجه نظره الى طاعة الله وطاعة امام الزمان فحسب. فيقول القديس افرام في موعظته وهو من اكابر العلماء قبل الاسلام.
"إياكم يا تلاميذي أن تدفنوني تحت المذبح أو في الهيكل،
إن تجرَّأ أحدٌ فوضعني تحت المذبح فلا يشاهدنَّ المذبح السماوي؛ لأنه لا يليق بالدُّود الَّذي أَفْرَز عفنًا أن يُوضع في هيكل الرب المقدَّس،
ولا تضعوني في أي مكان آخر من هيكل الله.....
انتبِهوا أيُّها الأخوة ألَّا تصنعوا قبرًا لذِكرَى رفاتي، لأن عندكم ما تَذكرون، ألَا وهو وصيَّة الله مُخلِّصنا فتحفظونها إلى أن يجيء.
لماذا تُفكِّرون مُتعَبين بثقلٍ لا يُحتمل؟ إنِّي لا أُريد أن يعرف العالم أين أُدفنُ، لست أفضلُ من الرِّجال الأبرار منذ الدَّهر، وإلَّا سوف يعاتبني الرب قائلًا:
"يا أفرام، لقد تبعك النَّاس أكثر منِّي، إن أرادوا إنشاء قبرٍ خاصٍّ بكَ فلربما لن يتَّبِعوا وصاياي الّتي تركتها لهم؛ لأنهم يُفضِّلون ذِكرك عليَّ".
لذا أرجوكم أيها الأحبَّاء أن تُفضِّلوا تعليم المسيح؛ فلا تضعوني مع القديسين، لأني خاطيءٌ وهزيل وأخشى أن أقترب منهم مصحوبًا بحقارتي وجهالتي.....
لا تستخدموا المواكب والمظاهر في جنازتي، بل احملوني على الأكتاف وادفنوني كحقيرٍ مَخزيٍّ ....
مَن يَضع في جنازتي ثوبًا فاخرًا يُرَ في الظلمة الخارجيَّة، ومن يُطَيِّبُني يُلْقَ في نار جهنَّم.
ادفنوني بقميصي وجُبَّتي، بلُباسي الاعتيادي؛ لأن الزينة لا تليق بالخاطئ المملوء دودًا وعَفَنًا.....
أيُّها الَّذين في مصفِّ الآباء والأبناء والأخوة والتلاميذ، أيُّها الرجال الساكنون مدينة الرُّها، احملوا إليَّ أثمار صلاحكم وبِرّكم، أي ما نويتم أن تُكرِّسوه مدى الدَّهر تخليدًا لذكركم، وأنا أسْتَلِمُه أمانةً أشتري بها إناءً ثمينًا، وأستأجِرُ عُمَّالًا يَلِيقُونَ برغبتكم المثمرة، أَعنِي الفقراء والأيتام، الأرامل والمُعوَزين، الَّذين لا سقف لهم والجائعين، المساكين كلهم حتى يصير ذِكْرُ خلاصكم كاملًا في بلدة الأحياء، هذا كله سوف يَؤُول لخلاصكم من جهة، ويُعتبَر أجرًا طَوعيًّا لي من جهة أخرى بسبب مشورتي، الأجر الحاصل بالأعمال شئٌ والأجر بالأقوال شئٌ آخر؛ هذا" لأن العطاء مغبوطٌ أكثر من الأخذ" كما يقول الرب"
مقتطفات من كتاب
القديس أفرام السرياني
(مختارات نُسكيَّة وزهديَّة) ص ص 30، 31، 32
|