• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اللغة العربية وحضارة الكلمة .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

اللغة العربية وحضارة الكلمة

 الحديث عن الحضارات هو حديث قديم متجدد ولا زالت موضع افتخار الأمم وعلى اطلالها تسعى الى بناء المستقبل ..

ولكل حضارة ما يميزها عن الحضارات الأخرى ، تارة تتميز بالبناء والقوة كالفرعونية وتارة بالفكر والفلسفة كاليونانية وثالثة ببعض الاختراعات الحرفية كالسومرية وهكذا ..

وكذا الديانات السماوية ، فلكل ديانة أدلتها ومعاجزها الخاصة التي تثبت بها هويتها ، فهذه الديانة تفتخر ان نبيّها قد فلق الله له البحر ، وتلك تقول ان نبيها يحيي الموتى .. وهكذا ايضا ..

ولكن لا نجد أمة وديانة استطاعت ان تؤسس حضارتها وتبني مجدها وترسّخ وجودها وتؤمّن مستقبلها وتمتد لتلتهم حضارات وديانات قائمة كبيرة في الجوار منها وموعودة ببسط يدها على جميع حضارات وديانات المعمورة كل ذلك اعتماداً على لغتها ولسانها كالأمتين العربية والاسلامية ، فاللغة العربية هي الأساس والمنطلق الذي كانت العرب قبل الإسلام تتطاول به مع باقي الأمم وجاء الإسلام ليؤكد ذلك ويستند على هذه اللغة وينطلق منها في إثبات وجوده وتحقيق أهدافه وغاياته والتي هي غاية الغايات باعتباره خاتم الديانات ، فلا زالت هذه اللغة هي مادة وجود هاتين الأمتين وسبب بقاءها وتطورها في مختلف نواحي ذلك الوجود والتطور ..

فاللغة العربية على حقيقتها ليست كسائر اللغات الأخرى التي لاتعدو كونها أداة تفاهم ووسيلة مخاطبة وتعبير فقط ، وإنما في هذه اللغة أسرار وخصائص أعظم وأكبر من ذلك بكثير وأنها بحروفها وحركات اعرابها وقواعد نظمها وتأليفها تستطيع أن تتحوّل إلى قوى مختلفة وفتاكة ، تستطيع أن تجعل من كلمتها شفاء ودواء ، وكذلك تصلح لمن يجيدها أن يحوّلها إلى سلاح وبلاء ، هي أم العلوم وقالب الشريعة ..

وللأسف فقدنا كل ذلك بعد أن ابتعدنا عن نعمة اللغة العربية وجمالها وخزائنها الثرية ولم تعد ثروة كما كانت لأسلافنا العرب الذين استخرجوا منها ما هو أغلى من الذهب والماس ، خسرنا طاقاتها وهدرنا ثرواتها للأسف ، ولو رجعنا الى شهادات أكابر علماء وأعيان الأمة لعرفنا ذلك جليا :

فهذا الشافعي يقول : من نظر في النَّحو ، رقَّ ، ويقول ايضاً : من تبحَّرَ في النحوِ اهتدى إلى كلِّ العلوم ..

بل اكثر من هذا ، فلقد أُمرنا بالحفاظ على هذه اللغة واستثمارها من قبل رسول الله وأهل بيته الاطهار عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم .

إذ روى أبـو الدرداء عن رسول الله أنه قال (( أرشدوا أخاكم فقد ضَلَّ )) لأنه سمع رجلًا يلحن بحضرته ، وروي عنه صلوات الله عليه أنه قال : (( جمال الرجل فصاحة لسانه )) ، وأنه قال ( ص ) : (( رحم الله امرءاً أصلح لسانه ))
..
ويكفي فخراً لهذه اللغة أنها أستطاعت أن تكون وعاءً للقرآن الكريم وبشكل تؤدي كل خصائصه ومعاجزه وكراماته ، قال تعالى ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) فبها نجد أن القرآن الكريم فيه كل شيء قال تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) ، وبها نجد القرآن الكريم فيه شفاء للناس قال تعالى ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) ، وفيه الهدى والنور وخير الدنيا والآخره ..

فلغتنا هويتنا وبها شخصيتنا وعليها مدار حضارتنا .. فلنعطها شيئاً من اهتمامنا ولنجعلها في قائمة أولوياتنا ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=151638
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 01 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19