الفضائل والصفات الحميدة ، إن لم تكن طبعاً ومَلَكةً يجدها الإنسان في نفسه ويتصف بها من غير قصد أو تكلّف ، فيمكن بل ينبغي أن تكون قراراً يتخذه الشخص وفرضاً يوجبه على نفسه حتى تصبح فيما بعد بدرجة الطبع والمَلَكة ، لأن العادة طبع ثان كما ورد عن الإمام علي (ع) ، وعنه عليه السلام ايضا : ( تخير لنفسك من كل خلق أحسنه ، فإن الخير عادة ، تجنب من كل خلق أسوأه ، وجاهد نفسك على تجنبه ، فإن الشر لجاجة ) ميزان الحكمة ٢٩٩٨ .

وهذا ما نجده في الرياضات والبرامج التي يتبعها الأخلاقيون مع أنفسهم من أجل تهذيبها والارتقاء بها ، ومن أجل التخلّي عن السيء والقبيح من الصفات والتحلّي بجميلها وحَسَنها ، ولعل أسلوب المشارطة والمراقبة والمحاسبة من أهم ما نقصده هنا ..

ومن كلام للسيد الشهيد الثاني قدس سره ، سمعته منه في إحدى تسجيلاته الصوتية - على ما أتذكر - ، يقول : اتخذت قراراً مع نفسي ذات مرة أن لا اتشائم ابداً مهمّا صادفت من أحداث او حالات تنذر بسوء او قبح ( انقل هنا بالمعنى لا بالنص ) ، فيقول وأنا خارج من مرقد امير المؤمنين ع صادفتني سيارة مسكوفج ( احدى السيارات المتواضعة في وقتها ) وفي حالة يرثى لها .. يقول - رضوان الله عليه - تطيّرت منها ( تشائمت ) ..!! ثم تذكرت اني على عهد مع نفسي ان لا اتشائم .. فاستغفرت ومضيت .. وما إن وصلت الى البيت فوجئت بخبر وفاة والدتي - رحمها الله - ..

اذن ، كثير من السجايا الأخلاقية الحميدة والحسنة ، سواء كانت متعلقة بالشخص نفسه ، او كانت لها انعكاسات وآثار اجتماعية .. نستطيع أن نكسبها بقرار وعزم ومرابطة وصبر وتحمّل .. لفترة معينة - وقصيرة بعداد معدل عمر الإنسان - .

محل الشاهد هو : لنتعلم من الاخلاقيين هذا الدرس ، وهو إن لم تكن الصفات الحميدة من طباعنا فلتكن من قراراتنا .. وكم تعجبني العبارة والحكمة التي تقول : ( لا تفكر بالنجاح ، فكر بعادة ناجحة ) . فالنجاح قد يكون مرةً واحدة ، بينما انت تحتفل بالعادة الناجحة في كل يوم ..