( 1 )
في البداية اقدم جزيل شكري وامتناني للاستاذة الفاضلة الاديبة سنية عبد عون رشو لاهدائها لي نسخة من كتابها ( غرّيد القصب ) ، وهذا ان دلّ على شئ انما يدل على اصالتها ومعروفها وطيبتها وتقديرها العالي ، فالف شكر للاخت سنية على هديتها القيمة هذه واستأذنها لاقوم بجولة سياحية الى عوالم بعض قصصهها الشيقة والرائعة فهي قصص قصيرة في حجمها وشكلها ، لكنها كبيرة برسالتها ومعانيها وصورها وهنا اتقدم بالتهنئة للاستاذة القديرة سنية بهذا الانجاز الكبير الذي يليق بها ، قراءة قصص الاديبة سنية بالنسبة لي سياحة الى عوالم متنوعة أجد فيها المتعة والفائدة وهذا هدف كل سائح ، فأنا مع الدكتور الفاضل ( عبد الرضا علي ) عندما يقول عن قصص الاديبة سنية :(( ادعوك ايها القارئ الذكي لأن تشاركني هذه العوالم المدهشة التي تحقق لك المتعة في القراءة الجادة بأمتياز )) .
انا اتفق مع الدكتور عبد الرضا في رأيه،بأن قصص الاديبة سنية عوالم مدهشة وكل قصة هي عالم قائم بذاته،فالقارئ ليس في عالم واحد بل في عوالم ، وهي حقا مدهشة وتجلب المتعة للقارئ الكريم ، لكني اضيف بما اني سائح انشد السفر الى هذه العوالم فانا اطلب المتعة واضيف اليها الفائدة ، ومن خلال اطلاعي السريع على المجموعة القصصية للاديبة سنية ، تأكد لي اني ساجد المتعة والفائدة ، عليه فاني ذاهب وعلى مراحل في جولة سياحية في عوالم قصص الاديبة الرائعة الاخت سنية ، حيث المتعة والفائدة ، والتجارب الحياتية القاسية،اضافة للخبرة العميقة،والصور الرائعة ، بالنسبة لي انها عبرة وحكمة ، فانا محتاج الى هذه التجارب والخبرات والصور الرائعة والنماذج الاجتماعية التي هي تجارب سنين طويلة ، ومن خلال نظرة عامة وغير تفصيلية ، قصص ( غرّيد القصب ) رائعة بشكل عام لكن لا بد من التوغل في بيوت وازقة وحدائق عوالم الاديبة سنية عبد عون رشو، لتتم الفائدة والمتعة ، هذا هو رأيي اذن انا في سياحة حقيقية الى ( غرّيد القصب ) ،وساذهب الى الاهداء في سياحتي الاولى :
الاهداء
لكن . . . . السدرة كانت تعرفه
الى روحه المطمئنة
أهدي مجموعتي القصصية هذه
بداية الاهداء ( لكن السدرة كانت تعرفه ) هو عنوان لاحدى قصص الكتاب ، اختيار عنوان هذه القصة بداية للاهداء ، لابد من وجود خصوصية ، انا عندما اسيح واعيش في عوالم قصص الاخت سنية الاديبة البارعة ، انما اتحدث عن ايحاءات عوالم هذه القصص في نفسي ، وليس بالضرورة ان تكون استيحاءاتي متطابقة مع استيحاءات وخواطر ومرامي الاديبة سنية، وهذه القاعدة حسب قناعتي تنطبق مع انتاج أي اديب اخر ، لان انتاج أي فنان اواديب عندما يخرج من روح الاديب اوالفنان ، انما يدخل في ارواح واستيحاءات جديدة ، وفي رأيي ان المنتَج ان لم يكن كذلك فأنه لن يعيش طويلا ، وان الاعمال الخالدة التي تعيش في كل عصر كونها تعطي ايحاءات جديدة لانسان ذلك العصر المعاش ، وهذا في رأيي هو سر الخلود لبعض الاعمال الفنية اذ يستوحي المتلقي معطيات جديدة ، قد تكون متطابقة اومتقاربة مع معطيات الفنان او الاديب ، وقد تكون مختلفة بل متقاطعة في بعض الاحيان لان المفاهيم تتغير بتغير الزمان والمكان ، وكذلك الحاجات .
وقفتُ عند الاهداء، جذبني ، ودفعني للتفكر ، وفكرت فتأثرت ، كلمات قليلة ، لكنها كبيرة في معانيها ورمزيتها،اقرأمن خلال كلمات الاهداء القليلة طقوس الموت واقرأ روح الايمان عند من اهدت الاديبة اليه مجموعتها القصصية ، من خلال الاهداء اقرأ مقدار تأثر القاصة باحداث ووقائع قصة ( لكن السدرة كانت تعرفه ) ، حسب تقديري انها احداث حقيقية ، وليست من نسج خيال الاديبة البارعة سنية ، صاغتها بأسلوبها الادبي الرائع،واخرجتها لنا في هذه القصة القصيرة المعبرة والمؤثرة لست الان بصدد الحديث عن القصة بل عن الاهداء ، كلمات الاهداء تفوح برائحة الايمان للشخص الذي اهديت له هذه الكلمات،كذلك الرمز المستخدم فيه له علاقة بعالم الموت وشعائره وطقوسه نحن كمسلمين،السدرة كرمز تحتل مكانة مقدسة في طقوس الموت عندنا ، الاهداء مكون من سبع كلمات مضغوطة،لكن معانيها كبيرة ومعبرة عن الالم والتأثر ، وعدم نسيان الفقيد ، الكلمات قليلة لكن المعاني واسعة وكبيرة .
السدرة هي شجرة ( النبق ) وهي مقدسة في تراثنا،وترتبط رمزيتها بالموت ومراسيم الدفن ، شجرة النبق ( السدرة ) بسبب ارتباطها بطقوس الموت فهي موضع احترام وخشية من الناس ،ويسمونها (العلوية ) في الموروث الشعبي ، لا احد يستطيع ان يتعرض لها او يقطعها، من يجرؤ على قطعها عليه ان يدفع فدية او ربما يموت هكذا تتحدث الحكايات الشعبية ،لا يقطع السدرة او يقلعها الا ( السيد ) الذي يعود بنسبه لرسول الله ( ص ) ، حينئذ لا تنتقم منه السدرة اكراما لجده رسول الله (ص) ، هذه الحكايات الشعبية المتوارثة ،هي من اساطير الموت ، السدرة كانت تعرف من اهدت الاديبة اليه قصصها ، لابد وانه على موعد معها وكانت السدرة تترقب قدومه ، وانه يرتبط بذكريات روحية مع السدرة لذا فهي تعرفه استقبلته لكن للاسف كان الاستقبال الاخير والنهائي لانه في طريقه للانتقال للعالم الاخر ، الشخص الذي استقبلته السدرة يحمل نفسا مؤمنة بالله تعالى وبالاخرة وبقدره واحقية الموت ،انه من النفوس المؤمنة لهذا السبب ربما استقبلته السدرة ، واسباب غيرها لا يعلم بها الا الله تعالى ، استوحينا روح الايمان عند من اهديت له المجموعة القصصية من عبارة(الى روحه المطمئنة) ولا تكون الروح مطمئنة الا اذا كانت مؤمنة بالله تعالى واليوم الاخر قال تعالى : ((يا ايتها النفس المطمئنة ، ارجعي الى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )) 27 -30 سورة الفجر
سيدتي سحتُ وسرحتُ مع كلمات اهدائك لمسافات بعيدة وعميقة ومؤثرة ،لك تحياتي ايتها الاديبة البارعة ولا حرمنا الله تعالى من ابداعك . |