مصطلحان مهمّان نجدهما ونقرأهما في كثير من الابحاث الفلسفية والعقلية والمعرفية عموماً ، بل هما بنفسهما بحثان فلسفيان لهما مجالهما الخاص وحيّزهما المناسب هناك ..
وهذان المصطلحان هما ( الصيرورة ) و ( السيرورة ) ..
وعلى الرغم من الخلاف والاختلاف الدقيق في معنى كل منهما بين العلماء ومعناهما معاً عند الاجتماع والافتراق ، الا أنه يمكن ان نلتقط ونعرض هذين التعريفين المناسبين لكل منهما :
السيرورة : هي تعبير عن تغيّر كمّي يجري بالتعاقب على الاشياء ، مشتقة من : سار يسير سيرا .. ويعني تعاقب وتتالي الخطوات ، وبالتالي فهو يعطي معنى التراكم والكمّ ..
الصيرورة : هو تعبير عن تغيّر نوعي يجري على الاشياء ، وهو يعطي معنى الحدوث والتقدم .
ورغم أن الإختلاف وقع في أصل وجود التغيّر على الأشياء بغض النظر عن نوعه ( كمّي - نوعي ) ، الا أنه إختلاف علمي نظري بحت لا يؤثر على حكم الوجدان واطمئنانه بحصول التغيير على ( كل أو معظم ) الاشياء وبكلا النوعين او احدهما ..
ويُعتبر الفيلسوف اليوناني هرقليطس ( القرن السادس قبل الميلاد ) أول من أشار إلى مفهوم التغيير وخاصة الصيرورة بقوله : " لا شيء في هذا العالم ثابت عدا التغيير " . وعبارته المشهورة " كل شيء في حالة جريان ، لا شيء يبقى على حاله " ، أو يعبّر احياناً بالتعبير ( انك لا تنزل الى النهر مرتان ) اشارة الى جريان الماء وتغيره باستمرار .. معتبراً بذلك أن الصيرورة أساس الوجود وأساس كل التغيرات التي تحدث في الطبيعة ، وانه لا وجود بلا تطور -اي لا كينونة بلا صيرورة ، وانه لا تطور بلا وجود - أي لا صيرورة بلا كينونة أولى - .
أقول : مادام التغيير جارٍ علينا ، عمرنا ، شكلنا ، وعينا ، طريقة عيشنا ، صحتنا .. الخ ، فلماذا لا نختار طريق التغيّر النوعي بدلاً من التغيّر الكمّي الساذج الذي لا يحتاج منا اي بذل جهد .
فأيّام العمر وسنواته تتراكم شئنا ام أبينا ، ولكن لو طبّقنا القاعدة الذهبية لأمير المؤمنين ع { من اعتدل يوماه فهو مغبون } ، وفي خبرٍ آخر عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخرُ يوميه شرَّهما فهو ملعون ، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ، ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خيرٌ له من الحياة ) ، لا ستطعنا أن نستثمر هذا التغيير الجاري افضل استثمار لصالحنا .
فعندما يكون يومنا أفضل من أمسنا ، فنحن قي صيرورة و ( تكامل ) ، وعندما يكونا متساويين فنحن في ( تراكم سلبي ) ، وعندما يكون أمسنا أفضل من يومنا فنكون ( تسافل ) والعياذ بالله .. وهنا يكون الموت خير لنا من الحياة كما يقول صادق العترة ع ..
|