لقد تضمًّن عهدُ الإِمامِ عليٍّ (عليهِ السلامُ) إِلى عاملِه على مصرَ مالكٍ الأَشترِ (رضوانُ اللٰهِ عليه) منهجًا أَخلاقيًّا دينيًّا وإِداريًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا رصينًا به نجاحُ القادةِ ، وصلاحُ العِبادِ وسلامةُ البلادِ.
ومن ذلكَ الجزءُ المختصُّ بتنبيهِه إِلى وجودِ المسيحيين الأَقباطِ وسواهم من الطوائفِ الدينيةِ المماثلةِ أَوِ اليهوديةِ فضلًا عن عديمي الهُوِيَّةِ الدينيةِ الذي جاء فيه: (( وأَشعِرْ قلبَكَ الرحمةَ للرعيةِ ، والمحبَّةَ لهم ، واللطفَ بهم ، ولا تَكونَنَّ عليهم سَبُـعًا ضاريًا تَغتنُمُ أُكُلَهم ؛ فإِنَّهم صِنفانِ: إِمَّا أَخٌ لكَ في الدِّينِ ، أَو نَظيرٌ لكَ في الخَلْقِ ، يَفرُطُ منهمُ الزلَلُ ، وتَعرضُ لهمُ العِللُ ، ويُؤتَىٰ على أَيديهِم في العَمْدِ والخطأِ ؛ فأَعطِهم من عفوِكَ وصَفحِكَ مثْلَ الذي تُحبُّ وتَرضىٰ أَن يُّعطيَكَ اللٰهُ من عفوِه وصفحِه ؛ فإنَّكَ فوقَهم ، ووالي الأَمرِ عليكَ فوقَكَ ، واللٰهُ فوقَ مَن ولَّاكَ)).
شكرًا لكَ أَميرَنا الموجِّهَ الصادقَ والأَبَ الهاديَ يا أَميرَ المؤمنين (عليكَ السلامُ) ؛ فعهدُكَ يجدُ صداه كلَّ حينٍ عندَ العقلاءِ المنصفين ، وله مصاديقُه الآنيةُ لاستقرارِ الناسِ أَجمعين.
قال اللٰهُ سبحانَه: ﴿...ولَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَوَدَّةً للَّذينَ آمَنُوا الَّذين قالوا إِنَّا نَصارىٰ ذلك بِأَنَّ مِنهُم قِسِّيسينَ ورُهبانًا وأَنَّهُم لا يَستَكبِرونَ﴾ [المائدة/٨٢] ؛ فلنُقِمْ ظنَّنا على (مودَّتِهم) إِذًا لا على سواها ، ولسنا نخسَرُ شيئًا بوجودِ عالمٍ ورجالٍ همُّهمُ السلامُ والإِصلاحُ والتآخي.
وهذا ما نستثمرُه نحن جميعًا من موضوعِ زيارةِ (البابا) ليس إِلَّا ؛ فما أَحوجَنا إِلى الكلمةِ الطيبةِ. أَمَّا ما يُثارُ ويُقالُ ويُستَنتَجُ من قراءاتٍ تخويفيةٍ وسلبيةٍ ؛ فليست إِلَّا وجهاتِ نظرٍ مختصةً لأَصحابِها لم تَرِدْ في مضمونِ ديباجةِ تنظيمِ الزيارةِ لا في الوسائلِ ولا في الغاياتِ.
|