• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصيام ، معاني ودلالات .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

الصيام ، معاني ودلالات

ينتقل الإنسان المسلم في أيام شهر رمضان المبارك الى مستوى تشريعي وتكليفي أعلى مما كان عليه في غير هذا الشهر الفضيل ، فجملة من المُباحات مثلاً تصبح لديه محرّمات ، وتأتيه حزمة جديدة من التكاليف الإضافية على نحو المندوب والواجب ، حركته تصبح مقيّدة بعض الشيء وتحدّها مسافات شرعية معيّنة ، جدول أوقات ليله ونهاره تختلف اختلافاً معيّناً عن ذي قبل ، علاوةً على ازدحامه بالأعمال ودقته في الترتيبات والتوقيتات .. الخ ، المزاج العام للصائم يختلف ، يشعر بنوع من التقييد مع برمجة حياتية مفروضة عليه فرضا الى حدّ ما ..

في الواقع هو هذا الصيام ، فلا يُنظر الى عموده الفقري فقط - وهو الامتناع عن المفطّرات من طلوع الفجر الى الليل - ، وإنما يشمل جميع تلك اللوازم والتحضيرات وكافة اجواءه الأخرى ، الزمانية والمكانية ، المادية والمعنوية ..

من هذا نجد أن المعصوم يقول : لا تجعل يوم صومك كيوم فطرك .. ! فهنا لا يتحدّث الإمام عن ( الصوم ) بل عن ( يوم الصوم ) ، فهو يوم مختلف ، حيث وردت هذه الجملة في حديث للإمام الصادق ع ، نذكره كاملاً :

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : { إذا أصبحت صائماً فليصم سمعك وبصرك عن الحرام ، وجارحتك وجميع أعضائك عن القبيح ، ودع عنك الهذي وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصائم ، وألزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا عن ذكر الله ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك ، وإياك والمباشرة والقبل والقهقهة بالضحك فان الله يمقت ذلك } وسائل الشيعة ج١٠ ح ١٣١٣١

وهناك روايات في الحقيقة تفصّل أكثر فيما ينبغي على الصائم تركه وفعله .. وكل ما يذكر في هذا المجال هو عبارة عن : خلق حالة مكثفة ومستمرة من التوجه والإنتباه عند العبد اتجاه معبوده .. فالعبد في سائر ايّامه .. يأكل ويشرب ، يتحرك ويسكن ، يعبد الله ويؤدي ما عليه من واجبات ويترك ما عليه من محرّمات .. الخ ولكن قد يكون كل ذلك على نحو الروتين اليومي والبرمجة الكلاسيكية - اذا جاز القول - ، يفعلها بدون توجه وإقبال ، ويؤديها بدون معنى وإمعان .. لأنها أصبحت طبيعة لديه او عادة ونوع من الإدمان .. ولهذا ، يأتي شهر رمضان ومعه صدمة تنبيه كبيرة وانشداد عظيم في التوجه نحو كل معنى سامي وكمال عالي .. نحو الله جل جلاله ، فشهر رمضان من أعظم ما يُهتدى به الى الحق تعالى { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ } البقرة ١٨٥ .

فإذا كان للعبد الطائع نوع تنبيه وانشداد ، فمن باب اولى فإن شهر رمضان يكون للعبد الذي ادمن على المعاصي - من أمثالي - نوع فرصة سانحة وخلق بيئة مناسبة تساعده على ترك ما اعتاد عليه والإنتشال من المأزق الذي وضع نفسه فيه ..!

مبارك عليكم الشهر الفضيل ورزقنا الله واياكم جميع خيراته وبركاته .. فهو نعم المولى ونعم المُجيب




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154130
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28