• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شرعية الإكراه .
                          • الكاتب : رضوان السلامي .

شرعية الإكراه

 يمر العراق اليوم بمرحلة حرجة تحتاج ادراكاً ووعياً يفوق المعتاد من اجل تجاوز المحن والفتن 
التي اعتمرت البلاد بسبب الطائفية الرعناء التي لا تفرّق بين اخضر ويابس... ومن الاحتياجات الحقيقية لهذه المرحلة هي عودة جادة للمناهج الحقة ومحاولة مثابرة لقراءة الشرعية النبوية التي جاء بها الانبياء  قاطبة قراءة صحيحة، فالبعض يراها اسطورة من الاساطير المثالية التي لاتمثل واقعا .. ومن هذا البعض ولدت المعادلة الصعبة التي اينعت لنا كيانا طاغوتيا كان وكأنه الرفيق الازلي للعراق فالطغيان سعى لإكراه مولد واقسار ديمومة، وقد شكـّل التضاد الواضح والنقيض الصارخ بينه وبين دين الانبياء النابذ للاكراه والداعي الى محاربة الطغيان والملل الطاغوتية المريرة  والساعي الى بث الوعي الايماني لخلق القناعات المؤمنة القادرة على تغيير ما بأنفس الناس وهذا يحتاج الى وعي بهذه المعادلة ليستوي البديل الحقيقي الذي هو الاصل قانون التغيير الالهي الذي هو  رسالة الانبياء، ولكن الطواغيت لا يعطون قيمة لتغيير ما بالأنفس، وإنما يقهرون الناس ويجعلونهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويحولونهم إلى منافقين، ولسان حالهم يقول: لقد أجلك من يرضيك مظهره، وقد أطاعك من يعصيك مستتراً...هذا الانفصال بين دعوة الله إلى كلمة سواء وبين دعوة الطواغيت الذين يريدون العلو في الأرض والفساد وجعل أهلها شيعاً هو ما يركـّز عليه القرآن.
إن تاريخ علي بن أبي طالب (عليه السلام) يظهر أزمة الشرعية في تاريخنا، حيث قتله من يدعي الاسلام وهو حاكم بأمر الله ورسوله، وهذا يدل على أن التغيير ليس بتغيير الحاكم وإنما بتغيير ما بأنفس الناس وأمير المؤمنين التزم الشرعية وكان مدركاً أن الحكم برضى الناس وبيعتهم، ولهذا لم يخرج عليها حتى عندما خرج الآخرون، وظل ملتزماً كلمة التقوى وكلمة السواء من طرفه.
إن في حياة علي بن أبي طالب عليه السلام عبراً كثيرة، وهو الذي فهم منهج الخوارج على حقيقته فعندما سُئل عنهم: أكفارٌ هم؟ قال: بل من الكفر فرّوا ... فسُئل: أمنافقون هم ؟ قال : لا... 
قيل: فمن هم إذن؟ قال (عليه السلام) القول الفصل الذي يشتبه على كثير من الناس: (ليس من طلب الباطل فأدركه كمن طلب الحق فأخطأه). هذا الكلام معلم من معالم الحق والنزاهة واللا إكراه في الأفكار. لقد شخـّص عليٌ المرض بوضوح ووضع إصبعه على خطأ المنهجية في السلوك اللاشرعي وحين اغتاله الخوارج قال في وصيته عن قاتله: إن أعش فالأمر لي وإن مت من هذه الضربة فالأمر إليكم، فإن أبيتم القصاص فضربة، وإن تعفوا أقرب للتقوى.
فلو كنا نسير على نهج علي(عليه السلام) ...أكان الحال وصل الى هذا الحد!!!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154133
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18