• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شِيعَةُ الله !! .
                          • الكاتب : شعيب العاملي .

شِيعَةُ الله !!

بسم الله الرحمن الرحيم
 
أَنْتُمْ شِيعَةُ الله !
وَأَنْتُمْ أَنْصَارُ اللَّه !
 
كلماتٌ لَهَجَ بها الإمام الباقر عليه السلام في المدينةُ المنوَّرة، بين قبرِ رسول الله صلى الله عليه وآله ومنبره، حينما التقى بأُنَاسٍ من الشيعة، ولا عَجَبَ في ذلك، فَنُصرَةَ عَليٍّ نصرةُ الرسول، ونصرته صلى الله عليه وآله نصرة الله عزّ وجل، فمَن نَصَرَ علياً صار من أنصار الله تعالى.
 
ومَن شايع علياً صار من شيعة الله تعالى، فأورَثَ ذلك حُبَّاً من الله له، ومَن أحبَّهُ الله أحبَّهُ رسولُه، وأحبَّهُ إمامُه.
 
بانَ ذلك من قول خليفة الله تعالى في أرضه وسمائه لهؤلاء الشيعة، حينما خاطبهم الإمام الباقر عليه السلام:
 
إِنِّي وَالله لَأُحِبُّ رِيَاحَكُمْ وَأَرْوَاحَكُمْ: هذا حالُكم أيُّها المؤمنون، أحبَّكم الله ورُسُلُه وحججه عليهم السلام.
 
لكن لهذا الحبّ ثمناً بعد الإيمان، قال عليه السلام لهم:
 
وَاعْلَمُوا أَنَّ وَلَايَتَنَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْوَرَعِ وَالِاجْتِهَاد، وَمَنِ ائْتَمَّ مِنْكُمْ بِعَبْدٍ فَلْيَعْمَلْ بِعَمَلِهِ (الكافي ج8 ص213).
 
أيها الشيعة، إنّما نِلتُم ولاية آل محمد بالتورُّع عن معاصي الله، والاجتهاد في طاعته، وقد اتّخذتموهم أئمةً، والمأموم مُطيعٌ لإمامه، وبهذا بلغتم الدرجات الرفيعة، والمنازل العليّة، فحذارِ حذار من التفريط بهذا الورع، فمآله إلى التفريط بالولاية.
 
هكذا هُم شيعة الله في أيامهم، أهلُ وَرَعٍ واجتهاد، فكيف في أيام الله؟!
 
نالوا في عامّة أيامهم ولايةَ آل محمدٍ بالورع، وجاءهم شهرُ الله، فكان الوَرَعُ خيرَ الأعمال فيه كذلك !
 
قال الصادق الأمين صلى الله عليه وآله: يَا أَبَا الْحَسَنِ‏، أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ الله (الأمالي للصدوق ص95).
 
يتَّسِمُ الشيعيّ بخصالِ الكمال، وأوَّلُها هذا الورع، ثمَّ مِن أهمّها ما تُكشَفُ به معادن الرجال: (الصَّبر) !
 
ففي الحديث الشريف: الصَّبْرُ مِنَ الإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ، فَإِذَا ذَهَبَ الرَّأْسُ ذَهَبَ الجَسَدُ، كَذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ الصَّبْرُ ذَهَبَ الإِيمَانُ ! (الكافي ج‏2 ص89).
 
نالَ الشيعيُّ ولاية آل محمدٍ بالورع فصار مؤمناً، ورأسُ هذا الإيمان الصبر، ومَعَ تقدُّمِ الأيام، وشدَّةِ البلاء، ما فارقَ الصبرُ أهلَ الإيمان، بل لازمهم حيث دعا لهم إمامهم عليه السلام: أَخَذَ الله بِقُلُوبِنَا وَقُلُوبِكُمْ إِلَى الحَقِّ، وَألهَمَنَا وَإِيَّاكُمُ الصَّبْر (نهج البلاغة ص249).
 
وللصابر سِمَتان:
 
السِّمَةُ الأولى: لا يهرّ هرير الكلب !
 
يقول الإمام الصادق عليه السلام:
شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ، وَلَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَاب‏ ! (الكافي ج‏2 ص238).
 
و هَرِيرُ الكلبِ: صوتُه دون نُبَاحِهِ من قِلَّةِ صبره على البرد (الصحاح ج‌2 ص854)
 
المُخالفُ لعليٍّ قليلُ الصبر، يهرُّ حتى في حربه أمامه، فيسجِّلُ التاريخ ليلةً يسمّيها (ليلة الهرير) ! أنينٌ يُسمَعُ صداه قرناً بعد قرنٍ يصدر من أعداء عليّ، يقابِلُهُ صبرٌ لا نظير له منه ثم من شيعته.
 
وكيف لا يكونوا كذلك وقد أَمَّهُم إمامُ الصَّبر ! وكان لهم قدوةً وأسوة.
 
وفي شهر الله، لا يهرُّ الشيعة هرير الكلب، بل يصومون لله تعالى عن الطعام والشراب، ثم عن المعاصي والآثام، فتُفتح لهم أبواب كرامة الله.
 
وفي أيام البلاء والصِّعاب كأيّامنا يصبرون كذلك، ثم لا يكون أحدهم مَضرَبَ مثلٍ في الطمع كالغراب! بل يقنع بما قَسَمَ الله له، ولا يذلُّ نفسه، سيّما لمن خالفه في الدين والمذهب.
 
السِّمَةُ الثانية: حرٌّ على جميع أحواله !
 
عن الإمام الصادق عليه السلام:
 
إِنَّ الحُرَّ حُرٌّ عَلَى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ: ليسَت رِفعَةُ النَّفس سِلعَةً يستعيرها الإنسان في ظَرفٍ دون آخر، فَمَن ظهرت عليه أمارات السموّ والرِّفعة والكمال في حالٍ دون آخر، ما كان من أصحاب الطويّة السليمة، ولا الإيمان المستقرّ.
 
ولا ينقضي عجب الناس ممَّن كان في ظاهر أمره حائزاً على أسمى المراتب، ثمَّ سَقَط ساعة الامتحان، فما كان حرّاً على كلّ حال، وما أكثر هؤلاء.
 
لكن الحرَّ فعلاً، حرٌّ في كلّ حال، ومَن أقربُ لهذا الوصف من شيعة عليّ!
 
يقول عليه السلام في وصف هذا الحرّ:
إِنْ نَابَتْهُ نَائِبَةٌ صَبَرَ لَهَا: فالحريَّةُ مَلَكَةٌ في نفسه، والصَّبرُ سَجيَّتُهُ أو بُلغَتُه.
 
وَإِنْ تَدَاكَّتْ عَلَيْهِ المَصَائِبُ لَمْ تَكْسِرْهُ.. : أيُّ مصيبةٍ تكسِرُ المؤمن وقد عَرَفَ الله تعالى فتوكَّلَ عليه، والله كافٍ عبده المؤمن.
 
ثم قال عليه السلام: الصَّبْرُ يُعْقِبُ خَيْراً، فَاصْبِرُوا، وَوَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الصَّبْرِ تُوجَرُوا (الكافي ج‏2 ص89).
 
هكذا هم الشيعة.. يصبرون ويعلمون أنّ الدنيا ليست لهم، وإن نالوا منها نصيبهم، وأنّه ما ضرَّهم ما خسروا إن حفظوا دينَهم دينَ الله تعالى، الدينُ الذي بَذَلَ أنبياءُ الله ورُسلُه وأولياؤُه نفوسَهم ودماءَهم في سبيل رِفعته، فأيُّ نائلةٍ وثمرةٍ أعظمُ مما يناله المؤمن إن سَلِمَ لهُ دينه ؟
 
أَلَا وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْ‏ءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ دِينِكُمْ.
 
اللهم نسألك حفظ الأديان قبل حفظ الأبدان والأموال، اللهم وقد تجمعها لأقوامٍ.. فاجعلنا وعبادك الصالحين منهم، واحفظ شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، وألهمهم الصبر وعجل لهم فرج وليهم.
 
والحمد لله رب العالمين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154304
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28