• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كلمةٌ سواء .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

كلمةٌ سواء

للعلوم العقلية مناهجها وقواعدها الخاصة للوصول الى الحقائق والنتائج والبرهنة عليها ، ولعلّ المنطق الأرسطي من أشهر تلك المناهج والقواعد التي يستعملها أصحاب تلك العلوم ..

وكذلك أصحاب الإتجاه التجريبي ، فالمعاينة والملاحظة والتجربة واجهزة المختبر وما شاكلها تعتبر رأس مال براهينهم وإثباتاتهم ..

ولأصحاب الاتجاه الغيبي والاتجاه الاشراقي والمشائي .. وغيرها من الاتجاهات .. كل منها له مناهجه المعرفية الخاصة للبرهنة على بعض الحقائق والإيمان ببعض الأفكار ..

وعادة ما يتزمت كل اتجاه بمنهجه الخاص ويعتبر طريقة برهانه هي الأصحّ والأكمل ونتيجتها بالنسبة له هي الأكثر إيماناً واطمئناناً ، وركون أصحاب هذا الإتجاه الى ما يعتمده أصحاب الإتجاه الآخر لا يحصل ، إلاّ نادراً أو عندما يُراد ابطال نتائج الآخر بمناهجه التي يتّبعها هو ..

ومن إحدى الطرق العقلية لمحاولة جمع تلك الاتجاهات المختلفة بدون الرضوخ أحدهما الى منهج وأدلة الآخر هو الرجوع الى قاسم مشترك واحد يعمل على كل الأطراف ولا يستطيع اي منها رفضه لأنه جزء لا يتجزء من نظريته وطريقته الى يؤمن بها ويتبعها ، وهذا ما أشار اليه القرآن الكريم في كثير من الآيات ، منها قوله تعالى { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } ال عمران ٦٤

وكمثال حيّ وقريب وتطبيقي لهذه الفكرة هو ما قام به السيد محمد باقر الصدر في كتابه الرائع ( الأسس المنطقية للاستقراء الرياضي ) حين حاول ايجاد قاسم مشترك بين الاتجاه التجريبي والاتجاه العقلي بالشكل الذي يلتقون به في منهج برهاني واحد يؤمنون بنتائجه ويتفقون على مخرجاته .

ولقد نجح فعلاً في ذلك عند ايجاده لمنهج التوالد الذاتي للمعرفة والذي يعتمد على الاستقراء ونظام الاحتمالات .. واستطاع عن طريق هذا المنهج الجديد - الذي ينبغي أن يؤمن به أصحاب المناهج العقلية والتجريبية ولا يسعهم رفضه وانكاره - اثبات وجود الصانع وضرورة الإيمان به ..

فبعد أن وضّح تفاصيل وأسس هذا المنهج - الموّحد - وأثبت عمله على أكثر من منهج قال : ( هكذا نبرهن على أن العلم والإيمان ، مرتبطان في أساسهما المنطقي الاستقرائي ، ولا يمكن من وجهة النظر المنطقية للاستقراء ، الفصل بينهما ) الأسس المنطقية، ص 578

وقال ايضاُ محذراً من الرفض : ( إما أن يرفض الاستدلال العلمي ككلّ ، وإما أن يقبل الاستدلال العلمي ، ويعطي للإستدلال الاستقرائي على إثبات الصانع ، نفس القيمة التي يمنحها للاستدلال العلمي ) الأسس ، ص 577 .

ايجاد لغات ومناهج وقواعد علمية مشتركة بين العلوم والمعارف التي تتقاطع في أهم أفكارها ونتائجها هو الحلّ الأسلم للتعارف والتقارب فيما بينها ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154369
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29