• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شِعِبْ أبي طالب دلالة على إيمانه .
                          • الكاتب : علاء تكليف العوادي .

شِعِبْ أبي طالب دلالة على إيمانه

حينما أعلن النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) نبوته بعد أن جعلها لفترة بأمر من الله تعالى سرية ولحين حلول الوقت الذي جاء به الأمر الإلهي بنشر الدعوة على نحو النطاق الواسع ليشمل كل الناس، بل كل الأمم والملل على اختلافها أخذت قريش بعد الإعلان المبارك من الرسول لنشر الرسالة الإلهية بمضايقة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بكل وسائل المضايقة حتى وصل بها الأمر إلى قتله ( صلى الله عليه وآله ) فما كان من موقف عمه أبي طالب عليه السلام إلا أن يذب عن تلك الرسالة الإلهية التي أول من أمن بها هو عليه السلام وأبنائه الأكرمين ليكونوا سنداً لذلك النبي الذي نهضة بتلك الرسالة السماوية وعندها أتخذت قريش موقفها بالنيل من النبي ( صلى الله عليه وآله ) على مراحل للتأثير عليه فجاءوا يطلبون من عمه المفدي له بالروح أبي طالب عليه السلام أن خلي ابن أخيك يتخلا عن هذه الدعوة ولنعطيه ملك مكة وزماما ممرها ولنجعله علينا شيخنا وأميرا، وعندها نكر النبي ( صلى الله عليه وآله ) طلبه برفضه القاطع وبقولته المشهورة { والله، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك فيه }
حتى انتهت المحاولات إلى أن يقاطعوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) والذين أمنو به على أن لا يبيعوهم ولا يشتروا منه حتى يرجعوا عما يدعون له فما كان موقف النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا أن يخرج بمن أمن به ليسكن ذلك الشعب الذي أطلق عليه في ما بعد بشعب أبي طالب .
وحينما قر ( رضوان الله عليه ) النبي الخروج للشعب أمر أبو طالب عليه السلام بني هاشم أن يدخلوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) الشعب ـ الذي عرف بشعب أبي طالب ـ ومعهم بنو المطلب بن عبد مناف، فدخلوا معه، باستثناء أبي لهب لعنه الله وأخزاه (1)
واستمروا فيه إلى السنة العاشرة.
ووضعت قريش عليهم الرقباء، حتى لا يأتيهم أحد بالطعام.
وكانوا ينفقون من أموال السيدة خديجة عليها السلام، وأبي طالب عليه السلام، حتى نفدت، حتى اضطروا إلى أن يقتاتوا بورق الشجر.
وكان صبيتهم يتضاغون جوعاً، ويسمعهم المشركون من وراء الشعب، ويتذاكرون ذلك فيما بينهم، فبعضهم يفرح، وبعضهم يتذمم من ذلك.
وزعموا أن هذا كان يصدر غالباً ممن يتصل بهم نسباً، كأبي العاص بن الربيع، وحكيم بن حزام، وإن كنا نحن نشك في ذلك، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولم يكونوا يجسرون على الخروج من شعب أبي طالب عليه السلام إلا في موسم العمرة في رجب، وموسم الحج في ذي الحجة، فكانوا يشترون حينئذ ويبيعون ضمن ظروف صعبة جداً، حيث إن المشركين كانوا يلتقون بكل من يقدم مكة أولاً، ويطمعونه بمبالغ خيالية ثمناً لسلعته، شرط أن لا يبيعها للمسلمين.
وكان أبو لهب هو رائدهم في ذلك؛ فكان يوصي التجار بالمغالاة عليهم حتى لا يدركوا معهم شيئاً، ويضمن لهم، ويعوضهم من ماله كل زيادة تبذل لهم.
بل لقد كان المشركون يتهددون كل من يبيع المسلمين شيئاً بنهب أمواله، ويحذرون كل قادم إلى مكة من التعامل معهم.
والذي اقوله هو ان خروج ابي طالب عليه السلام مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبقاءئه مدافهعا له وتحمله كل تلك الصعاب حتى وفاته ألم يكن دليلا على أنه أمن بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) وكان له سنداً وعونا ومدافعا.
كما استدل على أما أبي طالب عليه السلام بموارد كثيرة أذكر بعضها:
1- استدل سبط ابن الجوزي على إيمانه بأنه –كما نقل- لو كان أبو عليّ كافراً لكان شنع عليه معاوية وحزبه، والزبيريون وأعوانهم، وسائر أعدائه (عليه السلام) كان يذمهم ويزري عليهم بكفر الآباء والامهات، ورذالة النسب (2) .
تصريحاته وأقواله الكثيرة جداً ؛ فانها كلها ناطقة بايمانه وإسلامه . ويكفي أن نذكر نموذجاً من أشعاره التي عبر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله: إن كل هذه الاشعار قد جاءت مجيىء التواتر ، من حيث مجموعها (3).
ونحن نذكر هنا اثني عشر شاهداً من شعره، على عدد الائمة المعصومين من ولده عليه وعليهم السلام ، تبركاً وتيمناً ، والشواهد هي:
1-ألم تعلموا: أنا وجدنا محمداً نبياً كموسى خط في أول الكتب.
2-نبي أتاه الوحي من عند رب هو من قال:لا، يقرع بها سنّ نادم.
3-يا شاهد الله علـي فاشهد إني على دين النبي أحمد.
4- أنت الرسول رسول الله نعلمه عليك نُزِّل من ذي العزة الكتب.
5-أنت النبي محمد قوم أغر مسود.
6- وقال مخاطباً ولده حمزة رحمه الله:
فصبراً أبا يعلى على دين أحمد وكن مظهراً للدين وفقت صابراً.
وحط من أتى بالحق من عند ربه بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا.
فقد سرني أن قلت : انك مؤمن فكن لرسول الله في الله ناصراً
وباد قريشاً في الذي قد أتيته جهراً، وقل: ما كان أحمد ساحراً.
7-ولقد ترحم عليه ودعا له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واسغفر له، حتى في المدينة حينما استسقى لاهلها فجاءهم الغيث فذكر أبا طالب، واستغفر له على المنبر (4) ولما مات أبو طالب تبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازته مع انهم يروون النهي عن المشي في جنازة المشرك. كما أنهم يروون أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر عليا بأن يغسّله ويكفنه ويواريه (5)، وانما لم يأمره بالصلاة عليه لأن صلاة الجنازة لم تكن فرضت بعد ولاجل ذلك قالوا: إن خديجة لم يصل عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما توفيت، مع انها سيدة نساء العالمين.
8- لقد رثاه ولده علي (عليه السلام) حينما توفي بقوله:
أبا طالب عصمة المستجير وغيث المحول ونور الظلم
لقد هدّ فقدك أهل الحفاظ فصلى عليك ولي النعم
ولقّاك ربك رضوانه فقد كنت للطهر من خير عم (6)
الهوامش
_____
1- وقيل: إن أبا سفيان بن الحارث أيضاً لم يدخل الشعب معهم، ولكنه قول نادر. والاكثر على الاقتصار على أبي لهب لعنه الله...
2 - راجع : أبو طالب مؤمن قريش 272/273 ط سنة 1398ه‍ـ . عن تذكرة الخواص .
3 - شرح النهج ج14 ص78 والبحار ج35 ص165 .
4 - راجع : عيون الانباء ص 705 .
5 - راجع : في كل ذلك تذكرة الخواص ص8 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص81، والسيرة الحلبية ج1 ص147 والمصنف ج6 ص38، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص87، وتاريخ اليعقوبي ج2ص35، وطبقات ابن سعد ج1 ص78 وتاريخ بغداد للخطيب ج3 ص126، وج13 ص196 وتاريخ ابن كثير ج3 ص125، والطرائف لابن طاووس ص305 عن الحنبلي في نهاية الطلب والبحار ج35 ص151 والتعظيم والمنه ص7 ولسان الميزان ج1 ص41. والاصابة ج4 ص116، والغدير ج7 ص372 و374/375 عمن ذكر، وعن: شرح شواهد المغني للسيوطي ص136، واعلام النبوة للماوردي ص77، وبدايع الصنايع ج1 ص283، وعمدة القاري ج3 ص435، واسنى المطالب ص15و21و35 وطلبة الطالب ص43. ودلائل النبوة للبيهقي والبرزنجي، وابن خزيمة، وابي داود، وابن عساكر.
6 - تذكرة الخواص ص9 .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154489
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28