• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في سورة يوسف (عليه السلام) ( 19 ) يعقوب (عليه السلام) ومراحل الاعداد .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

قراءة في سورة يوسف (عليه السلام) ( 19 ) يعقوب (عليه السلام) ومراحل الاعداد

 يمكن لمن يتابع الآيات الشريفة ان يلحظ ان المهمة الالهية التي كانت ملقاة على عاتق يعقوب (عليه السلام) كانت مقسمة الى عدة مراحل:
1. ما قبل فقدان يوسف (عليه السلام) 
2. ما بعد فقدان يوسف (عليه السلام) 
3. بعد حجز بنيامين في مصر
4. بعد الانتقال الى مصر
وقبل الحديث عن هذه المراحل من الضروري الوقوف شيئاً عند الظروف المحيطة بيعقوب (عليه السلام) حسب دلالات الآيات الشريفة الواردة في سورة يوسف (عليه السلام).
البيئة
كان يعقوب (عليه السلام) يعيش في البادية أي انه (عليه السلام) استمرعلى نهج جده ابراهيم (عليه السلام) في الاستقرار في منطقة سير القوافل الذاهبة والعائدة من الشام، هذا فضلاً عن دوره في الهداية في المنطقة المحيطة به والتي يسكنها.
البيىة البدوية تقتضي الاعتماد على الموارد الذاتية البشرية منها والاقتصادية، ولذا كان يعقوب (عليه السلام) كثير الاولاد حيث كان له من الاولاد الذكور اثنا عشر ولداً، وفي الفترة التي عاشها في البادية قارب عدد افراد اسرته ثمانين شخصاً، وهم الذين انتقل بهم يقعوب (عليه السلام) الى مصر.
البيئة البدوية بيئة ساكنة مستقرة نسيباً لابتعادها عن المدينة وتأثيراتها، الاجتماعية والفكرية والسياسية والاقتصادية، فكانت الظروف البيئية فترة مناسبة لاعداد جيل يتبنى العقيدة الحقة عن وعي وادراك.
الصراع داخل العائلة
اشارت الآيات الشريفة الى ان اولاد يعقوب (عليه السلام) كانوا يشعرون بالحسد الشديد والغيرة من يوسف (عليه السلام) واخيه، لما يرونه من اهتمام يعقوب (عليه السلام) بهما وتقريبه لهما، وهذا يعني ان المكامن النفسية الشريرة في اولاده لم يتمكن جهد يعقوب (عليه السلام) الروحي في النفوذ الى اعماقهم وانتزاع هذه الصفة الذميمة من دواخلهم، ولم تنتزع هذه الصفة السلبية من عمق تفكيرهم الباطن الا بعد اختبارات وامتحانات كثيرة كادوا فيها ان يسلكوا طريق الهلاك لو لطف الله تعالى وارادته، واما سوى هذه الصفة الذميمة فلم تشر الآيات الكريمة الى وقوعهم فيها.
الركود الفكري لدى المجتمع
الجانب الاخر ان البيئة البدوية بطبيعتها الساكنة والمستقرة غير مؤهلة للتطور الفكري بمداه الواسع واذا تحقق فهو للنوادر من الناس، ولذا فإن فترة النشاط التبليغي الذي ابتدأ منذ عهد ابراهيم (عليه السلام) مروراً بعهد اسحق (عليه السلام)  وصولاً الى عهد يعقوب (عليه السلام) بلغ اقصى مدى يمكن ان يصله في تلك المنطقة، واصبح من الضروري اقامة مجتمع التوحيد في مجتمع اوسع واكبر واكثر قدرة على الاستيعاب والتعمق في حال توفر الظروف الموضوعية.
ضيق افق افراد الاسرة
باعتبار ان البيئة البدوية بئية مستقرة، ضعيفة الموارد فان ادراك افراد العائلة لمستقبل الدعوة الى الله يتمحور ضمن حدود افقهم الذي تتركه فيهم طبيعة البيئة وتأثيراتها، لذا لم تتسع افاق اولاد يعقوب (عليه السلام) الى ابعد من وضع الاسرة وكيفية تزعمها، وعندما احسوا ان ليوسف (عليه السلام) مقاماً خاصاً في نفس ابيهم حاولوا التخلص منه ولو بالقتل وسفك دمه البرئ، وبعبارة اخرى ان بني يعقوب (عليه السلام) لم يكونوا في وضعهم البيئي اهلا لتحمل مسؤولية اقامة مجتمع التوحيد في دائرة اوسع وليست لديهم القدرة على ادارة دفة الصراع فيما اذا توسعت الاسرة لان الصراع سيتحول الى صراع داخلي، فكان لابد من العمل على خطين متوازيين الاول تدعيم الجانب الاخلاقي والعقائدي والروحي والفقهي عند افراد العائلة والثاني نقلهم الى دائرة بيئية اوسع لتوجيه افكارهم نحو طبيعة اوسع في الصراع، ليكونوا مؤهلين لاداء المهمة التي اراد الله تبارك وتعالى لذرية ابراهيم (عليه السلام) ان تقوم بها في مستقبل الايام. 
فن الادارة
البيئة البدوية تحكمها علاقات خاصة وروابط معينة، وآل ابراهيم (عليه السلام) يتمتعون فيها بقدسية خاصة تجعلهم في مأمن من تعدي المجتمع البدوي، وفي الوقت ذاته ليس في البادية مقومات فن ادارة السلطة، وباعتبار ان الله تعالى شاء ان يجعل بني اسرائيل الامة التي تنشئ اول دولة توحيد ضمن الاطر الحضارية التي كانت تسود تلك الفترة، كان من الضروري نقل الاسرة الى منطقة يسودها الجانب الحضري، وتتبع السبل الحضارية في ادارة شؤونها، وهذا المستقبل الذي كان ينتظر بني اسرائيل كان واضحاً لدى يعقوب (عليه السلام) لمقام نبوته وما احاطه الله تبارك وتعالى من علم بما ستؤول اليه الامور في مستقبل الايام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154552
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20