• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : رؤية نقدية... في قصة حسينية .
                          • الكاتب : اسعد عبد الرزاق هاني .

رؤية نقدية... في قصة حسينية

  تقنية القص في رواية مزهر بن مدلول...
 تستند وسائل الإبداع الفني في العمل الروائي إلى جملة ركائز تشخيصية نلاحظ من بينها المستوى الإيحائي وحدود التعامل مع اللغة من حيث الانفتاح العام على مقننات تأويله أي استثمار طاقات إيحائية على مستوى المفردة وعوامل التركيب العام لآلية القص لتؤلف لنا الصورة البيانية منذ المدخل الأول للحكاية الذي شاء مؤلفها مزهر بن مدلول أن يتنوع بها ما بين الفن القصصي والحكواتي ليؤثث بها سمات الرواية فعنونها باسم (الغريب) والتي كانت ذات مدخل زماني تنفتح على كل مساء بعد غروب الشمس ثم يعرج إلى إعطاء سمات المكان المطل على مراعٍ كبيرة واسعة تحيطها السفوح والمنازل والأشجار... نعتقد إن الارتكاز على المعنى الزماني والمكاني يمنحنا الرؤيا الغير محددة... لكون العوالم تدور كل مساء بعد غروب الشمس، والمكان ذو فسحة مطلة على مساحة وعوالم واسعة ومثل هذه الرؤيا تقرب إلى ذهنية المتأمل جدية الاشتغال المرئي فتطوع المسائل المختلفة بعدة اتجاهات وصولاً إلى قدسية المرموز له الأول في العنونة (الغريب) علماً أن لا ذكر لمثل هذه الشخصية في الحكاية ولكن الهالة الوقورة أضيفت إلى بطل الحكاية الفعلي الشيخ حسين... الرجل الثلاثيني الواسع الإدراك والجاه والجمال كانشغاله بالجمال المعنوي الذي أبعده عن مرتكزات الإسفاف بين ناظرة أنثوية تنقل إعجابها بشكل أو بآخر (تتغزل به) دون اهتمامه ليبرز من خلال هذا الوقار شخصية حسينية ترتقي منابر عاشوراء وتعتني بمواكب العشيرة في الزيارات فهو يكتب (الردات) الحسينية والأهازيج وكأنما أراد أن يوصف رجل ينظر إلى الجمال من خلال روحه المؤمنة... يرى بعض النقاد أن التركيز على السمات الوصفية قادر على منحنا كينونة الهوية بشكل واعٍ ليترك لنا مجالاً نتعامل به مع الأشياء من ضمن رؤيا خاصة بعبارة نقدية تعبر عن جوهر الوعي المتجسد فينا...
يبدو أن الشرخ الوحيد في الحكاية هو تركيزه على المنحى الجمالي بشكل ملح ضيع بعض هيبة الشيخ حسين بعدما رسمه بالشكل الممتع لكنه تصرف به بصياغة فنية شكلية دون الانتباه إلى مضمونية الرسالة الإيمانية الحسينية من أجل منحه خصوبة دلالية حيث منحه خيالاً واسعاً يسبك به روايات متخيلة مع إمكانية الصوت الشجي بشكل يمنح الآخرين المتعة والدهشة... فقد أراد مزهر ابن مدلول خلق شفافية التجاوب مع الخصوبة المقترنة بالتصرف التأويلي داخل الرواية الحسينية حسب مؤثثات مدروسة ويوظف حلاوة الصوت بإحياء المجالس الحسينية والوعظية طيلة أيام السنة وقراءة المقتل في يوم عاشوراء كما يعمل على تفجير عنصر الاندهاش بعدة فضائل أخرى يضيفها إلى الشيخ حسين كإجادة التمثيل ليؤهله لتقمص الشخصيات الإيجابية في المسرح التشابيهي الذي أعده بنفسه ويشرف على الطاقات الإخراجية ويبث بعض المؤثرات الحيوية الباعثة على شد المتلقي من خلال كسب روحيته يبدو أن المؤلف أراد أن يرينا أن الدلالات وإن تناقضت فهي تأتلف في النتيجة عند عاشوراء من قدسيته تلك أشياء قد تكون حدسية وأشياء دقيقة تعلن حضورها الكبير أثناء سرد الخاتمة كسياقات تكوينية للخروج إلى الفضاء الثري الذي سيطل من خلاله المتلقي على عوالمه الخارجية كاستيعاب ما هو كائن من دلالات حيوية زاخرة بالمعنى العام داخل متن الحكاية... أي ما يكتسبه الناس من قراءة المقتل.
اشتد الحماس وزاد الانفعال لدى الشيخ حسين ليرسم لنا فاعلية المحتوى بوجود الحماس وزيادة الانفعال... بعد هذا نطل على حيز الوجود الفعلي كحرارة المضيف، الدخان الكثيف، رائحة التبغ، عرق الرجال، العويل، الصراخ، ضرب الأكف على الصدور، دموع الشيخ حسين ونحيبه هذه الإرهاصات المتحركة التي وضعها المبدع ليتنامى لنا المشهد مع نهاية المقتل الحسين الذي يرتله الشيخ حسين. إذن الرواية المرجعية التي ستحفل بمقتل الحسين (ع) حفلت بصرخة قوية من فم الشيخ حسين... وا إماماه... فخر الراوي أرضاً وتوقف نبضه ومات بالحال وبهذه الحيوية أراد الكاتب أن يضع اللاثبات في حركة الموت ليولد منها إبداع وتأصيل شخصية الحسين (ع) إماماً شهيداً وشخصية شيخ حسين راوياً كمرتكز وسيط لنقل فاعلية الحرمة العاشورائية واستمرار هذا الأفق لاستكناهات القادم من موت- حياة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154583
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29