• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التجارب الدستورية الدولية  في اختيار أعضاء المحاكم الدستورية   الجزء الثاني  (٢-٢ ) .
                          • الكاتب : د . حسن الياسري .

التجارب الدستورية الدولية  في اختيار أعضاء المحاكم الدستورية   الجزء الثاني  (٢-٢ )

سلسلةٌ من أقسامٍ خمسةٍ بعنوان القولُ الفصلُ في دور خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون في المحكمة الاتحادية العليا
- دراسةٌ دستوريةٌ تأصيليةٌ معززةٌ بتجارب المحاكم الدستورية في العالم -

القسم الرابع 
-مهم -
  كنَّا قد عرضنا في الجزء الأول من هذا القسم أربع عشرة تجربةً دوليةً لمحاكم دستوريةٍ في دول العالم المختلفة ، تتعلق بكيفية اختيار أعضائها.وهي المحاكم في كلٍّ من : إسبانيا وإيطاليا وألمانيا والنمسا  وتشيلي وبوليفيا والبرازيل ومنغوليا والبرتغال وتركيا وأوكرانيا والهند وكولومبيا والإكوادور. وسنتواصل في هذا الجزء في عرض بقية هذه المحاكم ، وهي كما يأتي :
15- المحكمة الدستورية الإندونيسية : 
  لقد كانت الرقابة الدستورية بمقتضى الدستور الإندونيسي لعام 1945 منوطةً بالمحكمة العليا ،وبعد التعديل الدستوري الثالث في عام 2001 تمَّ إنشاء المحكمة الدستورية التي أنيطت بها هذه المهمة.ولقد اشترطت الفقرة ج/5 من المادة (24) من الدستور المعدل أن يكون أعضاء المحكمة ((من رجال الدولة ممن لديهم إلمام بالدستور والمؤسسات العامة)).
والنص واضحٌ ، فهو لايشترط أن يكون عضو المحكمة من فقهاء القانون أو القضاة، ونحوهم ، بل كل ما يتطلبه أن يكون ممن خدم الدولة وله إلمامٌ بالدستور والمؤسسات العامة. وهو توجُّهٌ لا يخلو من صحةٍ.فرُبَّ رجلٍ خدم الدولة في الإدارة وأصبحت لديه خبرةٌ متراكمةٌ في فهم القانون والدستور، فمثل هذا ربما سيكون أفضل من العديد من حملة الدكتوراه وغيرهم.    
16- المحكمة الاتحادية الماليزية :
  تنص الفقرة (ب) من المادة(122) من الدستور الماليزي لعام 1957 المعدل في عام 2007 على تعيين قضاة المحكمة من قبل حاكم الدولة -الملك- بناءً على اقتراح رئيس الوزراء،وبعد أخذ رأي مجلس الحكام. واشترطت المادة (123) من الدستور مؤهلات هؤلاء الأعضاء بأن يكونوا من ((المحامين أو ممن كان عضواً في هيئةٍ قضائيةٍ أو قانونيةٍ في الاتحاد ، أو في هيئةٍ قانونيةٍ في ولاية ، أو هذا وذاك )).
وعلى هذا فالتوليفة مزيجٌ من المحامين والقضاة والقانونيِّين.  
17ـ المحكمة الدستورية التونسية :
 اشترط الفصل -المادة- (118) من الدستور التونسي الجديد لعام 2014 -دستور ما بعد الثورة - أن يكون عدد أعضاء المحكمة الدستورية (12) عضواً، على أن يكون (ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون). أما الربع الأخير (3 أعضاء) فيُترك أمر تعيينهم لرئيس الجمهورية. ما يعني أنها تجمع بين رجال القانون الذين يؤلِّفون الأغلبية -الثلاثة أرباع-، وبعض الشخصيات المعروفة المعينة من قبل رئيس الجمهورية. ولا وجود للقضاة فيها بحسب الأصل، إلا إذا قام الرئيس بتعيين بعضهم.
18- المحكمة الدستورية الجزائرية :
   بمقتضى تعديل دستور الجزائر لعام 2020 -قبل بضعة أشهرٍ في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون- تتألف المحكمة الدستورية من (12) عضواً، يُعيِّن الرئيس أربعةً منهم، وتنتخب المحكمة العليا عضواً واحداً ، وكذا ينتخب مجلس الدولة عضواً واحداً، في حين يُنتَخب الستة (6) الباقون بالاقتراع من أساتذة القانون. ما يعني أنَّ عدد القضاة هو واحدٌ (1) من بين (12) عضواً، في حين إنَّ عدد أساتذة القانون هو ستةٌ (6).
19ـ المحكمة الدستورية المغربية :
 بمقتضى الفصل(130) من الدستورالمغربي لعام 2011 تتألف المحكمة من (12) عضواً، نصفهم يُعينون من قبل الملك،ويُنتَخب ثلاثةٌ من قبل مجلس النواب،وثلاثةٌ من قبل مجلس المستشارين-هكذا يسميه الدستور،والمراد به مجلس الشيوخ-.ويتمُّ اختيار هؤلاء الأعضاء((من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين عالٍ في مجال القانون، وعلى كفاءةٍ قضائيةٍ أو فقهيةٍ أو إدارية)). فهم إذاً من الحائزين شهادةً عليا في القانون، أو من المتمتعين بكفايةٍ قضائيةٍ أو فقهيةٍ أو إداريةٍ.ما يعني أنهم خليطٌ من القانونيِّين والقضاة والموظفين الإداريِّين،فضلاً عن المتمتعين بكفايةٍ فقهيةٍ.
  ورغم مراجعتي للدستور المغربي وللقانون التنظيمي لإنشاء هذه المحكمة ، لم أجد تعريفاً لمصطلح (كفاءة فقهية)، بيد أني أحسبه دالاً على فقهاء الشريعة، بقرينة أنَّ النص عبَّر عن القانونيين بأنهم (من الشخصيات المتوفرة على تكوين عالٍ في مجال القانون) ما يعني أنهم فقهاء أو أساتذة، وعبَّر عن القضاة والإداريين بأنهم من ( الشخصيات المتوفرة على كفاءةٍ قضائيةٍ وإداريةٍ). وعليه فإضافة وصفٍ جديدٍ غير ما سلف ذكره يعني اختصاصاً جديداً ، وهو ( المتوفرين على كفاءةٍ عاليةٍ في الفقه).ولا سيما أنَّ دول المغرب العربي تحتوي على مؤسساتٍ إسلاميةٍ رسميةٍ .
20ـ المحكمة الدستورية العليا المصرية :
  تتألف من أعضاء الهيئات القضائية الحاليين والسابقين وأساتذة القانون الحاليين والسابقين ومحامين عملوا أمام محكمة النقض والمحكمة الادارية العليا.ولم يتطرق دستورا 1971-الملغى- و 2014 -النافذ- إلى آلية الاختيار هذه ، بل أوكلاها إلى القانون.وقد صدر قانون المحكمة الدستورية العليا في عام 1979 المعدل في عام 2019 ، ونظَّم الآلية المذكورة في أعلاه في المادة (4) منه. 
21ـ المحكمة الدستورية الأردنية :
  تقضي المادة (61) من الدستور الأردني لعام 1952المعدل بأن يكون عضو المحكمة ((ممن خدموا قضاةً في محكمتي التمييز والعدل العليا أو من أساتذة القانون في الجامعات أو من المحامين،ومن أحد المختصين المنطبقة عليهم شروط العضوية في مجلس الأعيان )).والنص جاء بصيغة التخيير فيما يتعلق بعضوية القضاة والأساتذة والمحامين ، ما عدا العضو الأخير -عضو مجلس الأعيان- فعضويته لازمةٌ، ما يعني بالمحصلة أنَّ المحكمة يمكن أنْ لا يكون فيها أية فئةٍ من الفئات الثلاث، بما فيهم القضاة .
22- المحكمة الدستورية العليا السورية :
  يشترط البند (4) من المادة (3) من المرسوم التشريعي رقم 35  لعام 2012 القاضي بتأليف المحكمة الدستورية العليا أن يكون عضو المحكمة ((حائزاً على الإجازة في الحقوق )).ويشترط البند (5) أنْ يكون قد ((مارس العمل القضائي أو المحاماة أو التدريس في كلية الحقوق مدةً لا تقل عن خمسة عشر عاماً)).  
23-المحكمة الدستورية البحرينية : 
 بمقتضى المادة (4) من قانون إنشاء المحكمة الدستورية البحرينية رقم 27 لسنة 2002 المعدل في عام 2012 يُشترط في عضو المحكمة أن يكون ((حاصلاً على إجازةٍ في القانون ، ولديه خبرة في المسائل القانونية لا تقل عن خمس عشرة سنة)).
 ما يعني أنه لا يُشترط فيه إلا أن يكون حائزاً شهادة القانون ولديه الخبرة القانونية.   
24- المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية :
يشترط البند (3) من المادة (4) من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية رقم 10 لسنة 1973 في عضو المحكمة أنْ يكون (( حائزاً على إجازةٍ في الشريعة الاسلامية والقانون)).ويضيف البند (4) من المادة ذاتها ما يأتي : 
((أن يكون قد سبق له العمل مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة في الأعمال القضائية أو القانونية بأحدى المحاكم أو ما يقابلها من وظائف النيابة أو دوائر الفتوى والتشريع أو قضايا الحكومة أو في تدريس القانون أو الشريعة الاسلامية أو في المحاماة أو في غير ذلك من الأعمال القانونية )).
ما يعني أنَّ عضو المحكمة هو واحدٌ من الفئات الآتية :
1.    مَنْ مارس العمل القضائي أو القانوني ، سواءٌ أكانت هذه الممارسة في المحاكم أم في الحكومة أم في دوائر الفتوى.
2.    مَنْ مارس التدريس في القانون أو في الشريعة الاسلامية.
3.    مَنْ مارس المحاماة أو غيرها من الأعمال القانونية.   

  وها أنتم أولاء لاحظتم كيفية تكوين المحاكم الدستورية في دول العالم، من أوربا والأمريكيتين وآسيا . ولقد تجلى لكم كيف أنَّ القضاة إنما يمثِّلون الأقلية فيها، بل إنَّ بعضها لا قضاة فيها البتة.كما لاحظتم أنَّ كلَّ هذه المحاكم يطلق الدستور عليها اسم (محكمة)،ويطلق على أعضائها صفة (قاضٍ) مع أنَّ أغلبيتهم ليسوا بقضاةٍ في الأصل ؛ بخلاف ما تحدَّث به الكثيرون في وسائل الإعلام ، مِن الذين خاضوا في الموضوع بلا معرفةٍ ، إذْ قالوا إنَّ المحكمة الاتحادية العليا ما دام اسمها محكمة فيتعيَّن أنْ يكون أعضاؤها من القضاة فحسب،ولا يجوز أنْ يكون فيها غيرهم ؛ دون أنْ يعرفوا الفرق بين القضاء الدستوري والقضاء العادي، ودون أن يطلعوا على أيِّ تجربةٍ دوليةٍ في هذا الصدد !!
 وسنكملُ العرض في القسم الخامس من هذه الدراسة إن شاء الله للحديث عن التجارب الدولية في اختيار أعضاء المجالس الدستورية في دول العالم ، مع التطرّق للمحكمة العليا الأميركية التي أحدثت اللبس لدى الكثيرين.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154600
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29