• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سعيد بن جبير .
                          • الكاتب : طارق الغانمي .

سعيد بن جبير

 دم الشهادة يأخذنا صوب شمس توهجت، فأخصبت مورقات الشجن، وتلك شاهدة أينع فوقها الهوى أفئدة تقرأ العناوين شغفا...

هو احد تلامذة الإمام علي (ع) وعدّ من شيعته، وكان ثر العلم حتى قيل (ليس على وجه الأرض من هو مستغن عن علم ابن جبير...
ويأخذنا صوب جراح أزهرت عبقا يفوح عند راية تخضبت بالسنا
قال له الحجاج: أنت شقي بن كسير لا سعيد بن جبير.
فأجابه: إن أمي أعلم حين سمتني سعيدا. 
فقال الحجاج: فما ترى في أبي بكر وعمر أفي الجنة هما أم في النّار؟
فقال سعيد: إذا دخلت الجنة، ورأيت أهلها فسوف أعلم من هم أهلها، وان وردت النّار
ورأيت أهلها فسوف اعرفهم.
فقال الحجاج: ما ترى في الخلفاء؟
قال سعيد: لستُ موكلا بهم.
الحجاج: فأيهم تحبه أكثر من غيره.
سعيد: من كان أرضاهم لله.
الحجاج: فأيهم أرضاهم لله.
سعيد: الله العالم بالخفايا والأسرار.
وضعت أمامه المجوهرات... فقال سعيد: إن ادخرت هذه لتنجو بها من عذاب القيامة فلا بأس عليك، وإلا فاعلم أنها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، فلا خير في ادخار الثروة إلا ما كان زكيّا خالصاً.
وضعت آلات اللهو والطرب فبكى سعيد.
قال الحجاج: كيف تريد أن تـُقتل؟
قال سعيد: كما تحب، والله ما قتلتني قتلة إلا قتلكَ الله مثلها يوم القيامة.
قال الحجاج: أترغب أن أعفو عنك.
قال سعيد: إن كان هناك عفو فهو من عند الله ولن اطلب صفحاً منك أبدا.
فقال سعيد: (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للَّذي فَطَرَ السَّمواتِ والأرض حَنيفاً وَما أنا مِنَ الْمُشْرِكينَ). 
فقال الحجاج: حوّلوا وجهه عن القبلة.
فرتل: (فأينما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
فقال الحجاج: اجعلوا وجهه إلى الأرض.
قال سعيد: (مِنْها خَلَقْناكُمُ وَفيها نُعِيدكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تارَةً اُخْرى).
فقال الحجاج: افصلوا رأسه.
قال سعيد: أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (ص).
ثم دعا فقال: اللهم لا تسلّطهُ على أحد من بعدي.
ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى كان دم سعيد بن جبير الطاهر يجري رواءً للنخل الباسق في أرجاء الكون، واستجاب الله دعاءه، فأخذ يخور كما يخور الثور الهائج، شهراً كاملاً، لا يذوق طعاماً ولا شراباً، ولا يهنأ بنوم، وكان يقول: والله ما نمت ليلة إلا ورأيت كأني أسبح في أنهار من الدم، وأخذ
يقول: مالي وسعيد، مالي وسعيد، إلى أن مات....!
ويقول هذا الحجاج عن نفسه قبل أن يموت: رأيت في المنام كأن القيامة قامت، وكأن الله برز على عرشه للحساب فقتلني بكل مسلم قتلته مرة، إلا سعيد بن جبير قتلني به على الصراط سبعين مرة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154857
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29