• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سيرة حياة شيخ الشهداء العلامة الجليل السيد قاسم شبر (رض) (1308- 1399هـ) الحلقة الثانية .
                          • الكاتب : عصام عباس الشمري .

سيرة حياة شيخ الشهداء العلامة الجليل السيد قاسم شبر (رض) (1308- 1399هـ) الحلقة الثانية

 أحس السيد الشهيد (رض) بمسؤوليته الشرعية تجاه ذلك الخطر الكبير، فتصدى وبكل حزم وقوة لتلك الأفكار البعثية الشاذة، وعمل على توجيه انتباه الناس على ضرورة الحفاظ على الدين والمذهب، وأن حزب البعث إلحادي دموي كافر يجب محاربته وعدم الانتماء إليه..  هذا موقفه مع الحق ضد الباطل، المتمثل بأقطاب الحزب الصدامي المقبور، وقد ورد في الحديث النبوي:
{إن أفضل الجهاد هو كلمة حق في وجه سلطان جائر} فقالها السيد  في وجه أعظم سلطان جائر عرفته الإنسانية في العصر الحديث. فقد وقف بكل صلابة وقوة إيمان، متحدياً سلطان طاغية العصور هدام العراق، الذي كان يمتلك اكبر جهاز إرهابي دموي في المنطقة، هذا هو الشرف العظيم الذي ناله السيد بشهادته، وفاز بها في الدنيا والآخرة.
وكان يسعى لقضاء حوائج المحتاجين، ومساعدة الفقراء.. وشعبيته التي كان يتمتع بها في لواء الكوت عموما، والنعمانية خصوصا، هو شرف عظيم، ووسام كريم، أكرمه الله به في الدنيا، وله في الآخرة ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
ومن ضمن سيرته.. أنه ترأس وفدا دينيا كبيرا، ضم رجال الدين، وشيوخ العشائر، والوجهاء والمثقفين، وأكثرهم من الشباب، الذين كانت له معهم علاقة أبوية، وذهب بهم إلى النجف الأشرف تأييدا لمواقف السيد الشهيد المجاهد محمد باقر الصدر (قدس سره) وتنديدا بسياسة السلطات القمعية ضده، ومن حسن الصدف، كان لي الشرف العظيم بالمشاركة مع الوفد الذي سار على شاكلة المواكب الحسينية المعتادة، والذي يقدر عدده (140) شخصية تقريبا، وفي مقدمته الشهيد السيد قاسم شبر (رض) وعندما وصلنا إلى النجف الأشرف، نزلنا في الشارع المؤدي إلى دار الشهيد الصدر (قدس سره) كنا نردد الهتافات، والشعارات الإسلامية والولائية مؤيدة له، ورافضة لسياسة النظام الدموي المقبور ضده. وعند وصولنا إلى داره، تشرفنا بلقائه يتقدمنا السيد الشهيد قاسم شبر (رض) الذي وقف يبايع الشهيد الصدر (قد) قائلاً: {لقد جاء وفدنا ليجدد العهد لكم ويرجوكم البقاء ها هنا وأنتم القائد..} أجابه السيد الصدر:{أنه ليسعدني أن أعبر عن شعوري تجاه عواطفكم وهذا ليس غريبا عنكم..}. 
وبعد أن علمت السلطة الحاكمة في النعمانية، بذهاب الوفد إلى النجف الأشرف، اتصلت على الفور بمديرية أمن وفرع الحزب في الديوانية، والنجف الأشرف. لمتابعة الوفد ومراقبة تحركاته وتسجيل أسماء جميع من ذهب مع السيد (رض). وبعد مغادرة الوفد مدينة النجف، كنا نسير بين النجف والديوانية عند عودتنا ليلا.. وإذا بأجهزة الأمن والمخابرات الصدامية واقفة لرصد عودة الوفد والتحقيق مع كل من كان معنا.. لفت نظري موقف أحد الجالسين في السيارة، وكان موظفاً (معلم) (سعيد أبو سجاد) قيل له:{أنت موظف نخاف عليك أن يسجلوا اسمك في مديرية الأمن بعدها تعتقل وتحاسب وتطرد من وظيفتك؟ وكان معنا في السيارة أيضاً طفل يبلغ من العمر
 10-11 سنة أجاب المعلم أبو سجاد وبكل صراحة وثقة عالية بالنفس قال: كيف أضم نفسي وأخفي هويتي وإلى جانبي هذا الطفل، وهو من تلاميذي في المدرسة؟! كيف يكون موقف هذا التلميذ مستقبلا وموقفه مني إذا رآني مختفياً هاربا؟؟! وكيف يكون مؤمنا صالحا.. ويرى أستاذه انهزم؟! يجب علينا أن نري الأجيال ونعلمهم الدروس بأقوالنا وأفعالنا لكي نكون قدوة لهؤلاء الأطفال.
هذه ثمرة طيبة من ثمار جهود السيد قاسم شبر (رض).
ومعظم خطبه ومحاضراته التي ألقاها في المسجد (وغيرها) كانت موجهة ضد الفكر الفاسد.. تلك الخطب التاريخية الرائعة التي هزت مضاجع العفالقة الأنجاس، وسببت لهم ولأتباعهم في النعمانية الحرج، بحيث جعلهم يخافون على أنفسهم من بطش الطاغية (هدام) أضف إلى ذلك كثرة النشاطات التي قام بها (رض) ومنها ذهابه كل ليلة جمعة في تجمع جماهيري حاشد إلى كربلاء المقدسة، وإقامة صلاة المغرب والعشاء في صحن الإمام الحسين (ع) مما أزعج دعاة الكفر والرذيلة المتمثل بالنظام المقبور. وكان لهذه الخطب والمحاضرات واللقاءات والاجتماعات الحاشدة، ومنها زيارة الحسين (ع) صدى واسع في لواء الكوت، وكافة ألوية العراق الأخرى. أضف إلى ذلك التوجه الجماهيري الواسع نحوه، والتفاف الناس حوله، والأخذ بتوجيهاته وتعاليمه وخصوصا الشباب منهم أصحاب الشهادات العالية.
وفي آخر خطبة تاريخية ألقاها بمناسبة ولادة الإمام علي (ع) قبل اعتقاله الأخير بفترة قصيرة وذلك عندما أقام حفل الولادة الميمونة (يوم 13 رجب 1399هـ) بلا إجازة من السلطة متحديا كل الأساليب الملتوية التي اتبعها ومارسها النظام، بمنع إقامة الشعائر الدينية، وتشويه سمعتها.. إلا أن السيد (رض) وقف موقفا بطوليا رائعا، وأقام الحفل رغم أنوف الطغاة، وتكلم بكل صراحة ووضوح متحديا الظالم الذي أراد إخماد الأصوات الحرة التي تنادي (هيهات منا الذلة).
ولذا قررت السلطة القمعية الحاكمة اعتقاله والخلاص منه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155153
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28