• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : عِطر الزَّمانِ .
                          • الكاتب : د . سعد الحداد .

عِطر الزَّمانِ

في رثاءِ الأَديبِ المُحَقِّقِ العَلَّامةِ السَّيد عَبدِ السَّتارِ الحَسَنيِّ (رَحِمَهُ اللهُ) :
هِيَ المَنايا فَلا تَسألْ عَنِ السَّببِ
 
 أَنَّاتُها  تصقعُ الأَلبابَ  بالعَجَبِ

إنْ أَسرجتْ خيلَها شَبَّ الضِّرامُ بنا  
 
 وضجَّ في الرُّوحِ كابوسٌ من الرُّعبِ

فَفِي قِيامَتِها اصرارُ جارحَةٍ
 
 تذكو مُسعَّرةً كالنَّارِ في الشُّهبِ

فلا نواحٌ يردُّ الوقعَ إنْ عصَفَتْ
 
 ولا البكاءُ لها يغني عن الهربِ

هدَّارةٌ بالأَسى والصَّمتُ ديدنُها
 
 يَشِيبُ مِنْ هَولِها الولدانُ بالغَلبِ

طحَّانةٌ كَرَحَى الشُّبَّانِ مُسرعَةً
 
 مِنْ رَوْعِها يَجْفُلُ الفرسَانُ بالحَرَبِ 

تروغُ إنْ شَطَنَتْ مَكْرًا روعنَتُها
 
 فَتُلقِمُ الوَردَ آهاتٍ من السَّغبِ

صفراءُ يُسعَلُ قَيئًا من مَرارتِها
 
 حَمراءُ بالنَّشوةِ الخَرساءِ كالحَصَبِ

خَرقاءُ رَقشَاءُ إنْ فُجَّتْ قَريحَتُها
 
 دَسَّتْ إليكَ سُمومَ الحِقدِ بالذَّنَبِ

بَلهاءُ عَمياءُ لو رَنَّتْ مَعاولُها
 
 لَتُسْفِكُ الخِصبَ قَحطًا خَالصَ العَطَبِ

تُدمِي القلوبَ أَزيزًا في مَراجِلِها  
 
 حتَّى تطوِّحَ حلمًا زِيْغَ بالسَّلبِ

هي المنايا لِعُمْرِ الوردِ تَخذُلُهُ  
 
 تَدبِي الهُوينا تًسلُّ الرُّوحَ في غُصُب

طالتْ يدُ الموتِ هذا العام طائفةً
 
 منَ الأَحبَّةِ والأَعلامِ والصُّحُبِ

فأورثونا شحوبًا في رَحيلِهِمُ    
 
 وأَلبَسَونا ثَيابَ الحُزنِ والنُّدُبِ

إنْ كانَ كأَسُ الرَّدى يطوي الوجوهَ فقدْ
 
 تَخلَّدتْ حَسَنَاتُ الصَّحبِ بالذَّهبِ

قد خلَّفوا العلمَ ميراثًا ومدرسةً   
 
 والباقياتُ لهم إرثٌ من الكتبِ  

وَدُرَّةُ العَصرِ منهمْ في مَنَاقبِهِ
 
 الجَهْبَذُ (الحَسَنِيُّ) الكامِلُ الأَدبِ

أَجرَتْ مَقاديرَها الأَيامُ في فَزَعٍ
 
 مُذْ غَالتِ الفَردَ , ابْنَ السَّادةِ النُّجُبِ

صُنوَ المَفاخرِ والآياتِ عَيْلمَها
 
 ذاكَ الهمامُ وغِرسُ الدَّوحِ في النَّسَبِ

وأُجفِلَ الشِّعرُ واهتزَّتْ مذاهبُهُ
 
 فلا تواريخَ للأَفراحِ والكُرَبِ   

ولا الظرافةُ أَمستْ في براءتِها
 
 ولاارتجالٌ بطَعمِ السِّحرِ في الطَّربِ

واظْلَمَّ منْ عَالَمِ التَّحقيقِ مَوردُهُ
 
 وراحَ يَندبُهُ المَخطوطُ بالنُّحُبِ

وهُدَّ ركنٌ منَ الإيمانِ يَتبَعُهُ
 
 رُكنٌ مِنَ العِلمِ خَسَّارًا لذي طَلبِ  

أَدمَيتَ قَلبي بحُزنِ الفَقْدِ يَعصُرُهُ
 
 منكَ الرَّحيلُ بظَرفٍ غيرِ مُحْتَسَبِ

ياطَيَّبَ القلبِ ياعِطرَ الزَّمانِ بهِ
 
 تُجْلَى الهُمومُ لقلبٍ جدّ مُكتَئِبِ  

دعَ عنكَ ياسعدُ أَحزانًا وخُذْ حِكَمًا
 
 فَمَا المَنايا سِوى رَدعٍ لمُضطَربٍ

ففي الرَّحيلِ حياةٌ ليسَ يُشْبِهُهَا
 
 مافيهِ نحنُ مِنَ الأَوصابِ والنُّوَبِ




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155409
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20