• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الغفلـــــة والقريــــــن .

الغفلـــــة والقريــــــن

 الغافل عن ذكر الله تعالى مهما بالغ في غفلته وتمادى في عصيانه 

وطغيانه فإن الله تبارك و تعالى لا يغلق باب التوبة أمامه ، فإن تاب توبة نصوحة وصدق فيها فإن الله غفور رحيم يقبل التوبة من عباده . 

وأما لو إستمر في غفلته ولم يرجع الى الله تعالى ولم يتُب والعياذ بالله فقد يقيض الله تعالى له شيطاناً كما في قوله تعالى : " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ 

وهذا جزاؤه في الحياة الدنيا حيث تقوده الشياطين الى الظلمات " وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ 

وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه و آله ذلك حيث روي عنه إنه قال : «إذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْد شَرّاً قيِّضَ لَهُ شَيطاناً قَبْلَ مَوتِهِ بِسَنَة، فَلا يرى حَسَناً اِلاّ قَبَّحَهُ عِنْدَهُ حَتَّى لا يَعْمَلُ بِهِ، وَلا يَرى قَبِيحاً اِلاّ حَسَّنَهُ حَتّى يَعْمَلُ بِهِ».

ومن الخطأ أن يُتصور معنى الجبر في هذه الآية لأنّ هذه النتيجة الطبيعية للغفلة عن ذكر الله تعالى ، فلا يمكن أن يتصور إنغماس  الانسان في شهوات  الدنيا، وتلوثه بأنواع المعاصي ومع ذلك يكون قريبا من الله تعالى ، بل هو بعيد عنه عز وجل  وأثر أعماله السيئة يكوّن حجابا على قلبه وسمعه وبصره ، ويسلط عليه الشياطين ..
     
فإذا إستمر الانسان على غفلته قد لا يوفق بعدها للتوبة  حتى يغلق بوجهه باب الرجوع ، لأنّ هذا الانسان الغافل يكون بمعاصيه وأعماله الشريرة  قد أحاط نفسه بالشياطين من كل جانب، وهذه نتيجة عمل الإِنسان نفسه كما هو واضح و هو سببها المباشر ، و أما نسبتها إلى الله (سبحانه) فتكون لأنه (عز و جل) هو مسبب الأسباب ..

✨ حال الغافلين في سكرات الموت

تقدم إن القرين يحجب الغافل عن رؤية الحقيقة إلا إنه بمجرد بداية مفارقته له إثر وقوعه في سكرات الموت يرى وبأم عينه آثار أعماله السيئة ، وحينئذ يعيش الرعب والقلق الشديد، فيقال له : " لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَة مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ 
(حال الغافلين يوم القيامـــة )

من أسماء يوم القيامة يوم الحسرة ؛ وذلك لأن الغافلين الّذين كانوا يعيشون في هذه الدنيا ملتذين بملذاتها المحرمة التي حجبتهم عن رؤية الحقّ فضلاً عن إتباعه سوف ينتبهون من غفلتهم هذه ويرون جميع أعمالهم على حقيقتها البشعة 
ونتائجها المروعة . 
قال (تعالى) : " وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الاْمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَة وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ 
  
فيتحسرون على حياتهم في الدنيا التي كانوا فيها غافلين عن الحق 
ومتبعين للباطل . 

فلا مرد لهم اليها ليصححوا أخطاءهم و لا مفر لهم من العذاب و أنى لهم ذلك ؟؟؟ وهم في قبضة الله تعالى 
ولا سبيل لهم للتنصل منه و كيف يمكنهم ذلك ؟؟؟ والملائكة وأعضاؤهم عليهم وعلى أعمالهم البشعة شهود ..

وحين يروا العذاب يتمنون أن لو كان بينهم وبين قرينهم بعد المشرقين  قال تعالى : " حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ  وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ  

فطالما إن المسلمون يؤمنون بالقرآن الكريم وها هو يحدثهم عن حال الغافلين في سكرات الموت وفي الدار الآخرة  فالعجب كل العجب من تمسكهم بهذا القرين في الحياة الدنيا وعدم إقلاعهم عن صحبته وطاعته 
وهم ــ مسبقاً ــ يعلمون إن إتباعهم له سبب عذابهم الأليم و ربما الدائم في الدار الآخرة .

إذن من كل ما تقدم يتبين إن الخطر الّذي يعيشه الإنسان بسبب الغفلة عن ذكر الله وتجاهل الحقائق الّتي تستبطن عالم الوجود فوق حد التصور .  

فبإمكان «الغفلة» أن تدمر سعادة الإنسان وتحرق جميع آماله الإيجابية وتهدر جميع طاقاته وقابلياته الّتي يمكنه أن يستثمرها للوصول الى أعلى مراتب الكمال المعنوي والإنساني .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155542
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5