• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأخوة الإيمانية وآثارها على المجتمع المسلم .
                          • الكاتب : السيد زين العابدين الغريفي .

الأخوة الإيمانية وآثارها على المجتمع المسلم

قام الدين على مجموعة من المبادئ والقيم الأخلاقية العليا التي ترتقي بالمجتمعات والأمم إلى أعلى درجات السمو والفضيلة والسعادة في الحياة الدنيا فضلاً عن النجاة في الآخرة ، ولم تكن هذه القيم مجردة عن الآثار المجتمعية بل لها تأثير واضح على البعد الإقتصادي والإجتماعي والسياسي داخل الأمة .

ومن أهم هذه المبادئ الأصيلة في الإسلام هي الأخوة الإيمانية المتمثلة بقوله تعالى : [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ][1] ، فإن أقوى آصرة في المجتمع هي الرحم التي تبتني على الإرتباط في الدم ومن أخصها هي الأخوة حيث ينتسب فيها الإخوان إلى أبوين موحدين ، في حين إن الإسلام وسع من هذه الرابطة ليجعلها بين كل مؤمن ومؤمنة إذ تقوم على الايمان بالله تعالى والمحبة فيه ليلغي بذلك كل العصبيات القومية والعنصرية والقبلية والطبقية ، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) : (من أوثق عرى الايمان أن تحب في الله وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله)[2] ، فتضمن للمؤمن العزة والكرامة وتشيع بين أفراد المجتمع روابط المودة والتضامن والتعاون والتناصر ونحوها من الحقوق المادية والمعنوية ، إذ إن الثابت بالوجدان إن رابطة الدين أقوى من رابطة النسب .

ولم تكتف بالجانب التنظيري بل طبق الرسول (صلى الله عليه وآله) ذلك في موردين أحدهما في مكة بين المهاجرين ، والأخرى في المدينة بين المهاجرين والأنصار ، حيث تضمن الميثاق الأول على النصرة والمواساة واتباع الحق والثاني بإضافة التوارث بين الأخوين بعقد التوارث ، وقد أكد الله تعالى على ذلك بقوله : [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا][3]  .

ورتب النبي (ص) على وصف الأخوة حكم التوارث بين الأخوين ليدفع بذلك الآثار الإجتماعية من الوحشة والغربة والاقتصادية من الفقر والحرمان ، حتى نسخ هذا الحكم ورفع بعد انتهاء سببه فكان من التشريعات المؤقتة بظرف خاص ارتفع بارتفاعه .

وقد نتج عن هذا الفعل مجموعة من الآثار الإيجابية على المجتمع المدني ، منها اجتماعية عبر تهديم عوامل الفرقة بينهم ، فبعدما كان المجتمع العربي مفككاً يعيش حالة الصراعات الداخلية بين القبيلة الواحدة والخارجية بين القبائل نتيجة الاختلاف في العقيدة والطباع والتوجهات العامة ، جعل منه النبي (ص) مجتمعاً متماسكاً قائم على المودة والتراحم ويسعى لتحقيق هدف واحد وهو اعلاء راية الله في الأرض ، واقتصادية ، حيث فقد المهاجرون جلَّ أموالهم ومساكنهم التي كانت في مكة مما جعلهم يعيشون حالة الفقر والعوز وبالتالي قد يؤدي إلى حصول مشكلات طبقية وفوارق اجتماعية تكون مدعاة للفرقة والتنازع والحسد بين المسلمين ، بيد أن الرسول (ص) قد عمل على علاجها فكانت المؤاخاة عاملاً مهماً لازالة الفوارق الاقتصادية بين المسلمين . 

ومن الجدير بالذكر أن الرسول (ص) قد بنى عقد المؤاخاة بين المسلمين على عامل الكفاءة ، فاختار لكل فرد منهم ما يماثله ويكافئه في الإسلام والإيمان، ولهذا لم يختر الرسول (ص) في مكة والمدينة سوى علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث اختصه لنفسه، دلالة على أن قرب منزلته منه (ص) وعظمها إذ لا يماثل الرسول (ص) في صفاته وشمائله ومقاماته إلا علي (عليه السلام).

ولهذا فإن محبوبية المؤاخاة أمر مرتكز في نفوس العقلاء ومندوب شرعاً إذ أرشدت إليه نصوص متضافرة من الكتاب والسنة كقوله (ص) : (المؤمنون إخوة يقضي بعضهم حوائج بعض فبقضاء بعضهم حوائج بعض يقضي الله حوائجهم يوم القيامة)[4] ، فعلى المؤمنين التحلي به لكي نحصل على مجتمع فاضل يبتني على الأخوة والنصرة والتراحم والتناصح .


[1] - الحجرات/10.

[2] - الكافي للكليني : 2/125 باب الحب في الله والبغض في الله ح2 .

[3] - آل عمران/103 .

[4] - الأمالي للمفيد : 150 .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155726
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28