• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وهوائي غالب..إلى متى؟ .
                          • الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي .

وهوائي غالب..إلى متى؟

حدثني بعض السادة الأفاضل بأنه ومنذ فترة طويلة لم تدمع له عين عند قراءة دعاء كميل ليلة الجمعة. قلتُ مضيفا على ذلك: وأنا العبد الفقير لم أشعر يوما بأني  قد قرأت دعاء كميل كما ينبغي منذ أن بدأت بقراءة دعاء كميل في النجف الأشرف بالقرب من ضريح أمير المؤمنين عليه السلام وأنا طفل صغير. كنت ولم أزل أردد  كلّ ليلة جمعة:إلهي قلبي محجوب ونفسي معيوب، كما أردد في ذات الليلة بلا خجل: "إلهي ظلمتُ نفسي وتجرأت بجهلي".يستمر حالي ويزداد سوءا يوما بعد آخر، وكأن مجرد التلفظ بـ"ظلمت نفسي".يجعلها تعدل عن الظلم. قلتُ للسادة الحاضرين جلسة دعاء كميل في إحدى المراكز الأسلامية: إننا أيها السادة لا نخجل ولانستحي ممن أذن لنا بمناجاته ومسألته. تصوروا أيها السادة لو كنا موظفين في إحدى الدوائر وفي كلّ أسبوع نجتمع مع مدير الدائرة ونقول له: سامحنا سيادة المدير فقد أخطأنا ونعاهدك بعدم تكرار ذلك الخطأ مرّة أخرى ، لكننا نكرر الخطأ ونأسف لتكراره.كم سنستمر على هذا المنوال قبل أن يطردنا مدير الدائرة ويفصلنا من وضائفنا لأنه لايجد عندنا القليل من الصدق.إن الله تعالى هو أرحم الراحمين ولهذا يمهلنا ويرحمنا ويسمح لنا بمناجاته تفضلا منه وجودا وكرما. كآباء وأولياء أمور نستاء كثيرا وربما نغضب أحيانا إن تكررت أخطاء الأولاد الذين ألقينا على أسماعهم محاضراتٍ في علم الأخلاق وأصول الدين وفروعه وقواعد التحث أو الإستماع. ربما نغضب كثيرا إلى درجة أننا نصفهم بأنهم لايخجلون ولا يستحون من تكرار ذات الخطأ مرّة تلو أخرى. أنا وأمثالي أيها السادة كأولئك الأولاد، فها هو القرآن ينصحنا ويرشدنا ولكننا نكرر الأخطاء بعلم أو بجهالة، وأرحمُ الراحمين سبحانه وتعالى ينادينا: عبدي، عبدي، عبدي..
عبدي أطعني..
عبدي أُدنو مني..
عبدي، أما آن لك أن تستحي مني..
جاء في الحديث القدسي:"... مَن أتاني منهم تائبا تلقيته من بعيد ومّن أعرض عني ناديتُهُ مِن قريب أين تذهب أوجدتَ ربا غيري أم وجدتَ رحيما سواي".
ولكن هل من أُذُنٌ واعية؟
ما الذي يحول بيننا وبين الطاعة والزلفى؟
وهوائي غالب..
 حتى حينما نقف بين يدي الله تعالى يغلبنا الهوى فنحرص على أن نصلي في الصف الأول ولو كان ذلك بمزاحمة الآخرين وربما بإزاحتهم خجلا وإرجاعهم إلى الوراء. قلت لأحد هؤلاء السادة إنكم تزاحمون المصلين كثيرا فقال لي بأن الصلاة في الصف الأول من صلاة الجماعة فيها أجر كبير. قلت أيها المحترم هل أنت تطلب الأجر أم تريد سرقته من الاخرين، تريده لنفسك وتحرم الآخرين منه، هذا مع حسن ظننا بما تقول. نجلس أمام عدسات الكاميرات ولا نجلس إلاّ متكئين في صدر المجلس مظهرين خواتم العقيق والفيروز ومسابح ( الباي زهر واليسر المرصعة بالفضة ) وساعات الرولكس التي لا أستطيع النظر إليها بسبب إنعكاسات  الضوء الساقط على زجاجها الرقيق ولا تتحمل هذا النورعيناي الضعيفتان. لقد أصبحت زيارة الأخوان والسعي في قضاء حوائجهم وخاصة إذا كان هذا السعي يكلفنا القليل من المال الذي جمعناه بالإحتيال والحيل الشرعية وغير الشرعية، أصبحت هذه المستحبات والواجبات الأخلاقية من الهوايات، وليس للجميع نفس الهوايات في صلة الرحم والسؤال عن الإخوان. كما أن السعي في قضاء حوائج العباد يدل على البطالة ونحن مشغولون طول الوقت. ليس المهم بماذا وبمن يكون إنشغالنا، المهم نحن مشغولون ولسنا من العاطلين أو المعطلين، حتى لو كنا مشغولين بالغيبة والنميمة والسخرية من الآخرين وتتبع عثراتهم للتشهير بها في الوقت المناسب. حتى لو كنا مشغولين بإسداء النصائح إلى المراجع العظام طالبين منهم إصدار الفتاوى التي تناسب أهواءنا. صدر المجلس عندنا مخصص للنخبة أو الصفوة أو الأساتذة أصحاب الألقاب الذين يدخلون المجلس فيسلمون بطرف العين وبتصعير الخد مع إبتسامة مزورة زائفة مريضة لا يعرفها من كان ورعا يخاف ربه ويخشاه. إنهم نخبة الجلوس في الصف الأول وحسب.
 في حين نرى المقبلون على الله تعالى والفارون إليه يبحثون عن مكان يناسبهم، مكان مَن يشعر بالإنكسار والندم، مكان من لايقوى ولايتجرأ على رفع رأسه إلاّ حينما يرفع يديه المرتجفتين وعينيه المبتلتين بغزير دموعه المتساقطة.
الشاب المنقطع إلى ربه تعالى:
 كنت ذات مرّة جالسا بالقرب من أحد الشباب وهو في حالة الإنقطاع والتوجه إلى الله تعالى ـ في حرم إبنت ولي الله رقية بنت الحسين عليهما السلام رزقنا الله وإياكم زيارتها عاجلا غير آجل بيسر وأمن وعافية وتوفيق ـ وقد إشتد بكاؤه من خشية الله تعالى فتساقطت على يدي بعض قطرات دموعه وإذا بها أحرّ من الجمر. كانت تلك هي دموع الخوف من الله تعالى، وكلّما أردت أن أسقيه قليلا من الماء كان ينظر إليّ بتلك العينين الخائفتين من الله فيفزعني المنظر ويسقط الكأس من يدي. لقد أجاد هذا الشاب الرائع محاربة هواه فلم يجلس أمام عدسات الكاميرات. بل جلس مجلس الفقير السائل المستعطي(المكدي) بباب الملِك الجواد الغني الكريم مرددا قبل الشروع بدعاء كميل: إلهي عُبيدُكَ ببابِك، فقيركَ ببابك، سائلكَ ببابك، محتاجُكَ ببابك وقد أذنت له بمسألتك فتفضل عليه بقبول العذر وأرحم إستكانته وتضرعه بين يديك. سجد هذا الشاب العارف وهو ينادي بأعلى صوته:"يامن إليه شكوت أحوالي". ساد الهدوء حرم السيدة الطاهرة وأخذ الزوار يجتمعون حول ذلك الشاب وقد أبكاهم إنقطاعه لربه تعالى فقد كان لايرى إلاّ خالقه الذي يقف بين يديه، يرجو رحمته ويخاف عقابه. هل يستوي هذا الشاب مع ذلك الرجل العجوز الذي لم ينقطع بعد أمله عن الدنيا ومتاعها الزائل فتراه حتى حينما يحضر مجالس الذكر والدعاء يكون مشغولا بما يقسي القلب ويزيده بعدا عن مولاه الذي سوّاه فخّلَقَه.
 كنتُ مع خادمكم محمد صادق وأخته رقية في الطريق إلى إحد المساجد وصادف إن إشتدت الريح  أثناء المسير، فأخذت تدفعنا إلى الإتجاه المعاكس، قلتُ سبحان الله، أنظروا أيها الأحبة إلى هذا الهواء إنه يشبه الهوى، فكلما نتقدم خطوة نحو الله يدفعنا الهوى إلى الخلف ليغلبنا فيقهرنا. علينا أن نستعد للصمود والثبات في طريقنا الى الله تعالى. أتذكر كلمة رائعة جدا لأستاذنا الباحث الموفق السيد سعيد العذاري ـ أيده الله بتأيداته ـ قالها لصاحبه السائر معه مشيا على الأقدام إلى كربلاء:"إن عدسات كاميرات الملائكة قد إلتقطت لنا صورا رائعة". وهذا هو المهم وماعداه دنيوي زائل لاقيمة له ولا ثمن وأجره لايثبت طويلا.
الحاج العجوز:
عكس ذلك الشاب الخائف والمؤمن العارف، رجلٌ طاعن في السن تعرفت عليه في الميقات بعد أن سمعني ألقن خادمتكم مريم ذات العشر سنوات وقتها، نية لبس ثوبي الإحرام وبقية الأعمال. سألني صديقي المحترم عن بعض الأدعية الشريفة فقلتُ له أسأل الله تعالى شيئا مهما وثمينا وغاليا لايُنالُ إلاّ بحظ عظيم.تبسم صاحبي وأخذ يفكر ببعض أمنياته فأخذتُ أدرس ملامح وجهه وكيف تغيرت، ظننت أنه سيطلب الجنّة ومعها الحور والولدان وإذا به يفاجأني بالقول:" أجل ياصديقي سأطلب من الله تعالى أن يرزقني فيلا جميلة وسيارة مرسيدس آخر موديل، فإني كلّما مررت بإحدى الفيلات الجميلة أقول لزوجتي: هل ياترى سيأتي اليوم الذي نملك به مثل هذه الفيلا الرائعة. أطرقت إلى الأرض متجاهلا كلامه لأني لم أكن مستعدا للنقاش بهذه الأمور وقد أحرمنا للتو. تذمر صاحبي من سكوني وسكوتي. فقلتُ له أن جنابكم لم يطلب تلك الطلبات مقرونة بتمام العافية ودوامها، فما قيمة القصور بغير العافية. هذا من جهة ومن جهة أخرى مَن قال لجنابكم أن الفيلا لاينالها إلاّ ذو حظ عظيم وتلوتُ عليه الآية الشريفة:" أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون".والآية الشريفة: "إنما أولادكم وأموالكم فتنة". وواصلت حديثي: أيها الحاج ليس حراما أو ممنوعا أن تطلب من الله تعالى ذلك بل ليس ممنوعا أو محرما أن تطلب من الله ملك الدنيا بأسرها ولكنها أيها المحترم لاتعدو كونها دنيا فكيف بقليلٍ من حُطامها الزائل. أردتُ لك أن تطلب من الله الجنّة ورضوان الله تعالى. هذا الحاج العجوز وذلك الشاب المنقطع لربه تعالى هل يستويان مثلا!!
وهوائي غالب..
حتى حينما نكتب المقالات أو نعلق عليها يغلبنا الهوى. مؤسف أن نقرأ لبعض السادة الكتّاب المحترمين وهم يتذمرون ويعتبون على مدراء المواقع الألكترونية بعدم نشر مساهماتهم من مقالات أدبية أو أبحاث علمية في مقدمة الصفحة الأولى.حال هؤلاء السادة يشبه حال ذلك المصلي الذي يتدافع من أجل الصلاة في الصف الأول. هو ذات الدافع وإن إختلفت التفسيرات. جميلٌ أن يتواضع الكتّاب الكبار أعزهم الله. سيزدادون إشراقا لو أنهم تواضعوا وطلبوا من مدراء المواقع أن ينشروا مساهمات الشباب في أعلى الصفحة. هناك تأثيرات نفسية خفية تؤثر سلبا أو إيجابا وخاصة في مرحلة الفتوة والشباب. أتذكر حينما كنت في الصف الثاني المتوسط وقد نشرت لي إحدى المجلات العربية مقالا حول حقوق المرأة ماذا تعني، فرحت بذلك وتشجعت كثيرا على البحث والدراسة. لأ أخفيكم أني آسف أحيانا كثيرة حينما أرى الكتّاب الكبار يحتلون الصفحة الأولى بكاملها وبمساهمات تكون أحيانا هوائية، بعضهم يرهقنا بمطالعة خزعبلاته، نراه يجتهد كثيرا لصناعة عنوان ملفت وبمضمون يدعو للتبسم. البعض الآخر يضع لنا جدولا زمنيا لزيارة الحسين عليه السلام ويقول أن زيارة الحسين في غير المناسبات أفضل من زيارة الأربعين التي وردت بفضلها روايات معتبرة عن أئمة أهل الحق الميامين. بعض المواقع تنشر مساهمات الشباب الرائعة والراقية  لبضعة ساعات فقط لتحذفها بعد ذلك بحركات بهلوانية إعتادت عليها. هل هكذا نشجع الشباب الذين نكتب عنهم المقالات والأبحاث ونتحرق من أجلهم. أخشى أن نكتب من أجل الكتابة فقط.
بعض المواقع تنشر السموم بحجة حرية الراي ولا تنشر تعليقات بعض القرّاء المحترمين بحجة الإساءة إلى الكاتب المحترم الذي "فش خلقه" ونام، فلم نره يوما رد على تعليق القرّاء الأفاضل المحترمين.
هل يحق للكاتب مهما كان إنتماء هذا المحترم، هل يحق له أن يهين طائفة بكاملها أو مجموعة معينة أو شخص واحد أو حتى نملة صغيرة، ولا يحق لنفر واحد  الرد عليه بأسلوب محترم وقرع الحجة بالحجة.
ماسبب ذلك ياترى؟
وهوائي غالب..
 مؤسف جدا أن نجد بعض مدراء المواقع يحرصون أشد الحرص على نشر ما ينسجم تماما مع أفكارهم ومشاعرهم وماعدا ذلك باطل لا يستحق النشر. كنت أشعر احيانا أني غير مرحب بي لأني أبتدأ تعليقي بتحية الإسلام: السلام عليكم، وكنت اقرأ بعض الإشارت من بعض الكتاب المحترمين بأن الصفحات الأدبية قد تحولت إلى إخوانيات ومجاملات. أقول ما المانع من ذلك. أليست الأخوانيات والأخلاقيات هي من الآداب.لماذا هذا الإعتراض على هذه الأخلاقيات ولا إعتراض على مقال لرجل قد بلغ من الكبر عتيّا وهو يصف لنا حبه لشرب الخمر بأنواعه ويتصدر أعلى صفحات مواقعنا المحترمة وهناك من أولادنا مَن يتصفح هذه المواقع التي نصحناهم بها.
هل التباهي بشرب الخمر هو عنوان التحضر وإشاعة السلام عليكم تدل على التحجر!!
هل أصبح الدعاء بالخير والتوفيق للآخرين معيبا والجهر بشرب الخمر أمام الشباب والشابات الذين يتصفحون هذه المواقع المحترمة هو من التحضر والتمدن.مالكم كيف تحكمون!!
حتى في أوربا المتحضرة فإن الجهات المختصة تحرص كثيرا وتطلب من الأهالي متابعة أولادهم ومراقبتهم وهم يتصفحون مواقع الشبكة العنكبوتية. كنت ذات مرّة في إحدى المكتبات العامة هنا في ستوكهولم فوجدت بعض التوجيهات في أكثر اللغات ومنها اللغة العربية تطلب من الأسر متابعة الأولاد على الأنترنت وإرشاهم بعدم تصفح تلك المواقع التي لا تحترم الإولاد ولا أقول غير ذلك.
التثاؤب أم ذكر الله تعالى:
كنت طالبا في الصف الخامس العلمي وتحديدا في إعدادية الخورنق في النجف الأشرف، وكان يدرسنا مادة الرياضيات أحد الأساتذة المعروفين بعدم التدين وصادف أن تثاءب أحد الطلاب في درسه وقال وهو يتثاءب: يالله إرحمنا برحمتك الواسعة وإكفنا ما أهمنا من أمر الدنيا والآخرة. إستاء كثيرا ذلك الأستاذ وأخذ يوبخ زميلنا ويقول له: لاتنسّ أنك جالسٌ في الصف ولستَ في مسجد أو مصلى. تبسم الطالب المتثائب وسأل أستاذ الرياضيات: هل أن التثاؤب هو الذي كان في غير محله وازعج جنابكم أم ذكر الله تعالى؟  فرد عليه الأستاذ أنت خبيث جدا. القصة طويلة ولكننا إكتفينا بالشاهد فقط.
إقول إذا كان ذكر الله تعالى جهرا قد أثار حفيظة ذلك الأستاذ فهل يحق لنا أن نستنكر الجهر بشرب الخمر والتلذذ به في المواقع المحترمة حفاظا على الأولاد والشباب من هذا الترغيب المبطن والإعلان الفاسد. مجرد سؤال؟؟
كتبت لأحد مدراء المواقع المحترمة: أنت ياسيدي المحترم لاتنشر حتى تعليقاتنا ودعواتنا لأخوتنا وأساتذتنا ولكنك تنشر على الفور هذه الرسالة ـ الأستفسار ـ التي تصلك لتوهم القرّاء بأنك تنشر كل شيء يصلك وأنك تكيل بمكيال واحد للجميع. قد تكون بارعا في ذلك ولكن أين المفر غدا حينما ترى صفا أو صفوفا من الذين ظلمتهم بغير حق وبخستهم أشياءهم يحتكمون إلى الله الذي يحكم بين عباده بالحق. أنا شخصيا أدعو لك أيها السيد بالتوفيق ولاتظن أنك بضاري شيئا، حتى لو تضررت بسببك لا سمح الله تعالى فسأبقى أحبك وأدعو لك بالخير لأنك أخي في الخلق والآدمية إن لم تكن أخي في دين الله تعالى. كم سأكون تعيسا  وبعيدا عن الله لو كرهتك لاقدّر الله ذلك. ولكن إعلم أيها السيد المحترم أنّك لو تسببت بكسري فعليك وحدك جبره. وإعلم أيها السيد أن هناك من يسعد بهذه الأسطر التي يكون جنابكم سببا في حجبها. 
 ربما نصرف وقتا طويلا في التدريب والتمرين على الإنتصار على الآخرين وخصوصا مع من نختلف معهم في الأفكار والتوجهات ولكننا نفشل في مواجهة الهوى والتغلب عليه. بل تكون النتيجة هي"وهوائي غالب". ولكن إلى متى أيها السيد المحترم؟
لنتكاشف قليلا، هل أن كل كتاباتنا وتعليقاتنا بعيدة عن "هوائي غالب" وهل أن مجالسنا بعيدة عن "هوائي غالب" وهل  أن حجنا وصلاتنا وصومنا بعيدة عن"هوائي غالب". هل أن كل إستنكاراتنا أو تأيداتنا بعيدة عن"هوائي غالب".
شيخ وشيخ:
 قبل أكثر من عشرين عاما سألت صديقي الذي كان في بداية دراسته في الحوزة العلمية الشريفة عن سبب دراسته للحقوق في إحدى الجامعات عن طريق المراسلة فأجابني ذلك الشيخ المحترم قائلا: ما الضير مِن أن يُقال لي غدا الدكتور العلاّمة فلان الفلاني أسوة بالدكتور العلامة السيد البهشتي تغمده الله برحمته. كيف سيكون حال البلاد والعباد ومقدراتهم إن أصبحت يوما بيد هذا الدكتور العلامة فلان الفلاني.
 مالسبب في كل الذي يحصل؟
صديق آخر درس ويدرّس الآن في نفس الحوزة الشريفة قال لي يوما: واللهِ ما سألتُ اللهَ يوما طول العمر، ولا سأله والدي ذلك (وكان والده من العلماء الأعلام وجده من العرفاء)، وإنما نسأله تمام التوفيق مابقينا وأن نتعلم لنكون خداما للمؤمنين. هذان الصديقان الشيخان هل يستويان مثلا!!
 إن "هوائي غالب"أمرٌ خطير لاينجو منه إلاّ من إستعد لمواجهته وأحضر معه كل أسلحة الإنتصار عليه. تماما كالجندي في أرض المعركة. قضينا سنوات ونحن نكتب وننقد ونبين الأخطاء ولكننا للأسف لم نفعل شيئا نافعا ومفيدا. نتكلم عن السيء ولكننا لانكون سببا في إيجاد الحسن. أتساءل أحيانا: لماذا نحن هكذا!!
لماذا لا نخطو خطوة واحدة إلى الأمام  والله سبحانه وتعالى يقول:"إنَّ اللهَ لا يُغَيّرُ ما بقَومٍ حَتَّى يُغَيّروا ما بأنفسِهِم". حالنا يزداد تدهورا.
 ما السبب أيها السادة !!
نتكلم كثيرا عن السياسة وربما إتهمنا الآخرين بأنهم لا يفقهون في السياسة لأنهم لا يكتبون مقالات يومية مؤيدة أو معارضة، ونغفل عن إنشاء مؤسسات خيرية إجتماعية ترعى الشباب وتوفر لهم مستلزمات مرحلتهم في البناء. بناء الإنسان الصالح النافع الذي يعول عليه ببناء أمة بكاملها وليس مجتمعا أو بلدا معينا. ننتقد تصرفات وسلوك الشباب ولكننا نكون أحيانا ومن حيث لا نشعر سببا في ضياعهم. لسنا بحاجة إلى المزيد من المقالات السياسية المؤيدة  أوالمعارضة. لسنا بحاجة إلى المزيد من المحاضرات الروتينية كما أننا لسنا بحاجة إلى خطباء نقلة روايات وأحاديث يقولون ما لايفعلون. لقد تعرضنا إلى حملات ظالمة من الهدم والتخريب. هدم أخلاق الإنسان وتخريب عقائده بالأفكار السلبية. نحن بأمس الحاجة إلى مهندسين في الأخلاق لبناء صرح  أخلاقي عال يناطح السحاب. نحن بحاجة إلى أطباء روحانيين يعالجون بعض المرضى من (دكاترة) علم النفس المحترمين. نحن بأمس الحاجة إلى من يصادق الشباب ويجالسهم ويكون أبا رحيما أو أخا كريما أو صديقا ودودا للشباب. أن يكون قدوتهم ومثالهم الرائع. مؤسف أن نترك الشباب تحت تأثير الأفكار السلبية التي نستوردها من السوق السوداء أو التي نحاول تجميعها محليّا ومن ثم نتظاهر بالحرص عليهم. إلقاء الخطب أو كتابة المقالات لايغيّر من واقع الحال كثيرا. قلت لأحد الخطباء المحترمين: أن مناشدتكم المستمرة بتوفير أجواء أفضل للشباب لا يسقط عنكم التكليف برعايتهم عمليّا. عليك أيها المحترم أن تقدم شيئا للشباب، تدعوهم إلى بيتك وتجالسهم وتحدثهم وتستمع إليهم وتمازحهم. تأمهم في الصلاة وتلعب معهم كرة القدم وتشاركهم بعض نشاطاتهم. إن إلقاء المحاضرات الروتينية الأسبوعية  المدفوعة الثمن مسبقا يشبه تماما كتابة المقالات السياسية المكررة. لسنا ضد الخطابة والكتابة ولكن يجب أن يقترنا بالسعي الحثيث والعمل الدؤب لإصلاح الحال.

يامن إليه شكوت أحوالي

إلهي هوائي غالي..

نسألكم الدعاء

أقل العباد

محمد جعفر


تنويه:
 أولا: كتبت هذه الأسطر لوعظ نفسي التي يغلبها الهوى ويحول بينها وبين الطاعة والزلفى، فعسى  أن تخجل هذه النفس مما أكتبه أنا العبد الفقير الذي أرى أني أقل عباد الله شأنا ومنزلة وأن بعض السادة الأفاضل يتفضلون علينا بما لانستأهله  ولا نستحقه ، جودا منهم وكرما.
ثانيا: لا أعني شخصا بعينه من الكتّاب والقراء ومدراء المواقع والأصدقاء المحترمين. أكتب عن ظاهرة وليس عن علاقات خاصة. الذي اخشاه واقعا هو التشرذم ولنا في هذا الشأن تجارب ثلاثين عاما أو تزيد.الذي أخشاه هو البقاء أو الإبقاء على هوائي غالب مدى الحياة فنفشل وتذهب ريحنا.
 جميل أن نرى المواقع مزدانة بكتّابها الذين يختلفون في الفكر والإنتماء ولكنهم يشتركون في خدمة الأنسانية وبناء أوطانهم بالحب والإحترام ونبذ الأنا وإحترام مشاعر وعقائد الآخرين.

دمتم جميعا
 


كافة التعليقات (عدد : 6)


• (1) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2012/04/05 .

جناب الأديب الألمع والورع الرائع الحاج علي حسين الخباز دامت توفيقاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر مروركم الكريم وتعليقكم الواعي الجميل.
جزلكم الله خيرا جناب الفاضل على ذكركم بالدعاء لنا تحت قبة أبي الفضل العباس عليه السلام.
العيال والأولاد خدامكم يقبلون أياديكم الكريمةز
دمتم لمصرة الحق وأهله

أقل العباد
محمد جعفر

• (2) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2012/03/31 .

سلاما سيدي الكريم سماحة السيد صادق الكيشوان تقبل المودة والسلام ولك مني والعائلة الدعاءبالخير والموفقية


• (3) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2012/03/31 .



الأديب اللامع أستاذنا الفاضل مجاهد منعثر منشد دامت توفيقاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله لكم في الدنيا والآخرة وأراكم بمحمد وآله السرور والفرج.
استاذنا الجليل..
صدقني بأني لا أكتب عن نفسي كناية عن غيري وإنما أنا اقصد نفسي بذاتها، هي نفسي قبل غيري، ولهذا أنا أكتب فلولا الأمل في أن أعتبر فيما اكتب لما فعلت ذلك. بل هذا ما أشاره عليّ خادمكم أخي السيد باقر حينما سالني أين تنشر كتاباتك فقلتُ له أنشرها في غرفتي المتواضعة, تبسم أخي وظن أني أمازحه، فأخذت بيده وأدخلته غرفتي فشاهد الجدران مليئة بالكتابات فقلت له: ياسيد تعسا لمن ينشر في العلن ولا يعمل على إصلاح حاله في السر. بعد مناقشات معه أقنعني بأن النشر على الأنترنت يصلح حالي أكثر فهناك من يرى أخطائي ويقومها ولكني لغاية هذه اللحظة لم أفز بذلك. هنا في الأنترنت أخذ السادة الأفاضل من كتّاب وقرّاء أعزهم الله ينعتوني بما لست أهلا له، جودا منهم وكرما.
أبحث عن أخطائي أيها السادة فهل من محسن يحبنا فيهدينا عيوبنا.
دمتم ايها الرائع ذخرا لنصرة الحق مع ولي الله عليه السلام

تحيات اقل العباد ودعواته

محمد جعفر






• (4) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2012/03/31 .

جناب الرائع الورع أستاذنا الفاضل أبو محمد دامت توفيقاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسألك بتلك الدموع الطاهرة أن تشركني بدعواتك التي أنا بأمس الحاجة إليها.
لقد شرعت بكتابة هذا المقال المتواضع في حرم مولانا أنيس النفوس أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام حينما تشرفنا لزيارته قبل أسبوعين. دعونا لكم هناك تحت قبته الطاهرة بأسمائكم فردا فردا.
لا أخفيكم بأني بقيت حتى الفجر من ليلة الجمعة هذه أتذكر ذلك الشاب العارف الذي كان لم يبلغ الحلم بعد وظننت أنه أحد الملائكة التي هبطت من السماء لتحرس قبر الطاهرة رقية صلوات الله عليها.
تكررالمشهد في حرم الرضا عليه السلام وعشت قصصا رائعة لم أذكرها في المقال خشية الإطالة عليكم.
مولانا الأجل..
لا أبكى الله لك عينا غدا يوم الفزع الأكبر.
أشكر مروركم الكريم وتعليقكم الواعي الأيماني الذي يدل على قربكم من الله تعالى.
هنيئا لكم هذا القرب وهنيئا لكم هذا الجهد من أجل إعلاء كلمة الحق ونصرة أهله.
أبقاكم الله لنصرة وليه عليه السلام

تحيات أقل العباد ودعواته

محمد جعفر



• (5) - كتب : ابو محمد ، في 2012/03/30 .

استاذي وسيدي الكريم قرأت مقالتكم مرتين وحاولت جاهدا ان لاتخرج دموعي
بارك الله
اكتفي بهذا واسال الله ان يجعلها في ميزان حسناتكم



• (6) - كتب : مجاهد منعثر منشد ، في 2012/03/30 .

سماحة السيد الجليل محمد جعفر الكيشوان الموسوي دمت موفقا
احسنتم تطبيق مضامين دعاء كميل على انفسنا الامارة بالسوء حق .
واجدتم بفيض فكركم على واقع موجود لايمكن غض النظر عنه .,فالمطلوب الخدمة الانسانية للانسان ذاته وللمجتمع بشكل عام لافرق بين أحد ..
وفي ذلك لنا اسوة بامير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) الذب قدم لنا من الواقع الاسلامي فاثبت بان الاسلام هو الانسانية والحفاظ على حياة الانسان والناس ليس من الموت ,فحسب حتى لايضر الاخرين في المجتمع .
نعم مااحوجنا ان نكون مراة لبعضنا فالذنوب كثيرة والعمل قليل ...
تحياتي وتقديري لسماحتكم مع خالص تمنيات لكم بالتوفيق .
الاقل لله تعالى
مجاهد منعثر منشد



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15616
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19