• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أبو طالب شَيد....وأبو سفيان تسيَد!!! .
                          • الكاتب : د . حميد حسون بجية .

أبو طالب شَيد....وأبو سفيان تسيَد!!!

سلمتِ أم خالدِ    رب ساع لقاعدِ                                            
 
        في نظرة فاحصة لأحداث الإسلام، يتسنى للمرء أن يكون على يقين من أن عملية تشييد أركان الإسلام البالغة في المشقة والعناء اتخذت من كاهل أبي طالب سندا لها. فلقد كان أبو طالب الحنفي أشد المدافعين عن ابن أخيه رسول الله محمد(ص) والذابين عنه أذى قريش. ولسنا بحاجة للقول أن سبب ذلك الدفاع لم يكن وليجة القرابة والنسب. كما أننا لسنا بحاجة للإشارة إلى ديوان أبي طالب المفعم بمدح الرسول(ص) والتصريح بنبوته، ونغفل ما قاله بحق الرسول من قبيل:
                 وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ***  ربيع اليتامى عصمة للأرامل
 ولا نود القول أن الرسول(ص) لم يكن بوسعه إبقاء السيدة فاطمة بنت أسد المؤمنة في كنف الزوجية لدى أبي طالب لو كان حقا مشركا. كما لا نخوض فيما قاله فيه الرسول(ص) عنه عند وفاته وكيف أسمى عام وفاته هو والسيدة خديجة (عام الأحزان). 
  لكننا نخوض في أمر أبي سفيان الذي كان على رأس المناوئين للإسلام، والذي لم يكن إسلامه ونطقه بالشهادة والطريقة التي(أسلم) فيها من الأمور المسلم بها، إذ عاد ليتسلم زمام الأمور مرة أخرى-عبر ذريته وزمرة الطلقاء- بعد ما جرى من وقائع أودت بالإسلام الحقيقي وحرفت الأمور وأخرجتها عن مسارها، تلك الوقائع التي  كان له اليد الطولى في تنفيذها، لتصبح الخلافة (كالأكر التي يتقاذفها الصبيان). ويذكر التاريخ كيف أن أبا سفيان التقى بالأعشى الأكبر وهو ذاهب إلى الرسول(ص) ليعلن إسلامه، وكيف صده عن ذلك.
  بيد أن الأمر لم يعد مجرد انحراف عن المبادئ الأولى للإسلام وتحييد دور الفئة التي كانت هي الوحيدة المدافعة عن تلك المبادئ الحقة فحسب- فهذا ما كان غالبا ما يدور في حركات التاريخ - بل تعدى إلى استئصال عترة أبي طالب. ولم يكتف المعتدون بذلك، بل أنهم ادعوا أن آل أبي طالب هم الفئة الضالة وشديدة الخطر على الإسلام! 
  فلم ينجو من عترة أبي طالب إلا من أراد له الله أن ينجو لمشيئة هو أرادها. ولا أدل على ذلك من كون كل شهداء واقعة كربلاء من آل البيت هم من أبناء أبي طالب. فلم يتوقف الأمر عند قتلهم، بل وفي التمثيل بجثثهم. كما أن من ناصر أهل البيت عرض نفسه للجوع والذل والقتل على أيدي أبناء أبي سفيان. فقد كان انحرافا بكل ما تعنيه تلك الكلمة من إيحاءات.   
  على أن الأمر لم يقتصر على ظلم أبي طالب في الحياة الدنيا بل تعداه إلى محاولة ملاحقته إلى العالم الآخر. فهذه أقلام آل أبي سفيان المأجورة تدعي أن المقصود بالآية الشريفة: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) القصص|  56 إنما هو أبو طالب. كما أنهم تنبأوا بوضع أبي طالب في آخرته فقالوا أنه: (في ضحضاح من نار).
  فلله درك يا أبا طالب، عشت مظلوما ومت مظلوما وامتد الظلم في عقبك وحتى إلى حياتك الآخرة! ولو كنت أبا لمعاوية أو أحد الطلقاء، لما كان الذي كان!!! فجزاك الله عما أبديت وصبرت واحتسبت خير جزاء المؤمنين. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156277
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28