لا يكون الناقد ناقدا فنيا الا اذا كان موهوبا اصلا فالنقد الفني موهبة في الاصل وخبرة وحدس في الوصول الى الحقيقة الجمالية قبل الآخرين . ولان النقد الفني بمسمياته وليد الفلسفة التي يتميز بها العصر فانه سلسلة من الحلقات المتصلة والناتجة عن صراع المتضادات في مسيرة الحياة وفي رأيي المتواضع ان قصة الخلق بحد ذاتها اصابها نوع من النقد الفني والقصدي بما وجدت من قصص الخلق واساطير صياغتها وكان الشيطان اول ناقد طرح تساؤلاته الكبرى وتمرده في الجدل حول خلق الانسان الذي كان من الطين وخلقه الذي كان من النار ولماذا يفضل الطين على النار ؟
ابليس من نار وآدم طينة
والطين لا يسمو سمو النار
ولعل في ذلك تساؤلا عن التقنية التي تمثل ذلك والحقيقة كما تبدو لي ان الشيطان المتمرد هو الجانب المتمرد داخل النفس البشرية حين يكون الصراع والتساؤل والتمرد والانشقاق ولا يكون الابداع ابداعا الا بالانشقاق والتمرد والاتيان بشيء جديد ومن اللافت للنظر ان النقد بمدارسه لا ينبغي له فصل المدارس عن بعضها لان الحياة الفنية والثقافية متصلة منسجمة بعضها متعشق ببعض فلا يحذف ما استجد القديم وانما هو متواصل بطريقة نسبية فالعصر الذي ساد فيه العقل والمنطق وسيطرة الكنيسة فرض على الفن صرامة الاداء وجفاف التعلم المدرسي وانغلاق الخيال وانعدام الذات وعدم المغامرة باستعمال اللون والخوف من التشريح والمنظور في حالة الاخلال بهما ومع هذا فان الفنان الكلاسيكي نفسه كان يشعر بالكآبة وعدم الارتياح وقد حاول بعض الفنانين الانتحار رغم جلال الأعمال الفنية لان في داخلهم نزوعا نحو الحرية التي ستكون بداية مدرسة اخرى في الفن فهناك بعض الاعمال الكلاسيكية كانت تجنح لضرب القواعد والمنطق الفني المتزمت