• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإمام الصادق.. قبلة أهل العلم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم .
                          • الكاتب : ملاك المغربي .

الإمام الصادق.. قبلة أهل العلم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم

عايش الإمام جعفر الصادق عليه السلام مرحلة تحول حاسمة وحساسة، وهي مرحلة انهيار الدولة الأموية وتأسيس الدولة العباسية، ويُعتبر أول منْ أسسّ المدارس الفلسفية والعقلية في الإسلام، حيث حضر عنده طلاب الفلسفة من أنحاء الدنيا، ومؤسسو المذاهب الإسلامية.

وفي عصره عليه السلام بدأ عصر ترجمة الكتب إلى العربية من الديانات والفلسفات المختلفة كاليونانية، والهندية، والفارسية، والعبرية، وغيرها..، ونشأ العديد من التيارات والمذاهب، وقد تصدى عليه السلام لذلك كله.

يعتبر عهد الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام عهد الانفراج الفكري لمدرسة أهل البيت عليهم السلام، وأسباب هذا الانفراج كثيرة أهمها ضعف وانهيار الحكم الأموي سنة 132هـ، وبداية ضعيفة لدولة بني العباس. ومن الطبيعي أن ينشغل الحكام عن رموز أهل البيت عليهم السلام، لذلك كان الإمام عليه السلام بعيداً عن المواجهة السياسية العلنية، ولذا سمُي هذا العصر بعصر انتشار علوم ال محمد صلى الله عليه وآله.

 

الإمام الصادق..أستاذ المذاهب الإسلامية ومرجعها الدائم

يشير الاستاذ في الحوزة العلمية فضيلة الشيخ أمين ترمس في حديث خاص لـ”شفقنا” انه عاش الإمام الصادق في مرحلة حساسة مرت بها الأمة الاسلامية وفي زمن ضعفت الدولة الاموية وبدأت ارهاصات قيام الدولة العباسية بالنشوء، هذه الفرصة سنحت للإمام ان يتفرغ لتبيلغ العلم وايصال صوت الاسلام الحقيقي الى الامة.

وتابع، وفي الوقت الذي انشغل الامويون في الدفاع عن حكمهم، سعى العباسيون الى الوصول الى حكم الامة بهذه الطريقة، وهذه الفرصة اتيحت للامام الصادق “ع” كي ينشر علم النبي “ص” وفكر الاسلام، من هنا فتح مدرسة كان جده الامام السجاد “ع” ارسى أُسسها في المدينة المنورة ورفع أعمدتها ابوه الامام الباقر “ع” وجاء الامام وفعلها في هذه الظروف الصعبة التي مرت بها الامة، فكان يحتشد تحت منبره الشريف المئات بل الآلاف من الطلاب الذين ينهلون من علمه ومن معينه، فكان يحضر عنده كبار علماء الامة الاسلامية من جميع الفرق والمذاهب، منهم الامام ابو حنيفة والامام مالك الذي كان يروي ويحدث عنه عليه السلام في كتابه المعروف “الموطأ” وكان يفتخر بحضوره عند الامام وقد اشتهر عن الامام ابي حنيفة الذي قال: “لولا السنتان لهلك النعمان”.

وأضاف “نحن نعلم ان الإمام الشافعي هو تلميذ ودرس عند الامام مالك والامام احمد ايضا اخذ واستفاد من الامام الشافعي وفي الواقع ليس جميع المذاهب حضروا عند الامام الصادق “ع” وانما اثنان اساسيان منهما والباقي استفادوا من تلامذته”.

لاشك ان عصر الامام الصادق “ع” مر بالكثير من الشبهات التي انتشرت في اوساط الامة الإسلامية خصوصا بعد توسع الدولة الاسلامية في العالم وانتشرت في شرق الارض وغربها، فجاءت ثقافات وافدة على المجتمع الاسلامي، منها ما يحمل الالحاد والشرك وبعض الافكار المنحرفة، ويشير الشيخ ترمس انه من جملة الاهداف التي سعى الامام الى تحقيقها، هو التصدي بشكل مباشر ومن خلال تلامذته وطلابه الذين انتشروا في اصقاع الارض، حيث كانوا يردون على هذه الشبهات وتُعقد مناظرات بين الإمام وبين كبار هؤلاء الملحدين والمشككين، فكان عليه السلام يجيبهم ويشرح لهم ويدافع عن العقيدة في الوقت الذي التهى فيه كبار حكام العالم الاسلامي في الدنيا والحكم والسلطان.

واشار فضيلته “هذا يشبه الى حد كبير ما نحن عليه اليوم، ففي الوقت الذي فيه تحديات كبرى في العالم الاسلامي والفكر والحكومات، نجد انه من المفترض على هؤلاء الذين اخذوا على عاتقهم الدفاع عن الاسلام في بعض الحكومات ينشغلون في جمع المال وصرفه بغير موضعه، بينما الذي يتصدى للدفاع عن هذه الشبهات على رأسهم الجمهورية الاسلامية وكبار المراجع في النجف الاشرف وعلى رأسهم سماحة السيد السيستاني دام ظله.

 

المسلمون بجميع فئاتهم ينظرون الى الإمام جعفر الصادق نظرة اجلال وتقديس

لم يكن الإمام جعفر الصادق إماما للمذهب الشيعي فقط، بل تتلمذ عليه إمام المذهب الحنفي أبو حنيفة النعمان، حيث أخذ منه قرابة عامين من الزمن علم الفقه وشيئاً من الآداب وله مع الإمام وتلاميذه جملة من المناظرات والاحتجاجات نقلتها الكتب المُعتبرة. وممن تتلمذ ايضا عليه مالك بن أنس بن مالك أل اصبحي، صاحب المذهب المالكي، اضافة الى محمد بن إدريس الشافعي؛ إمام المذهب الشافعي، والذي عرف بميله إلى أهل البيت(عليهم السلام)، وممن أخذ عنه أحمد بن حنبل، حيث روى الكثير عنه في مسند أحمد.

وفي هذا السياق، يقول المدير العام السابق للأوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة ان المسلمين بجميع فئاتهم ينظرون الى الإمام جعفر الصادق “ع” نظرة اجلال وتقديس لسبيين الاول انه من آل بيت رسول الله “ص” وهذا له مكانة خاصة في قلوب جميع المسلمين، والسبب الثاني المكانة العلمية التي بلغها هذا الإمام حتى نحن نعتبر انه كان شيخا لأحد أئمة المذاهب الاربعة الكبير الإمام ابي حنيفة النعمان صاحب المذهب الحنفي، ويضاف للعلم المكانة الروحية السامية الراقية التي في زمنه فاق اقرانه، حتى ان هناك ما يسمى بالطرق الروحية السلوكية (الصوفية) تعتبر ان الإمام الصادق هو مرجع هذه الطرق وهو من ضمن السلسلة التي استمدوا منها السمو الروحي والسمو الاخلاقي والسلوك الإيماني المميز الذي يُدخل صاحبه في مقامات الولاية في قول الله عز وجل: ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.

ويتابع هذا كله مستمد من سلسلة من كبار الرجال من اوائلهم الإمام جعفر الصادق “ع” والذي كان في زمنه ايضا مكان التقدير الاضافي لجميع المسلمين انه كان اماما للوحدة الاسلامية عندما تكلم بكلام يقطع به كل متعصب فقال: “ولدني ابو بكر الصديق مرتين” ليجعل هناك نسب من خلال السيدة ام فروة ومن خلال ولده محمد بن ابو بكر، وبالتالي كانت هذه اشارة منه الى القرب بين السلف الصالح وبين آل البيت وبعض رجالات الصحابة الكبار.

وردا على اولئك الذين ادعوا ان اهل السنة اليوم يخالفون الإمام عليه السلام، قال الشيخ خليفة: ليست قضية مخالفة بقدر ما هي قضية آراء فقهية، استمد منها المجتهدون الذين مروا في تاريخنا كأصحاب المذاهب الاربعة والذين التقطوا الحكم والاحكام الفقهية من عدة مصادر ونجد عند الكثيرين منهم احد هذه المصادر قد يكون الإمام جعفر الصادق، فما صح عند الشيعة وبسندهم- فالاختلاف هنا بصحة السند- هي معتمدة ويعمل بها ويعتبر حجة، اي احدهم يدعم قوله الفقهي بقوله:” …وقد قال ذلك الإمام جعفر الصادق”.

اذا، لقد كان الإمام الصادق مرجعا روحيا لكافة المذاهب الاسلامية، وبلغ مكانة عظمى لدى المسلمين، فكان اماما وعلما من اعلام الفكر الاسلامي ليواجه الافكار المنحرفة بحكمة حتى استمدت منه مراجعنا اليوم وعلماؤنا الاسس لينطلقوا منها في الدفاع عن الاسلام والأمة الاسلامية وحفظ دين رسول الله.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156434
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29