• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأبعاد البصرية لتوثيق واقعة كربلاء ( 1) .
                          • الكاتب : صدى الروضتين .

الأبعاد البصرية لتوثيق واقعة كربلاء ( 1)

  تقول المستشرقة السوفياتية تمارا الكساندروفنا في كتابها (ألف عام وعام على المسرح العربي) وبعد اطلاعها على الحوادث الملازمة لقضية الحسين (ع) - ما قبل وما بعد - بوصفها مادة مشبعة بالدراما الحقيقية والتراجيديا، تقول: (ولا يتبقى لنا في النتيجة إلا أن نأسفَ لعدم ولادة شكسبير عربيا كان باستطاعته تجسيد طباع أبطاله وسلوكهم في الشكل الفني للتراجيديا الدموية. إن في هذه المادة من المؤامرات والقسوة والتعسف والشر ما لا يقل عما كانت عليه في موضوعات عصر حروب الوردة الحمراء والوردة البيضاء، لكن على رغم عدم توافر الأساس الأدبي المتين، فقد أدى مصير الحسين (ع) المأساوي وأدت معركة كربلاء إلى ولادة (التعزية) التي تعتبر من أقدم العروض المسرحية في العالم الإسلامي).
 لكن على رغم ما تقدم في رأي (الكساندروفنا) وطموحها في ظهور نص مسرحي عربي عن واقعة الطف يأخذ شهرته الدرامية؛ مثلما أخذت نصوص شكسبير مكانتها الأدبية، فقد ظهرت نصوص مسرحية وسينمائية عدة استثمرت حوادث واقعة الطف في بنيتها الدرامية ومتنها الحكائي، منها ما أخذ شهرة معقولة في الساحة: مثل (التفاني والإيثار- السفير- رسول الحسين...) وغيرها.
وكلامها يذكرنا بمقال للكاتب البحريني (جعفر حمزة)، إذ كتب يقول: (صور التراجيديا لأية أمة هي المحرك الفعلي لاستمرار التفاعل مع كل القيم التي تحملها المأساة بكل مفرداتها). ويمثل الحدث المأسوي (التراجيدي) الصورة التي تقدم تلك الزاوية المظلمة من الإنسان لأخيه الإنسان ليعيش في ذاته (الشيطنة) التي تحول كل المفردات المحيطة بالإنسان الشيطان إلى أدوات جهنمية؛ تنبع من تفكير أبعد ما يكون عن معنى الوجود الإنساني بكل معانيه.
 والتراجيديا هي إحدى السُبُل التي تلامسُ الإنسانية الكثير من القيم الأساسية الفطرية للإنسان، ضمن حدث وسلسلة حركية تظهر فيها التناقضات في المبادئ بين جبهتين مختلفتين إحداهما تمثل القيم النبيلة، وأخرى نقيضه لها. وأخذت (واقعة كربلاء) صورا متعددة لحفظ وقائعها، وسرد حوادثها، لتكون أضخم صورة تاريخية لمأساة عاشها الإنسان شعرا وكلمة وصورة وحركة، ونتيجة للوضعية الخاصة التي عاشتها مأساة كربلاء من ناحية الزمان والمكان والشخوص، كان لابد من وجود (مصدر بصري) ينقل تفاصيل تلك المأساة إلى الأمة، فكان النقلُ الروائي ووجود الشهود من المعسكرين أدوات الرسم الثانوية بعد كلام الرسول الأكرم (ص) عن تلك الواقعة، وتبدأ أول عملية توثيقية بالرسم لواقعة كربلاء وما تلاها من خلال رسم السبايا في الكوفة والشام، وعبر رسم الراهب المسيحي الذي أخذ رأس الإمام الحسين (ع) ليبيت عنده ليلة واحدة، بعدما أخذه من جنود بني أمية مقابل مبلغ من المال، وبعدها تتابعت صور التوثيق وسرد المأساة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156707
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29