• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العملُ الصالح .
                          • الكاتب : الشيخ علي عبد الجواد .

العملُ الصالح

 قال تعالى: ((وَبَشِّرِ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحاتِ أَنَّ لَهُم جَناتٍ تَجرِي مِنْ تَحتِهَا الأَنهارُ)) البقرة: 25
كثيرة هي الآيات الكريمة التي تتحدثُ عن العمل الصالح، ولكنّها تقرنها بالإيمان... إذن فالعمل الصالح وحده لايجدي من غير إيمان ورجاء القربة منه تعالى.
هناك قسمان من العمل، أولهما مايعمله الانسان نفسه وفي حياته، وثانيهما مايعمله غيره، ويصل ثوابه إليه بعد مماته.. سنحصر بحثنا هنا عن العمل الذي يعمله الانسانُ في حياته... فقد يتبادرُ الى البعض بأن هناك من يعمل عملاً صالحاً، بحيث يصل الى إنتفاع البشرية جمعاء من غير إيمان، بل قد لايدين بدين، فهل إنّ اللهَ سبحانه وتعالى لايؤجره على ذلك، ويلقي به الى جهنّم، وخاصة بأنّ اللهَ عادل ولايظلمُ أحداً؟
نعم، إنّ اللهَ عادل ولايظلم أحداً، ولكن من لايقصد بعمله القربة إليه تعالى، فسوف يكون مصيره النار، لأنّ الإنسانَ إذا لم يكن راغباً بالجنة، ولم يسعَ لها، فكيف تُعطى له، وخاصة بأن عمله كان من أجل الدنيا لجاه أو مال أو رفع شأن بلده أو غيرها من الأمور الدنيوية، فهو بالغالب سيعطيها له الله سبحانه وتعالى في الدنيا، كما قال في كتابه العزيز: ((وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)) الشورى: 20، فهذه الآية صريحة بأن اللهَ تبارك وتعالى يُجازي كلاً حسب قصده، فمن أراد الدنيا سوف يعطيه ماقصده وليس له في الآخرة من شيء، وبذلك تتحقق العدالة، فقد قال تعالى: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا)) الاسراء: 18، ((وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)) الفرقان: 23، ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ)) النور: 39.
وبالعكس من ذلك تماماً من أراد بالعمل وجه الله تعالى، فانّه تعالى سيضعافه له: ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)) الأنعام: 160، ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)).
يتبيّنُ ممّا سبق بأنه يجب أن يقرنَ الانسانُ عمله بالإيمان، حتى يصل الى القرب الإلهي المنشود، لأنه شرط وصول العمل... ومن الناس من يخلط عمله الصالح بالسيّء، ومع ذلك يتوعدهم الله بالخير بشرط التوبة والاستغفار: ((وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) التوبة: 102.
ونرى من خلال استعراض الآيات الكريمة، بأنها قد تقدم فيها الإيمان على العمل الصالح، وذلك لأن أساسَ العمل الصالح هو الإيمان، فما نفع العمل الصالح من غير إيمان، وقد سبق آنفاً نتيجته، ويكون الإيمان بمثابة الجناحين الذي يطير بالعمل ويرفعه الى ما شاء الله سبحانه: ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)) فاطر: 10.. وبالنتيجة فان العمل الصالح وحده لا يكفي، ولا الايمان وحده بدون عمل ينفع، فلا ينفردُ أحدهما من غير الآخر، فهما مقترنان.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156973
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29