• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كيف نفهمُ طفلَ المهد؟ .
                          • الكاتب : د . محمد عماد الدين .

كيف نفهمُ طفلَ المهد؟

 تبدأ مرحلة المهد منذ اللحظة الأولى لخروج الطفل إلى هذا العالم، وتستمرُ حتى نهاية السنة الثانية تقريبا. ولهذه المرحلة أهميتها الخاصة التي لم تلقَ من قبل نفس الانتباه والاهتمام اللذين تلقاهما الآن من جانب علماء النفس. ففي بداية هذه المرحلة تتقرر قدرة الوليد على البقاء، وكفاءته في مواجهة مؤثرات البيئة الجديدة، مما يحدد مسار نموه فيما بعد إلى حد كبير.
 إن هناك فارقاً كبيراً جدا بين ظروف الحياة التي كان يحياها الوليد قبل الميلاد، أي منذ أن كان جنيناً، وتلك التي أصبحت تحيط به الآن، بعد أن خرجَ من بطن أمه. فالجنين يتغذى عن طريق الحبل السري، ويعيش في درجة حرارة واحدة، ولم يكن عليه حتى أن يتنفس. أما بعد الميلاد فقد أصبح لزاماً عليه أن يكون أكثر إيجابية؛ فهو يقوم بالرضاعة للحصول على غذائه. والرضاعة عملية ليست سهلة، فقد يتعرض فيها لكثير من المضايقات. وهو إلى جانب ذلك يعتمد على أجهزته الخاصة في التنفس والإخراج وضبط حرارة الجسم. بل إنه صار يتعرض للعديد من المؤثرات الصوتية والضوئية واللمسية وغيرها...
 إن ملاحظة هذا التغير الكبير المفاجئ، قد دعت بعض علماء النفس إلى أن يعتبر الميلاد صدمة  في حياة الإنسان يبقى أثرها في اللاشعور ما بقى على قيد الحياة، مما قد يدفعه أحيانا-وفي أوقات الشدة-إلى أن ينكص على عقبيه، كما لو كان يرغب بالفعل في العودة مرة أخرى إلى حيث الدفء والراحة والحماية التي كان ينعمُ بها، عندما كان في رحم أمه. 
 إن مثل هذا الكلام وإن كان يُؤخذ على أنه ضرب من الخيال، يعبر عن مدى تصورنا لما يقع على المولود من ضغوط لم يكن لها وجود في حياته السابقة. إن تلك الضغوط يتعرض لها الطفل في الواقع طوال هذه الفترة. وبإمكاننا أن نتصور مدى الآلام التي قد يعاني منها الطفل نتيجة لها. فالملاحظ لطفل جائع مثلا، يستطيع أن يشاهدَ الاستجابات القوية التي يثيرها لديه هذا الظرف. فهو عنيف الحركة شديد البكاء، مسرف في ذلك غير مقتصد كلما اشتد به الجوع. فإذا كان للوليد أن يشعر وأن ينفعل، فإننا نستطيع أن نستنتجَ أن هذه الحالة من الاضطراب في السلوك الظاهري إنما تنطوي على شعور بالألم الشديد، بل ربما انطوت أيضا على شعور بالخوف، وتهديد لكيان الطفل الذي يهتز هزاً في مثل هذه الحالات، ولا يذهب ذلك كله هباء، بل يترك علاماته دون شك على النمو النفسي للطفل مستقبلا. ولدينا الآن من النظريات العلمية ومن الدراسات الإكلينيكية، بل لدينا من البداهة والتصور والاستنتاج المنطقي ما ينبئنا بالشيء الكثير في هذا الاتجاه...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156975
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5