• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإستعاذة .
                          • الكاتب : الشيخ علي عبد الجواد .

الإستعاذة

((فَإِذَا قَرَأْتَ القُرآَنَ فَاستَعِذ بِاللَّهِ مِن الشيطَانِ الرجِيمِ)) النحل: 98
من أولويات الأمور للدخول في قراءة القرآن الكريم، أو بقية العبادات خاصة الصلاة التي تعتبر معراج المؤمن والوصول الى الله سبحانه وتعالى، هي الإستعاذة من الشيطان الرجيم؛ فالشيطان هو العثرة الأساسية لكل عمل يقوم به المؤمن، ويقطع عليه طريق الوصول الى الله تعالى: ((لَأَقْعُدَنَّ لَهُم صِرَاطَكَ المُستَقِيمَ))الأعراف: 16؛ فقد أخذ اللعين على نفسه عهداً، بأن يقطع كل طريق وعمل موصل الى الله تعالى، وطلب من العزيز الجبّار أن يمهله: ((قَالَ أَنظِرنِي إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ))الأعراف: 14، ولكن في المقابل ردّ عليه الباري عزّ وجلّ، بأن عبادي ليس لك عليهم سلطان: ((إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ إِلَّا مَنِ اتبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ)) الحجر: 42؛ فهذه الاستعاذة هي التي تزيل ذلك الرجيم، وتنظف الطريق منه، حتى يصبح سالكاً الى الله تعالى..
ولكن لا تتحقق هذه الاستعاذة بلقلقة اللسان فقط، فالإنسان عندما ينوي أن يعمل عملاً ما، لا يتحقق ذلك العمل إلاّ عند قيامه بذلك العمل فعلياً، فما دام قلبياً يبقى حبيس الصدر، ولا يتحقق إلّا إذا خرج الى الخارج وصار فعلياً...
فلو كان أحدُنا مستعيذاً بالله القادر العليم الجبّار من هذا الشيطان الرجيم، بأفعالنا وأقوالنا، وكانت مطابقة لما أراده اللهُ تعالى منّا، ومنتهية عمّا نهانا عنه، لصلح إيماننا وحسنت أخلاقنا؛ لذا ترانا عندما نقرأ القرآن الكريم، أو نصلّي أو حتى عند تناولنا للأذكار والأوراد، لا نصل الى النتائج الروحية المرجوة والمنشودة، بل تبقى مجرد ألفاظ وكلمات لا تتعدى اللسان والشفاه، أي لا يكون لها معنى روحي.
 وهناك آداب للاستعاذة منها وأهمها الإخلاص: ((إِلَّا عِبَادَكَ مِنهُمُ الْمُخْلَصِينَ))الحجر: 40، وهذا الإخلاص لا يأتي من فراغ وبين ليلة وضحاها، بل يأتي من بعض المجاهدات والرياضات التي تخضع النفس لها لتؤهلها للوصول الى الإخلاص المطلوب، فقد ورد في الحديث الشريف عن النبي (ص): ((من أخلصَ لله أربعين يوماً، فجّر اللهُ ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)). ولا نستغرب ذلك، فمن كان عمله القلبي مطابقاً لما أراده اللهُ تعالى، فلابد أن يكون لسانه مطابقاً لما في قلبه، فما أفاضه سبحانه على قلبه يفيض على لسانه، فلا ينطق إلاّ بالحكمة... فنعرف مما سبق بأنه يسبق العمل اخلاص القلب، ومن ثم يظهر ذلك على عمل العبد: ((اِلهي هبْ لي كمالَ الانقِطاعِ اِلَيكَ)).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157075
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19