• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  الذكاء العاطفي .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

 الذكاء العاطفي

 تارة تكون لديك القدرة على فهم ومعالجة الأمور بعقلك وقوّة تفكيرك ومن خلال استعمال مهاراتك المنطقية والرياضية ، ويتعدى الأمر الى القدرة على نقل تلك الأفكار والحسابات الى الآخرين وإفهامهم بها أو اقناعهم .. الخ ، هذا كله يسمّى بالذكاء العقلي ، ويرمز له ( IQ ) .

أمّا عندما تكون لديك القدرة على إدارة مشاعرك والسيطرة على عواطفك وبنفس الوقت تستطيع أن تنتقل الى الآخرين وتتحكم بمشاعرهم اتجاهك او اتجاه معين ، فتقنعهم من خلال عواطفك وتحصل على رضاهم او رفضهم عن طريقها ، أو تستبدل مشاعرهم بمشاعر أخرى ، كتحوّل الحزن الى فرح لديهم او الاكتئاب الى سعادة .. الخ فهذا يدعى بالذكاء العاطفي ( بالإنجليزية : Emotional intelligence ) ، ويعرّف بأنه : قدرة الشخص على تحديد وإدارة عواطفه ومشاعره ومشاعر الآخرين كذلك ، ويرمز له ( EI ) .

صاحب الذكاء العاطفي عنده الوعي الكامل بمشاعره ولديه القدرة على ضبط عواطفه والتحكم بمستوى تدفقها في أوقات تكون السيطرة عليها عند غيره ضعيفة أو معدومة ، كحالة الغضب أو القلق او الحزن أو الفرح أو الرضا .. فهو يعرف جيداً ماذا يفعل كي يسيطر على ذلك ، ويخبر ما عليه من أجل إدارة تلك الحالة التي انتابته ، كأن يغيّر مجلسه أو يغيّر تفكيره ، أو يردد ببعض الكلمات أو يبدأ بمراجعة بعض الحسابات .. الخ

وصاحب الذكاء العاطفي لديه القدرة ايضاً على التعاطف مع الآخرين ، ويُقصد بالتعاطف : قدرة الشخص على التعرّف على مشاعر الآخرين وتلبية احتياجاتهم .

ومن يتحلّى بالذكاء العاطفي تراه يتحلّى بالمحفزات الذاتية نحو أهدافه وإنجاح خططه ، ووجدوا أن من يمتلك الذكاء العاطفي يمتاز ببعض الصفات ، كالتروّي والمبدأية ( الإلتزام بالمبادىء التي يؤمن بها ) ، والتواضع ، ويفضّل التواصل البصري مع الآخرين والإستماع الجيد لهم عندما يتحدّثون ، وكذلك إشعار الآخرين بالإهتمام والإحترام ..

للذكاء العاطفي انعكاسات ايجابية على العقل والصحة العامة وعلى العلاقات الاجتماعية وعلى العمل .

ويُذكر في هذا المجال عدد من الإشارات والقصص القرآنية التي يطفح فيها الذكاء العاطفي وانعكاساته الايجابية على أصحابها ، نذكر بعضها هنا لزيادة فهم الموضوع :

● يقول تعالى ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) القصص ١٠ ، توضح هذه الآية قدرة أم موسى عليه السلام على التحكم في مشاعرها اتجاه طفلها ، ولو فقدت السيطرة هنا وقالت وصرخت هذا ابني لخسرته الى الأبد ..

● الدفع بالتي هي أحسن تجعل من العدو صديقا وحميما ، فعندما ندفع غضب الاخرين بالحلم ، والسيئة بالعفو ، والبخل بالكرم .. ستكون ردود الأفعال مختلفة ، قال تعالى ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت ٣٤

● الترغيب بخصال نفسية عالية ، مثل كظم الغيظ والعفو عن الناس ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ال عمران ١٣٤ .

وفي حديث وسيرة المعصومين ايضاً نجد ايضاً ما يُشبع موضوع الذكاء العاطفي علماً وعملا .

● عن أمير المؤمنين عليه السلام : من لانت كلمته وجبت محبته .

● روى المبرّد ، وابن عائشة أنّ شاميّاً رأى الإمام الحسن ع راكباً فجعل يلعنه والإمام لا يردّ .. فلمّا فرغ أقبل الحسن ع فسلّم عليه وضحك فقال :

« أيّها الشّيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً » .

فلمّا سمع الرّجل كلامه ، بكى ثمّ قال : « أشهد أنّك خليفة الله في أرضه ، الله أعلم حيث يجعل رسالته وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليَّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليَّ وحوّل رحله إليه ، وكان ضيفه إلى أن ارتحل ، وصار معتقداً لمحبّتهم .

الموضوع شيّق وتطبيقاته كثيرة وتوجد فيه على الانترنت كتب ودراسات متخصصة وفيديوهات تعليمية لمن أراد الاستزادة ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157131
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28