• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مواقف الصبر والإباء في حياة السيدة زينب الكبرى (ع) .
                          • الكاتب : ساره محمد .

مواقف الصبر والإباء في حياة السيدة زينب الكبرى (ع)

  كانت حياة السيدة زينب (ع) مزدحمة بالفضائل والكرامات والمصائب، وتموج بموجبات العظمة والجلالة والقداسة والروحانية من الله سبحانه، وتتراكم فيها الطاقات والقابليات والكفاءات ومقومات الرقي والتفوق على النساء كافة في عصرها؛ فكل صفحة من صفحات حياتها المشرقة، جديرة بالدراسة والتحقيق، والتدبر في اللقطات التاريخية التي وصلت إلينا عن سيرة حياة هذه السيدة العظيمة البطلة المظلومة، يعطي الإنسان دروساً مفيدة، تنفعه في كثير من المجالات، وهي صورة واضحة عن خير قدوة للنساء المؤمنات الصابرات.
 وعند ولادتها الشريفة، قدمتها أمها فاطمة (ع) إلى رسول الله (ص) فأخذها وقبلها وبكى، فقالت له فاطمة الزهراء (ع): (لِمَ بكاؤكَ لا أبكى اللهُ عينيكَ يا أبتاه؟) فقال (ص): (يا فاطمة إن هذه ستُبلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى، ورزايا أدهى، يا بضعتي وقرة عيني يا فاطمة، إن من بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على أخويها الحسن والحسين (ع)). ثم سماها رسول الله (ص) زينب وهي اسم شجرة أو وردة.. وكنيتها أم كلثوم، وأم الحسن، والعقيلة: أي الكريمة. 
 وكان رسول الله (ص) يغمرها بعواطفه ويشمها بحنانه، فضلاً عن حنان وتربية أبيها أمير المؤمنين الإمام علي (ع) الذي علمها معالم الدين الإسلامي وتفسير القرآن الكريم والخطابة، وعاشت مع والدها بهذا الحنان، وكانت معه أين ما حل برفقة زوجها وأطفالها. وفي شهر رمضان سنة (40) هجرية قبل استشهاده، كان يفطر يوما عند الإمام الحسن، ويوما عند الإمام الحسين، ويوما عند السيدة زينب (ع)، وفي اليوم الذي كان عندها، قال لها الإمام علي (A): (يا بنية إن أباك قتل الأبطال وأظل الأهوال، وما دخل الخوف له جوفاً، وما دخل في قلبي رعب، أكثر مما دخل في هذه الليلة، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا بنية قد قرب الأجل وانقطع الأمل، فبكت بكاءً شديداً، فقال لها: لا تبكي فأني لم أقل ذلك إلا بما عهد إليّ النبي محمد (ص).. وكذلك موقفها مع أخيها الإمام الحسن (ع) إذ لم تفارقه وصاحت: (وا أخاه وا حسناه وا قلة ناصراه... يا أخي من ألوذ به بعدك، وحزني عليك لا ينقطع طول عمري). 
 لقد عاصرت السيدة زينب (ع) النهضة الحسينية الخالدة ضد الطغيان والكفر والخروج عن الإسلام، وهي أعظم حادثة وأهم فاجعة في التاريخ، أنست ما قبلها من الرزايا والمصائب، وهوّنت ما بعدها من الحوادث والفجائع باستشهاد الإمام الحسين (ع) فصاحت: (وا أخاه وا سيداه وا أهل بيتاه... ليت السماء أطبقت على الأرض، وليت الجبال تدكدكت على السهل). 
 بعدها أخذوا أشرف أسرة على وجه الأرض وأطهرها سبايا إلى الكوفة، ومن الكوفة إلى الشام، ومن ثم المسير إلى كربلاء لإرجاع الرؤوس، وإقامة العزاء، ومن ثم المسير إلى المدينة المنورة التي أقامت فيها بقية حياتها، ولم تخرج من المدينة المنورة بسبب مرضها الشديد من المصائب والآلام والأحزان، وآخر كلامها (ع): (لقد علم الله ما صار إلينا، قتل خيارنا... وحملنا على الأقتاب، فوالله لا أخرج من المدينة المنورة وان أهدرت دماؤنا).
 لم تعش عقيلة الهاشميين (ع) بعد استشهاد أخيها الإمام الحسين (ع) مدة طويلة، ولكن حياتها القصيرة هذه كانت كافية لتبدل مجرى التاريخ، وأوفت باستكمال دورها القيادي، وتحمل العبء الأكبر الملقى على كاهلها، فقد كانت الناطقة الإعلامية في شرح أبعاد النهضة الحسينية وفضح ممارسات النظام الأموي الدموي الذي شوّه الدين الإسلامي، وتحلت في سبيل إكمال الدور الرسالي بالصبر العظيم، وقوة الإيمان، وتسلحت بكامل الإخلاص لله سبحانه.. ومن أبرز ما قامت به (ع) هو الحفاظ على البقية من أهل بيت النبوة (ص)، والمحافظة عليهم، فهي العين الساهرة والراعية في طول المسير بالسبايا، ليشهد لها التاريخ عظمتها وتحملها المسؤولية الجسيمة؛ وليس في ذلك العجب، وقد تربت في بيت الرسالة المحمدية، ورضعت من الوحي، وغذيت بغذاء الكرامة من أبيها الإمام علي (ع) فنشأت نشأة قدسية، وربيت تربية روحانية، في كنف خمسة أصحاب الكساء (ع).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157332
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6