يعد العراق اقليماً متطوراً، قياساً بالأقاليم المجاورة، كاقليمي جزيرة العرب والجزيرة الفراتية، فقد كان يستورد من جزيرة العرب الخيل والابل والأدم، ومن الجزيرة الفراتية الحنطة والشعير والعسل والملح.. بينما كان يصدر إليها الأقمشة القطنية والمنسوجات الحريرية، والأدوات الزجاجية والدهون والأدوية وبعض الطرائف، وعلى هذا الأساس فقد كانت الاتصالات وثيقة بين هذه الأقاليم، فاقليم العراق الصناعي وقصبته بغداد، كان عاجزاً عن سد احتياجاته من الطعام وخاصة الحبوب التي كانت تجلب بكثرة من اقليم الجزيرة الفراتية، وكان أي انقطاع في الطرق بين الطرفين يؤدي إلى غلاء اسعار الخبز في بغداد. وكذلك الحال مع اقليمي مصر والشام من جهة واقليم جزيرة العرب متمثلا بمقطع الحجاز ومدينتيه مكة والمدينة حيث كانت الميرة تجلب من الشام ومصر إلى هاتين المدينتين براً وبحراً واي توقف في هذه العملية يؤدي إلى إبطال المعايش وغلاء الأسعار في الحجاز، وكذلك انطبقت هذه الصورة على العلاقة بين اقليمي خراسان وخوارزم حيث يتم استبدال صناعات خراسان بمواشي خوارزم، كل هذه العوامل الاقتصادية أدت إلى امتداد وانتظام طرق المواصلات بين الاقاليم المتجاورة مثل سجستان وكرمان وخراسان والجبال والعراق، بشبكة منتظمة من طرق المواصلات وكذلك الحال مع بقية الاقاليم.
وكذلك فقد كانت الحاجة لبعض السلع النادرة، والتي لا تنتج ضمن اقاليم الخلافة المعروفة آنذاك، وخاصة الذهب والحرير والتوابل والرقيق والبضائع الكمالية النفيسة، لذلك فقد توجهت الطرق لجلب هذه البضائع من بلاد أخرى كالهند والصين وبلاد السودان والصقالبة وغيرها، واتخذت الاتصالات اشكال الطرق الدولية العابرة للاقاليم، فطريق خراسان الذي كانت نواته الاولى تتجمع في بلاد ما وراء النهر في مدن سمرقند، وبخارى اللتان تقع اليهما تجارات التبت والصين وبلاد الصقالبة (شرق اوربا) وسلع هذه التجارات معظمها من النوع الكمالي كالرقيق والمسك وجلود السمور والسنجاب والثعالب وكانت تنقل عبر طريق خراسان حتى اقاصي المغرب. واما تجارة الهند والصين وافريقيا البحرية فكانت تتوزع على مدن الموانيء التي قامت على سواحل البحر العربي والخليج العربي كعدن وصحار ومسقط والبصرة وسيراف، ثم يتم شحن تلك البضائع في طرق برية، ما كانت لتعرف لا هي ولا مدن الموانيء لو لا اغراض خدمة هذه التجارة، كذلك كان للرغبة في امتلاك سلع افريقيا ونفائسها فضلا عن منتجات بلاد المغرب ان امتدت طرق التجارة بين العراق والمغرب إذ كانت هذه الطرق تبدأ من العراق وتجتاز الجزيرة الفراتية وبلاد الشام ومصر وافريقية.
|