• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تربية الطفل عبر المحيط الاجتماعي .
                          • الكاتب : افياء الحسيني .

تربية الطفل عبر المحيط الاجتماعي

من أهم العوامل المؤثرة في تنمية فطرة الصدق عند الأطفال المحيط التربوي الذي يعيشون فيه، فعندما يكون الوالدان ملتزمين بالصدق، بعيدين عن الكذب والاحتيال، فإن الطفلَ ينساقُ تلقائياً إلى طريق الصدق والاستقامة، ومن السهل جدا إزالة العوائق التي تقف في طريقه من الناحية النفسية.
 وعلى العكس من ذلك، فإن الوالدين اللذين لا يتورعان عن الكذب، يعودان الطفل على هذه الصفة الذميمة من حيث لا يشعران، في أسرة كهذه يصبح الاهتمام بالظروف والعوامل النفسية للوقاية من الكذب عقيماً.
إن الطفل ينسجم مع المحيط الذي ينشأ فيه بصورة لا شعورية، وتنطبع في ذهنه صور الأشياء التي يشاهدها أو يسمعها. إن محيط الصدق والشهامة المطلقة أهم عوامل الكفاح ضد الكذب، فإذا كانت الاستقامة مسيطرة على جو الأسرة أو المدرسة لم يقترب الطفل من الكذب، وإذا صادف أن جرت كذبة على لسانه، فإن التجارب تثبت أن هذه الكذبة لا تصل إلى حد الخيانة والاجرام، ولا تبعث بجذورها في قلبه؛ فالضمائر الحية لهؤلاء الأحداث تشبه الأعشاب الربيعية في النعومة واللطافة، فلأجل أن تلاقي تنمية مناسبة ومتكافئة، يجب أن تبقى في مأمن من هبوب الرياح الشديدة والميول التي قد تدحرها إلى الأبد، ومن المؤسف أن نجد أن هذه الفصائل الغضة كثيراً ما تجابه بالرياح الهوجاء.
هناك بون شاسع بين ما يلاحظه الطفل في أفعالنا ويدركه من سلوكنا، وبين الأوامر والنصائح التي نصدرها في تقبيح عمل معين وذمه؟! قد اعتاد الكثيرون على أن يقولوا للأطفال: (افعل ما أقوله لك..! لا تلتفت إلى ما أفعل..!). في حين أنهم يجهلون أن هذه النصيحة تستتبع مأساة عظيمة، فالطفل لا يخضع للنصيحة التي لا يعيرها الوالدان أهمية ما.
 وعلى فرض أنه استطاع أن يتوصل من عمل الكبار إلى أن السلوك المفضل للأطفال يختلف عن السلوك المفضل للكبار؛ فإنه سيحطم تلك القيود في أول فرصة يدرك فيها الحرية، ويخرج على تلك التعاليم التي وجهت إليه في صباه.
 إن محيط الأسرة هو المدرسة الأولى للطفل، وإن سلوك الوالدين يمكن أن يصبح مقياساً لازدهار الأسرة أو انحطاطها. إن امرأة أو رجلاً بغض النظر عن عنوان الأمومة أو الأبوة عندما تصدر منه كذبة يكون قد ارتكب معصية كبيرة واستحق بذلك عقوبة. أما عندما يكون هذا الرجل أباً، أو عندما تكون المرأة أمّاً، فإن الكذبة الصادرة منه أمام عيني الطفل النافذتين، وأذنيه الواعيتين، لا يمكن أن تعدَّ ذنباً واحداً؛ ففي هذه الصورة يكون ذنب آخر غير ذنب الكذب قد ارتكب، ذلك هو ذنب التعويد على الكذب، وهذا أعظم بكثير من الذنب الأول.
 داء الكذب:
 إن الأطفال أمانة الله (عز وجل) في أعناق الوالدين، فهما إن قصرا في أداء واجبهما نحوهم كانا خائنين للأمانة. إن مما لا شك فيه هو أن الكذب أحد الأمراض الاجتماعية الكبيرة، ومن المؤسف أن أغلب الناس مصابون بهذا الداء الفتاك إن قليلاً أو كثيراً؛ هذا الخلق الذميم يوجب شقاء الدنيا وعذاب الآخرة.
 إن جميع الصفات الذميمة تعدّ أمراضاً نفسية من وجهة نظر العلم والدين، ولكن الكذب أشدها، ففي وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن: « (وعلة الكذب أقبح علة).
إن الكذبَ يزلزل الكيان الخلقي والاقتصادي والقانوني في المجتمع؛ لأن الشخص الكاذب يجعل الناس يسيء بعضهم الظن إلى الآخر، ويسلب الاعتماد منهم . إن الكذب يحرق جذور الفضيلة، ويميت الروح الإنسانية.
 بتصرف: من كتاب (الطفل بين الوراثة والتربية – الشيخ محمد تقي فلسفي/ ج2).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157613
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 10