• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأسبوع القرآني للإمام الجواد "عليه السلام" .
                          • الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي .

الأسبوع القرآني للإمام الجواد "عليه السلام"

 - الآية الأولى:

قال تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيْرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله فَمَنِ ﭐضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ﴾.  
* روى عبد العظيم الحسني عن أبى جعفر محمد بن علي الرضا "عليه السلام" في حديث طويل: ((قَالَ: قُلْتُ يَا ﭐبْنَ رَسُوْلِ الله فَمَا مَعْنَى قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾؟ 
قَالَ: الْعَادِيْ السَّارِقُ. وَالْبَاغِيْ الَّذِيْ يَبْغِيْ الصَّيْدَ بَطَرًا أَوْ لَهْوًا لَا لِيَعُوْدَ بِهِ عَلَى عِيَالِهِ، لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَأْكُلَا الْمَيْتَةَ إِذَا ﭐضْطُرَّا، هِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا فِيْ حَالِ الاضْطِرَارِ، كَمَا هِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا فِيْ حَالِ الاخْتِيَارِ ....)).
            إنَّ الرواية التفسيرية الشريفة تبين مسألة من المسائل التي ٱستعرضتها الشريعة الإسلامية المقدسة، وبينت أحكامها وحدودها وآثارها، فالآية المباركة في مقام بيان بعض المحرمات التي حَرَّم الله تعالى على عباده أكلها، فذكرت أربعة منها (1- الميتة. 2- الدم. 3- لحم الخنزير. 4- ما أُهل لغير الله)، وهذه المحرمات قد ﭐستثنيت عند الاضطرار إليها، ولكن بشرط أنْ يكون الاضطرار من دون عدوان أو بغي، ولأجل أنْ نكون على بينة مما ورد في الرواية الشريفة وما تضمنته من أحكام نحاول بيان موضوعات ثلاثة:

- الأول: تعريف الباغي والعادي. 
1- الباغي: قال الراغب الأصفهاني (ت502ﻫ/1108م): ((البَغْيُ طَلَبُ تَجَاوُزِ الاقْتِصَادِ فِيْمَا يَتَحَرَّى تَجَاوُزَهُ، أَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَالْبَغْيُ عَلَى حِزْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَحْمُوْدٌ، وَهُوَ تَجَاوُزُ الْعَدْلِ إِلَى الإِحْسَانِ، وَالْفَرْضِ إِلَى التَّطَوُّعِ. وَالثَّانِيْ: مَذْمُوْمٌ، وَهُوَ تَجَاوُزُ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ، أَوْ تَجَاوُزُهُ إِلَى الشُّبَهِ .... فَالْبَغْيُ فِيْ أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ مَذْمُوْمٌ، وَقَوْلُهُ: ﴿غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾ أَيْ غَيْرُ طَالِبٍ مَا لَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ، وَلَا مُتَجَاوِزٌ لِمَا رُسِمَ لَهُ)).

- الثاني: أقوال المفسرين. 
ذكر المفسرون ما يتعلق بهذه الآية الشريفة وتفصيل ذلك، فنذكر منها إجمالًا: 
 قال الشيخ الطبرسي (ت548ﻫ/1153م) في بيان ما يتعلق بالاضطرار ذاكرًا قولين في بيان المراد منه حيث قال: ((﴿فَمَنِ ﭐضْطُرَّ﴾ إلى أكلِ هذهِ الأشياءِ ضرورةَ مجاعةٍ عن أكثرِ المفسرينَ، وقيل: ضرورةَ إكراهٍ. وتقديرهُ فمَنْ خافَ على النفسِ من الجوعِ ولا يجدُ مأكولًا يسُدُّ به الرمقَ)).
إنَّ هذا التفسير للاضطرار كما تقدم بيانه يقابل الاختيار الذي يمرُّ به الإنسان، ولكنه أشار إلى الشق الثاني من تفسير الاضطرار في هذه الآية وهو الإكراه على أكل المحرمات، وبيان الحكم الشرعي له، فقد يكون الإنسان غير مضطر ﭐضطرار مجاعة، ولكن يكره على فعل الحرام كراهة لا يمكن تحملها عادة، وهذا المعنى لم تشر إليه رواية الإمام الجواد عليه السلام ، بل ﭐستعرضت الرأي الأول المتقدم للاضطرار. 

- الثالث: آيات الأحكام. 
قد تبيَّن من خلال ما تقدم أنَّ هذه المحرمات الأربعة المذكورة لا يجوز تناولها إلا في حال الاضطرار، وقد أفاد النص جواز ذلك للذي يتناوله في حال معين، وعُدَّت هذه الآية المباركة من آيات الأحكام التي ذكرها العلماء في كتاب الأطعمة والأشربة، قال الشيخ فاضل الجواد الكاظمي (ق11ﻫ): ((فلا إثمَ عليهِ، لا ذنبَ ولا تحريمَ عليهِ في التناولِ، إنَّ اللهَ غفورٌ لما فعلَ، رحيمٌ يرخصُ مثلَ ذلكَ حالَ الضرورةِ، وقد سلفَ الوجهُ في الجمعِ بينَ الوجهينِ، قال القاضي: فإنْ قيلَ: إنَّما يفيدُ قصرَ الحكمِ، وكم من حرامٍ لم يذكر، قلتُ: المرادُ قصرَ الحرمةِ على ما ذُكِرَ مما ﭐستحلُّوه لا مطلقًا، أو قصرَ حرمتهِ على حالِ الاختيارِ، كأنَّه قيل: إنَّما حُرِّمَ عليكُمْ هذهِ الأشياءَ ما لم تضطرُّوا إليها)).  
فالحكم الشرعي المستفاد من الآية المباركة ظاهر في إفادة الإباحة عند الاضطرار في حالات خاصة. 
  فمنهج الثقلين في بيان الحكم الشرعي ظاهر، وإنَّ الرواية التفسيرية للإمام الجواد "عليه السلام" قد بيَّنت ذلك وأكدته، مع بيان بعض المصاديق للبغي والاعتداء.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157736
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5