• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإعترافُ بالحق في الصورة .

الإعترافُ بالحق في الصورة

لم يكن حقُّ الإنسانِ في صورته الشخصية وليدَ الصدفة، وإنما مرّ بمراحلَ تطورٍ كثيرة، ففي البداية لم يكن هناك اعتراف بهذا الحق، ولكن ظهر بعد ذلك اتجاه ينادي بالإعتراف به، ولقد تباينت مواقف التشريعات المقارنة بشأن النص على حماية الحق في الصورة الشخصية، ولكن قبل الوقوف عند موقف الفقه والتشريعات من مسألة الإعتراف بحق الإنسان في صورته الشخصية من عدمه، يقتضينا الأمر الوقوف عند تعريف هذا الحق، فنلاحظ أن آراء الفقهاء قد أختلفت بشأن تعريف هذا الحق، وذهبوا في ذلك إلى إتجاهين:
يعرف الإتجاه الأول الحق في الصورة بأنه: حق الشخص الذي يتم تصويره بإحدى الطرق الفنية أو رسمه بالاعتراض على نشر صورته.. ويبررون رأيهم بأن: إعطاء الحق للإنسان بالاعتراض على التقاط صورة له، يتعارض مع مفهوم الطبيعة الاجتماعية للإنسان، ولا يوجد خطر على شخصيته من التقاط صورة له؛ لأن نشر هذه الصورة لا يتم إلا بموافقة الشخص صاحبها، ولا يمكن الجزم أن من التقط الصورة سوف يقوم بإساءة إستحدامها، ثم أن الالتقاط غالبا ما يتم خفية من دون علم الشخص، ويبقى كذلك إلى أن يتم النشر، فإذا ما تم النشر فان الشخص يستطيع الاعتراض على هذا النشر مستندا إلى حقه في صورته.  
ويجد جانب من الفقه أن أصحاب هذا الإتجاه يعطون للشخص الحق في الإدعاء بحقه على صورته في حالة نشر هذه الصورة فقط، ولا يعطونه حق الاعتراض على التقاط صورة له، فإذا ما تم التقاط صورة له ولم يتم النشر فلا يستطيع الاعتراض على ذلك.
 ويوسع أصحاب الإتجاه الثاني من مضمون الحق في الصورة، ليشمل فضلاً عن حق الاعتراض على نشر الصورة، حق الاعتراض على التقاطها، وقد عرف بعض أصحاب هذا الاتجاه الحق في الصورة بأنه: الحق الذي يتيح للشخص أن يمنع غيره من أن يرسمه أو يصوره فوتوغرافيا من دون الحصول على إذن صريح أو ضمني منه. 
ويرى جانب من الفقه وبحق أن: هذا الاتجاه يوفر ضمانة أكبر للشخص صاحب الصورة، ويوسع نطاق حماية الحق في الصورة؛ لأنه يمنع الاعتداء على هذا الحق من الأساس -  أي من بداية فعل الاعتداء وهو الالتقاط - إذ أن هناك صلة وثيقة بين فعل الالتقاط والنشر، بحيث يمكن القول بأنه لولا فعل الالتقاط لما حدث النشر، فالالتقاط مقدمة أساسية لحدوث النشر، ثم أنه ليس من المنطقي أن نسمح للمصور بأن يقوم بالتقاط صورة للشخص من دون أخذ موافقته، ولا نسمح له بنشر الصورة الملتقطة إلا بعد أخذ موافقة الشخص، وإذا كان دفع الضرر قبل حدوثه أفضل من معالجته، فمن الأفضل أن نعترف للشخص بالحق في الاعتراض على التقاط صورة له على أن نجعله ينتظر إلى حين معرفة ما سيسفر عنه هذا الإلتقاط، فإذا نشرت الصورة أصبح لديه الحق في الاعتراض، وإذا لم تنشر الصورة فأن حقه في الاعتراض لا ينشأ، فإذا كان الشخص لا يستطيع الجزم بأن صورته سوف تنشر أو يساء استخدامها فإن المصور كذلك لا يستطيع إعطاء الضمان على عدم نشر الصورة أو إساءة استخدامها، ثم أن منع التقاط الصورة يمنع إثارة مشكلة نشر الصورة من البداية. 
ثم إن تقييد المصور بالحصول على موافقة بالنشر لغرض نشر الصورة الملتقطة، يهدر القيمة العملية لإباحة الإلتقاط، فماذا سيستفيد المصور من صورة التقطها واحتفظ بها، ففي أغلب الأحوال يكون الالتقاط من أجل النشر، وهذا لا يكون جائزاً إلا بموافقة الشخص صاحب الصورة. 
وبعد ظهور التقدم العلمي الحديث، فقد صعب التفريق بين مرحلة التقاط الصورة ومرحلة النشر، فعملية الإلتقاط والنشر تتمان في لحظة واحدة أحياناً كما في حالة الإرسال التلفزيوني المباشر على الهواء، فلا يوجد وقت يسمح للشخص بالاعتراض على النشر، إذ لا يوجد فاصل بين عملية الإلتقاط والنشر يسمح للشخص بالاعتراض على الإلتقاط أو النشر؛ فالألتقاط والنشر تتمان بعملية واحدة من دون وجود فاصل بينهما.
ونؤيد من يذهب إلى أن الإتجاه القائل بحق الإنسان بالاعتراض على نشر صورته فقط من دون التقاطها لا يعترف بالحق في الصورة إلا بعد الإعتداء عليه، إذ أن منح الشخص حق الاعتراض في حالة نشر صورته، يعني أن حماية الحق في الصورة تقتصر على حالة النشر فقط، فواقعة النشر هي التي تنشئ الحق في الصورة، وهذا يؤدي إلى إنكار وجود هذا الحق من الأساس طالما أنه لا يتقرر ابتداءً، وإنما بعد أن يتم الاعتداء على الحق في الصورة. 
 لذلك سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، يتناول الأول موقف الفقه من حق الإنسان في صورته الشخصية، والثاني لموقف التشريعات المقارنة من حق الإنسان في صورته الشخصية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158206
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29