• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : من يصنع الجمهور الثقافي المؤسسات أم المساحات الثقافية أم الكاتب متوسط القيمة؟ الجزء الثالث .
                          • الكاتب : عدنان الهلالي .

من يصنع الجمهور الثقافي المؤسسات أم المساحات الثقافية أم الكاتب متوسط القيمة؟ الجزء الثالث

 في الجزء الثاني تساءلت الإعلامية والقاصة السورية (بيانكا ماضيّة): ربما يتساءل المرء: هل السبب كامن في تراجع العلاقة بين المثقف والمتلقي؟ أم انه كامن في أهمية المحاضر؟ أم في مكان النشاط الثقافي؟ أم في انشغال المرء بأعماله الكثيرة؟ أم في الإعلان عن ذاك النشاط؟! 
وتربط (بيانكا ماضيّة) بين هذه الأسباب وبين سبب آخر بحسب رأيها: 
برأيي المتواضع أن بعض المنابر يسعى لأن يقدم أشخاصاً لا يزالون في بداية الطريق الأدبي أو الثقافي، سعياً من تلك المنابر إلى إبراز مواهبهم أو بقصد تشجيعهم، وحين يُفاجأ الجمهور بالمستوى المنحدر لهؤلاء، وخاصة حين يقعون في مطبّات اللغة التي لابد للكاتب من التمكن بقواعدها ومعانيها؛ حتى يلقى آذاناً صاغية له تتابعه أنّى ذهب، فحين يجد الجمهور ذلك الضعف اللغوي في الكاتب غير الممتلك تلك القواعد، يكون التراجع عن حضوره أو سماعه شيئاً فشيئاً، ومن ثم يذهب هذا الكاتب المبتدئ للسؤال عن جمهوره. 
وتحاول (ماضيّة) أن تنصف الجمهور في تعاطيها مع هذا الموقف: 
لا يكفي القول إن الجمهور هو المشكلة الأساس، وإنما علينا إعادة النظر في ذاك الخطاب الثقافي الذي يُقدّم له، كما علينا تأمل تلك الكراسي الفارغة والبحث في الأسباب، والتفكير بأسلوب عصري يتوافق مع مستجدات هذا العصر، سيما التكنولوجية منها، لا بل علينا الإصغاء لذاك الجمهور الغائب: ما الذي يريده؟ كيف بإمكاننا إعادته إلى أمكنته الفارغة منه؟! كيف يمكننا التأثير فيه وتقديم ما هو بحاجة إليه؟! ما هو الأمر الذي يستسيغه ويجلبه إلى القاعات؟! وبعد معرفة أجوبة هذه الأسئلة جميعاً نستطيع ولو بقدر قليل إعادة صناعة الجمهور الثقافي.
السلامة الفكرية والمنظومة المعلوماتية: 
يذكر الشاعر والإعلامي ومسؤول القسم الثقافي سلام البنّاي (صحيفة الإعلام العراقي) فيربط بين الجمهور والنظام السياسي القائم: 
الذائقة العربية تتأثر بالمتغيرات السياسية والاجتماعية وعلى مر الحقب والأزمنة، وذائقتنا الثقافية مشمولة بهذا الوصف، فنجد أن في كل مرحلة تاريخية هناك نوعية من الجمهور الثقافي تزيد وتنقص حسب طبيعة النظام السياسي القائم، وحسب وما متوفر من حرية يمكن من خلالها ممارسة الأنشطة الثقافية. 
ويستدرك البنّاي: طرأ في السنوات الأخيرة مؤثر آخر ألا وهو المنظومة المعلوماتية التي سحبت قسماً كبيراً من الجمهور الثقافي الحي والذي يتفاعل بجدية أمام الأنشطة الثقافية، وهذه الحالة لا أستثني منها أي دولة عربية. 
وأشار بما يخصّ غياب الثقافة الجماهيرية: 
نعاني من غياب الصالونات الأدبية الحقيقية والمهرجانات الثقافية الفاعلة، ومن الطبيعي أن نشكو من غياب الثقافة الجماهيرية والجمهور الثقافي، ولو أردنا إعادة الجمهور الى مقاعد التلقي لابد لنا أن نوفر مستلزمات التقبل ابتداء من صناعة الإعلام المؤثر ومروراً بتوفير إمكانيات إقامة الأنشطة الثقافية وليس انتهاء من الدعم المادي والمعنوي للمثقفين أنفسهم مع توفير السلامة الفكرية وحرية التعبير عن الرأي.. ربما نجد جمهوراً يستطيع أن يتواصل مع ثقافتنا وهو مطمئن أن الوعي الجماهيري بات ينتج ماكنات جديدة لصناعة الحياة. 
نتنازل عن بعض قيمتنا... 
وفي جوابه على سؤالنا يتحدّث الروائي المصري نائل الطوخي فيبدأ الكلام عن مصر: 
في بلادنا محاولة جيدة لصنع جمهور ثقافي، بدأت مع عدد من التجارب، «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني، كتب «عمر طاهر» الساخرة، عروض ساقية الصاوي، وغيرها.. هذه الأعمال أقل عمقاً بالتأكيد من غيرها، مما يؤهلها لأن تكون أعمالا جماهيرية.. هذا هو المحك، في رأيي، فمحاولة خلق جمهور ثقافي تعني التنازل عن بعض القيمة، لنكن أكثر مباشرة، صراحة، وضوحاً، وفجاجة، كي نصل للجمهور الواسع، العام، الذي هو بطبيعته ليس متخصصاً، لنتذكر دائماً الكتابة الصحافية بالتأكيد أكثر جماهيرية من الشعر الحديث بسبب مباشرتها. 
ولكن الطوخي يرى بأن المشهدَ الثقافي إذا سار بهذا الاتجاه والكيفية: 
سيتصدر المشهد الكاتب المتوسط القيمة، وسيغضب الكاتب الذي يرى نفسه ليس على هذه الشاكلة، سيغار، وهذا طبيعي جداً، ولكن الجمهور الذي خلقه الكاتب المتوسط القيمة لن يلبث أن يملّ كاتبه، وسيبحث عن كتب أخرى، وسيقع بعضه بالصدفة على كتب «الأدب الرفيع»، الذي ستزداد جماهيريته شيئاً فشيئاً بالتالي. النتيجة الآن في مصر، هناك عديد من دور النشر الصغيرة التي يتم افتتاحها، هناك إمارات عديدة على وجود جمهور جديد للأدب، وهناك دلائل على أن نشر الأدب صار أخيراً عملية تجارية مربحة، بالتأكيد ليست مربحة مثل افتتاح محل للوجبات السريعة، ولكن ربحيتها زادت عن الأيام السابقة كثيراً.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158278
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28