• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هوية الإنسان وقيم الإنسانية في منهاج الإمام علي(عليه السلام) قراءةٌ في التأسيس والتطبيق الحلقة الثانية .
                          • الكاتب : مرتضى علي الحلي .

هوية الإنسان وقيم الإنسانية في منهاج الإمام علي(عليه السلام) قراءةٌ في التأسيس والتطبيق الحلقة الثانية

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
 اللبنة الأولى التي وضعها أمير المؤمنين عليٌ(ع) هنا في منهجة بناء الذات الإنسانية وصيرورتها صالحة في حركتها البشرية حياتيا في تعاطيها مع الناس أو ربها سبحانه وتعالى، هي:
اللبنة الأولى: التعهد الذاتي والوجداني الذي يجب أن يوجد في كيانية الإنسان الطالب للكمال والتنمية الوجودية، وهذا يكون بينه وبين الله تعالى، وبقسم أمامه سبحانه إلاّ ما خرج عن إرادة الإنسان، وصار في حريم القضاء والقدر الإلهي، وهذا هو ما بدأ  به(ع) منهاجه الشريف في بناء ذاته الشريفة (ع) وبناء الإنسان بصورة عامة.
في قوله(ع): (وأيم الله يميناً (أي أقسم قسماً بالله تعالى) أستثني فيها(أي أستثني ما خرج عن إرادتي) بمشيئة الله لأروضن نفسي رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما).
 اللبنة الثانية: وهي رياضة النفس البشرية نظرياً وعملياً، بمعنى تمرينها وتدريبها وبصورة مستمرة عملياً على التقوى النفسية والسلوكية في تعاطيها الحياتي الخاص والعام، بحيث تجني في رياضتها هذه ثمار القناعة والكفاف والرضا بما هو موجود عندها، وهذا هو معنى قوله(ع): (لأروّضن نفسي رياضة تهشّ معها (أي تستبشر وتفرح قانعة برزقها) الى القرص(قرص الخبز) إذا قدرت عليه مطعوماً وتقنع بالملح مأدوماً)، فالإنسان في نظر علي(ع) ما خُلِقَ ليأكل ويشرب وينام فحسب؟
 لا بل الإنسان خُلِقَ لغرض أسمى وأقدس من نطاق وبُعد المادة ومتطلباتها، وهذا البعد المادي، والشهواني هو بُعد آلي وليس هو بُعداً غائيا في وجوده، ولذا ذمّ القرآن الكريم النماذج البشرية التي تعتني بالأكل والشرب والشهوات بصورة الغرض النهائي والغائي بشرياً، فقال تعالى: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) الحجر:3، أي: اتركهم -أيها الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)- يأكلوا, ويستمتعوا بدنياهم بالاهتمام المُفرّط بالشهوات، ويشغلهم الطمع فيها عن طاعة الله واتباع دينه، فسوف يعلمون عاقبة أمرهم الخاسرة في الدنيا والآخرة.. وقال تعالى أيضا: (إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ) محمد: 12.
أي: إنَّ الله تعالى يُدخل الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات في هذه الحياة الدنيا واتقوا ربهم تقوى فازوا بها بجنات تجري من تحت أشجارها الأنهار تَكْرِمَةً لهم، ومثلُ الذين كفروا في أكلهم وتمتعهم بالدنيا, كمثل الأنعام من البهائم التي لا همَّ لها إلا في الاعتلاف دون غيره, ونار جهنم مسكن لهم ومأوى.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=159146
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 08 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29