• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : محورية نصرة الأقرباء في مهامّ الأنبياء والاوصياء .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

محورية نصرة الأقرباء في مهامّ الأنبياء والاوصياء

نركز كثيراً على الجزء الأول من كلام إلإمام الحسين عليه السلام ( فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيراً من أصحابي ) ، ولكن على حساب تكملة حديثه صلوات الله عليه في أهل بيته الذين جاءوا بنفس سياق المفاضلة ( ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني خيرا ) ..!

فالإمام عليه السلام هنا ايضاً شهد للهاشميين الذين التحقوا معه في كربلاء - كقدر متيقن - ونصروه وبذلوا من أجله كل ما أمكنهم بذله وتقديمه .. بأنهم أبرّ وأوصل - للرحم - على الإطلاق .. !

وكما قلنا في موضوع النصرة بأن وجود الأنصار مع أصحاب الرسالات الالهية والحركات الاجتماعية من السنن الإلهية المؤدية الى نجاح تلك الرسالات والحركات ، فكذلك أهل بيت المصلحين والرساليين ومن يتصل معهم برحم وقرابة ، فإن لهم الدور الأعظم في نجاح تلك الرسالات والحركات ما لو أدّوا دورهم كما ينبغي ..

ولعل من أوضح مصاديق هذا المعنى هو بعثة الرسول صلوات الله عليه في بداية الدعوة الى عشيرته الأقربين ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) الشعراء ٢١٤ ، لأن القرابة قوة ومنعة وحمى .. وهو مما يحتاج إليه الثائرون اجتماعياً ورسالياً أشدّ حاجة ، يقول صاحب تفسير الأمثل تعقيباً على هذه الآية : ( ولا شك أنه للوصول إلى منهج تغييري ثوري واسع ، لابد من الإبتداء من الحلقات الأدنى والأصغر ، فما أحسن أن يبدأ النبي دعوته من أقربائه وأرحامه ، لأنهم يعرفون سوابقه النزيهة أكثر من سواهم ، كما أن علائق القربى والمودة تستدعي الإصغاء إلى كلامه أكثر من غيرهم ، وأن يكونوا أبعد من سواهم من حيث الحسد والحقد والمخاصمة ! ، إضافة إلى ذلك فإن هذا الأمر يدل على أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس لديه أية مداهنة ولا مساومة مع أحد ، ليستثني أقرباءه المشركين عن دعوته إلى التوحيد والحق والعدل ! ) .

وفعلاً ، قام الإسلام بدفاع وحمى ابي طالب وأموال خديجة وشجاعة الحمزة ابن عبد المطلب وسيف علي بن ابي طالب .. وحتى قيامه الأعظم على الإطلاق سيكون بيد بقية الله وبقية رسوله ، الحجة ابن الحسن المهدي صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ..

ولا يقتصر الأمر بنبي الإسلام ورسالته ، فنبي الله موسى عليه السلام عندما كلّفه الله تعالى بمهمّة الذهاب الى فرعون وهدايته ، طلب من الله تعالى أن يعضده بأخيه هارون ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ ) الشعراء ١٢ ،١٣ .. واستجاب له الله تعالى طلبه ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ) القصص ٣٥ ، بل الأمر اوسع من ذلك ، فإن الأنبياء كلهم من ذرية واحدة ونسل واحد ، ولعل طلب - او استفهام - نبي الله ابراهيم عليه السلام ( ومن ذريتي ) عندما قال له تعالى ( اني جاعلك للناس إماما ) يصبّ في هذه الفكرة في خطوطها العامّة وتعطي معنى من معاني نصرة القرابة بعضهم لبعض حتى ولو تباعد الزمان بينهم ..

وتجلّى هذا المعنى في واقعة الطف تجليّاً عظيما ، فلقد حرص ابو عبد الله عليه السلام - وهو وارث رسالات السماء - على نصرة ورفقة ومشاركة بني هاشم في مهمّته ضد الأمويين ، ولم يكتف بالرجال وإنما أعطى دوراً مهمّاً حتى للنساء والأطفال من أهل بيته ، رغم علمه المسبق بصعوبة الأمر وخطورته ( إن الله قد شاء أن يراهن سبايا ) الملهوف ٥٦ .

بل الحرص كان متبادلاً من جهة أهل بيته ايضاً ، فلقد ضربوا أروع وأعلى وأسمى أشكال البرّ والوفاء وصلة الرحم مع أبي عبد الله عليه السلام ، بدءاً من قمر العشيرة ابي الفضل العباس عليه السلام والذي نقرأ في زيارته ( فنعم الأخ المواسي لأخيه ) ، حيث واسى أبو الفضل الامام الحسين بكل وجوده محتسباً صابراً وعلى بصيرة من أمره .. مروراً بآل علي وآل عقيل وابناء العقيلة وبقية بني هاشم .. وانتهاءً بالطفل الرضيع ..! عليهم صلوات الله وصلوات ملائكته اجمعين ..

ان من قُتل من بني هاشم مع الإمام الحسين عليه السلام في الطف واحد وخمسون هاشمياً بحسب تحقيق الشيخ محمد صادق الكرباسي في الجزء الثالث من دائرة المعارف الحسينية .

ولقد نُعي بنو هاشم في الأخبار الواردة قبل وبعد الواقعة كقتلى مع أبي الأحرار ، فهم في سجلّ هذه الواقعة وفي قائمة سموّها وشرفها ولم تكن مشاركتهم مجرد صدفة او عصبية ، ففي كامل الزيارت لابن قولويه قول الملك للنبي ص وآله : ( إن سبطك هذا - وأومأ بيده الى الحسين ع - مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك … ) ، وفي تاريخ دمشق لابن عساكر في مجلد ترجمة الحسين ع ، ص 186 الحديث 236 : عن أميرالمؤمنين ع مخاطباً جماعات عند مروره بكربلا : ( ليحلّن ههنا ركب من آل الرسول ص يمر بهذا المكان فتقتلونهم ) .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=159427
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 08 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19