• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (11)الجذور التاريخية لصلح الامام الحسن (عليه السلام) (4) .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (11)الجذور التاريخية لصلح الامام الحسن (عليه السلام) (4)

 لعنة العرش
تولى ابو بكر الحكم بعد النبي (صلى الله عليه واله) وارسل ولاته الى مختلف امصار الدولة وخاضت قواته حروباً عديدة خارج المدينة ضد من رفض حكمه، حتى استتب له الامر في جزيرة العرب ثم وجه بالجيوش الى بلاد فارس وبلاد الشام، في خطة قرشية ذكية، فان الهاء المسلمين في الحروب والغنائم ضامن لاستقرار الدولة، وشغل الناس عن امر الخلافة بعد النبي (صلى الله عليه واله)، ومن الطبيعي ان لا ترض قريش ببقاء ابي بكر في الحكم مدة طويلة لان الكل ينتظر ان توصل النوبة اليه، فمضى ابو بكر بعد سنتين وبضعه اشهر من وفاة النبي (صلى الله عليه واله) وادعى قوم ان سبب وفاته ان عقرباً لدغه في غار ثور وان النبي (صلى الله عليه واله) وضع عليه من ريقه فسكن وكان ذلك السم يهيج كل سنتين وبعضه اشهر فيأتي ابو بكر الى النبي (صلى الله عليه واله) فيضع عليه من ريقه فيسكن، فلما توفي النبي (صلى الله عليه واله) هاج السم ومات ابو بكر ، وليست هذه القصة بافضل من قصة قتل الجن لسعد بن عبادة الانصاري في طريق عودته من الشام الى المدينة بعد ان لم يبايع ابا بكر ولا عمر.

وفي ايام مرض ابي بكر وقرب وفاته امر بخروج كل من في الدار الا عمر، فخرج عمر الى المسلمين المجتمعين في المسجد واخبرهم ان ابا بكر كتب عهده في هذا الكتاب وانه يأمرهم ان يبايعوا من فيه وان عمر لا يعلم بما في الكتاب، فبايعت الامة على ما في الكتاب وبعد ان قرأه على الناس كان امر ابي بكر ان تبايع الامة عمر، والغريب ان الامة رفضت ان يكتب النبي (صلى الله عليه واله) كتاباً لا يضلوا بعده ابداً وبايعت على كتاب مجهول المضمون.
وحكم عمر الامة وسار على نهج ابي بكر والاتفاق القرشي في المحاصصة في توزيع المناصب بين قريش والهاء القبائل العربية المسلمة بالفتوحات والمغانم، واقصاء بني هاشم عن السلطة، والمنع من رواية الحديث واتلاف ما وجد منه، والاكتفاء بتلاوة القران والمنع من تدبر اياته.

وكان عمر حذرا جدا من ان يقتل كما قتل ابي بكر، وكان لحذره دور كبير في امتداد سلطانه فترة طويلة كما كان شديداً على الجميع، مصادراً للحريات، ولكنه لم يتوقع ان يقتل غيلة، اذ كان يتوقع ان يدس له السم كما دس لابي بكر، ولعل كعب الاحبار اوصل اليه ان المؤامرة قائمة على اغتياله فقال له اوص فانك مرتحل بعد ثلاث، ولم يعرف عمر ما هي طريقة القضاء عليه حتى اغتاله غلام المغيرة بن شعبة، الذي قتله فوراً عبيد الله بن عمر الذي كان على ما يبدو قد ابلغه ابوه باحتمالية اغتياله، ولكون القاتل من الفرس ظن عبيد الله ان مؤامرة القتل يقف وراءها الفرس فقتل الهرمزان مع ان الرجل لم تكن له اي علاقة بالموضوع، وادرك عمر ان بني امية هم الذين يقفون وراء المؤامرة فلما عقد امر الشوري قال ان هذا الامر ليس للطلقاء فيه حق .

وال الامر الى عثمان بن عفان الذي كان في الشطر الاول من خلافته متبعاً لنهج سلفيه ومستمراً على العمل على الاتفاق القرشي، ولكنه في الشطر الثاني من خلافته قلب لقريش ظهر المجن، اذ ان الزعامات المهمة والشخصيات المؤثرة قد اخترمها الموت، فخالد بن الوليد وعكرمة بن ابي جهل وابو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف، وهم اركان حركة قريش بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) قد اخترمهم الموت، ولم يبق من الشخصيات القرشية من يخشى منه، وشباب قريش ليس لهم القدرة على مواجهة البيت الاموي، فكان او شيء غيره انه سلط بني امية على ادارة الولايات، ثم حول المال من مال عام الى مال خاص لبني امية يعملون فيه ما يشاؤون ومن خالف او اعترض من الصحابة على فعله يلقى اشد العقوبة وقد مارس ذلك الاضطهاد والعنف واضحاً بحق ابي ذر الغفاري وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود (رضوان الله عليهم) فاصبحت السلطة والمال والقرار في الدولة المترامية الاطراف بيد بني امية .
كان التحول الذي مارسه عثمان بحق الاتفاق القرشي سبباً لتباعد قريش عن عثمان، فاصبح طلحة والزبير وسعد بن ابي وقاص وعائشة بنت ابي بكر وغيرهم يشكلون جبهة مخالفة لعثمان، وان كان سعد بن ابي وقاص اميل للحياد منه لخوض الصراع.

كان سوء ادارة ولاة عثمان واستئثارهم بالفيء وتعاملهم الجلف مع ابناء الامصار سبباً توجه ابناء الامصار المركزية في الكوفة والبصرة ومصر للشكوى ضد ولاة عثمان لديه الا ان عثمان لم يستجب لهم واستغل المعسكر القرشي استياء المسلمين لاثارتهم ضد عثمان، فيما سعى امير المؤمنين (عليه السلام) لرأب الصدع لانه كان يرى ان النهاية الدموية ستكون ذات اثار سلبية على مستقبل الامة.

كان المتنفذ في قصر عثمان مروان بن الحكم الذي تسبب في ارباك الوضع بعد ان حاول امير المؤمنين (عليه السلام) اصلاحه، وفي المقابل كان في الشام معاوية الذي ينتظر بفارغ الصبر نتائج الحراك في المدينة، اذ كان معاوية يخشى ان تؤول الامور الى مروان بن الحكم، فكان معاوية يعيش هاجس قريش وهاجس مروان.
كان معاوية يحاول من الشام ادارة الامور بالنحو الذي يعود السلطان ومسند الحكم اليه، في الوقت الذي كان مروان يأمل ان يعود الامر اليه بعد عثمان فهو الشخص المهيمن على بلاط عثمان، هذا التنافس بين مروان وعثمان، وسوء ادراة مروان، وسيطرته على عثمان، ورفض الاخير تسليم مروان للثائرين، انتهى بقتل عثمان، على يد الثائرين وسقوط سلطة قريش وبني امية في المدينة، واصبح لاول مرة في تاريخ المسلمين بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله) قرار الامة بيد ابنائها بعد ان كان بيد عصابات قريش.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=160992
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 10 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19