• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عَلِيٌّ.. رَمزُ (الوحدة الإسلامية) !! .
                          • الكاتب : شعيب العاملي .

عَلِيٌّ.. رَمزُ (الوحدة الإسلامية) !!

 بسم الله الرحمن الرحيم

كثيراً ما يُقصَدُ من الوحدَةِ الإسلامية (التزامُ الْجَمَاعَة وتَركُ التَّفرقة)، وهي بهذا المعنى (مَنهجٌ قرآنيٌ حَقٌّ) لا لبس فيه! بل مَنهَجٌ إماميٌّ، إمامُهُ ورائدُهُ، ورَمزُهُ وقائدُه، والداعي إليه بعد النبي (ص) هو عليُّ بن أبي طالب عليه السلام!

أما قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) (الأنعام153).

أما أوصى رسول الله (ص) بِصَلاح ذات البين فقال: صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَام‏ (الكافي ج‏7 ص51).

أما أرشَدَ عليٌّ (ع) جُنده إلى عدم التفرُّق حتى في القتال: إِيَّاكُمْ وَالتَّفَرُّقَ، فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِيعاً، وَإِذَا رَحَلْتُمْ فَارْحَلُوا جَمِيعاً (وقعة صفين ص124).

فما هي الوَحدَةُ المنشودة ؟! وما موقفُ عليٍّ عليه السلام منها ؟! ومِن دُعاتِها في أيّامنا ؟!

1. عليٌّ إمام الجماعة !

لقد سُئل عليه السلام عن (أهل الجماعة) فقال: أَمَّا أَهْلُ الْجَمَاعَةِ فَأَنَا وَمَنْ تَبِعَنِي وَإِنْ قَلُّوا ! 

وسئل عن أهل الْفُرْقَةِ فقال أنهم: الْمُخَالِفُونَ لِي وَلِمَنِ اتَّبَعَنِي وَإِنْ كَثُرُوا ! (الإحتجاج ج‏1 ص168).

فليست الكثرةُ عندَ عليٍّ معيارَ صِدقِ عنوان الجماعة، بل الحقُّ هو الميزان، فمَن كان مع الحقّ كان من أهل الجماعة، وعليٌّ مع الحق والحقُّ معه، فشيعته وأتباعه هم أهل الجماعة وإن قلّوا.. 

أما قال النبي (ص) عندما سئل عن الفرقة الناجية: الْجَمَاعَةُ الْجَمَاعَةُ الْجَمَاعَةُ ! (الخصال ج2 ص584).

فلا يتقوَّمُ مفهوم الجماعة إلا باجتماع أهل الحقّ خلفَ إمامهم، وليس سوى عليٍّ عليه السلام، فهو سبيلُ الله وصراطُه المستقيم، وكلُّ سبيلٍ آخر يُفَرِّقُ الناس عنه.

2. لا تفرَّقوا عن عليٍّ !

قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَعَلِيُّ حَبْلُهُ) كما عن رسول الله (ص) (تفسير فرات الكوفي، ص: 90).
وعن الباقر عليه السلام: أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى وَلَايَةِ آلِ مُحَمَّدٍ (ع) وَلَا يَتَفَرَّقُوا (تفسير القمي ج‏1 ص108).

هكذا يصيرُ التفَرُّقُ عن عليٍّ زُهداً في حَبلِ الله، وانغماساً في الجهل والضلال، وعِصياناً لأمر الله تعالى فيما انحصرت به النجاة، فليس لمن لم يتَّبِع علياً أن ينسِبَ نفسَهُ لأهل الجماعة والوحدة !

3. عَلِيٌّ ودُعاة الوحدة !

ماذا يريد دُعاة (الوحدة) منها اليوم ؟ 
ألا يريدون منها (الاجتماع) دون (التفرُّق) ؟! 
فهذا منهجُ السماء على لسان الأنبياء والأوصياء..

ولكن.. الاجتماع على أيّ شيء يكون ؟!
1. على الصراط المستقيم بالتمسُّك بحبل الله.
2. أو على السُّبُل المتفرِّقة.

الثاني مُستحيلٌ عقلاً، فلا يُعقَلُ الاجتماع والتفرُّقُ معاً !
والأوّل هو طريق الشيعة حينما والوا علياً، ولا زالت دعوتهم اليوم لكلّ الناس تلهج بقوله تعالى: (تَعالَوْا إِلى‏ كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُم‏) (آل عمران64).

(تَعالَوْا): فأهلُ الحقّ قائمون على الصِّراط المستقيم، ويرشدون من سواهم إلى لزوم نبذ التفرقة، ولا يتم ذلك إلا بالاعتصام بحبل الله عليّ بن أبي طالب، والاتحاد تحت رايته، بأن يُعرضوا عن السبل المتفرقة و(يأتوا) إلى كلمة الحقّ، لا أن يترُك المؤمنون الحق ويستبدلوه بالباطل!
أنترُكُ سبيلنا ونتّبع السُّبُل المتفرّقة فنضلّ عن صراط الله ؟! 
أم نتيقّن أننا (أهلُ الجماعة) وإن (قلَّ عدَدُنا) ؟!

فدُعاة الوحدةِ والجماعة اليوم، إن تمسَّكوا بالحقِّ وبيَّنوه، وترقَّبوا من يريد اتّباعه ليعيونه، كانوا من أهلها حقّاً.

4. مجالسةُ أهل التُّهمة !

المؤمنُ كَيِّسٌ فَطِن، يَحذرُ من أهل التُّهمة، فمُجالَسَتُهم تثير الريبة: وَأَوْلَى النَّاسِ بِالتُّهَمَةِ مَنْ جَالَسَ أَهْلَ التُّهَمَة (من لا يحضره الفقيه ج‏4 ص395).

وعن الصادق عليه السلام:
مَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْجَاحِدِينَ إِلَّا حَضَرَهُمْ عَشَرَةُ أَضْعَافِهِمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ.. فَمَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ فَإِذَا خَاضُوا فِي ذَلِكَ فَلْيَقُمْ وَلَا يَكُنْ شِرْكَ شَيْطَانٍ وَلَا جَلِيسَهُ (الكافي ج‏2 ص187).

إنّ المؤمن لا يستعين بالجاحدين وأهل النفاق والشقاق، ولا يكترث لكثرة عددهم، ولا يُجالسهم، ولا يتقرَّبُ إليهم، ولا يمدحهم، ففي ذلك الغواية والخسران المبين.. وغَضبُ الله ولعنته إلى يوم الدين.

ففي الحديث: مَنْ جَالَسَ لَنَا عَائِباً، أَوْ مَدَحَ لَنَا قَالِياً، أَوْ وَاصَلَ لَنَا قَاطِعاً.. أَوْ وَالَى لَنَا عَدُوّاً .. فَقَدْ كَفَرَ بِالَّذِي أَنْزَلَ السَّبْعَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيم‏ (الأمالي للصدوق ص56)

هكذا يحذرُ المؤمن من الذين يكفرون بآيات الله ويستهزؤون بها، فلا يقعد معهم لئلا يصير مثلهم، فالمؤمن وإن كان يُنشدُ وحدة المسلمين بل وحدة الناس قاطبةً، واجتماعهم خلفَ راية الحق، إلا أنّه لا يُفَرِّطُ بالحق، ولا يقدِّم نفسه قرباناً على مذبح أعداء الله، وليس ممن يضع نفسه موضع تهمةٍ وتهاونٍ في أمور دينه.

يعلم المؤمن أن حجّة الله تامة، ويبيّن الحق للمسترشد المستنصح، ثم يذر الظالمين في غَيِّهم، ولا يجالس أهلَ الرّيب منهم، إلا مُكرَهاً، مستنكراً بقلبه ذلك، ولا يَصِلُ أعداءَ الله بأدنى صِلَةٍ، وقد غَضِبَ الله عليهم وأعدّ لهم عذاباً أليماً.

هكذا هُم أتباعُ عليٍّ عليه السلام، رمز الوحدة الإسلامية، ورمز اجتماع الأمة وجماعتها، فهو إمامُها وسيِّدُها وخَيرها بعد رسول الله.
وهكذا هُم شيعته.. لا يفرِّطون في دينهم قيد أنملة، ولا تغرُّهم الشعارات الفارغة والمظاهر الخادعة، ولا يُستقلُّ من دينهم.

يُنشدون الوحدة والاجتماع، ويبغضون التفرُّق والتشرذُم، لكنّهم يعلمون أن اجتماع الكلمة لا يكون إلا خلفَ راية الحقّ، وينتظرون ساعَتَها على يد الحجة من آل محمد (ص). 

اللهم عجّل فرجه، واجمع كلمتنا به على التقوى.

والحمد لله رب العالمين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=161213
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 10 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28