• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح24 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح24

 سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم 
سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{211}
بني اسرائيل منّ الله تعالى عليهم بكثير من النعم , وفي شتى المجالات , ومن اكبر واهم تلك النعم نعمة الهداية الى طريق الحق , واتباع نهج الانبياء والمرسلين , لكنهم رغم علمهم جحدوا بتلك النعم و كفروا بها , ولم يكتفوا بذلك , بل غيروا وبدلوا فيها . 
لقد ارسل الله عز وجل رسله الى كثير من الامم والشعوب والقبائل غير بني اسرائيل , واغلبهم كفروا بما جاء به انبيائهم ورسلهم , وربما قتلوهم , فلماذا يؤكد القرآن الكريم على بني اسرائيل كثيرا ؟ , ما فرقهم عن تلك الشعوب والاقوام الذين كفروا بما جاءهم من عنده تعالى ؟ .
ان المتتبع لتاريخ بني اسرائيل سيجد فيهم صفات ومزايا كثيرة غير موجودة في غيرهم , وان وجدت فهي نادرة , وسيحتاج الى مقارنة بينهم وبين ما سواهم من الامم والشعوب , لعله يهتدي الى اسباب منطقية ! . 
 
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{212}
هناك نوعين من الحياة لابد للانس والجن ان يمرا بهما : 
1- الحياة الدنيا , حيث عالمنا هذا . 
2- الحياة الاخرة , وهي عالم مجهول , لا نعرف عنه الا ما وصفه الباري عز وجل في اياته البينات , وما جاء على لسان النبي محمد (ص) واهل بيته (ع) واصحاب النبي الابرار (رض) , حيث يكون فيها الناس على صنفين او ثلاثة : 
أ‌) المتنعمون في جناتها . 
ب‌) المعذبون في نيرانها . 
ج) حال الوسط بين العذاب والنعيم , حيث ان هؤلاء استوت حسناتهم مع سيئاتهم , او انهم
     لا يستحقون العذاب لاسباب خاصة , كما وانهم لا يستحقون النعيم لاسباب خاصة .   
ان كل ما جاء من اوصاف للحياة الاخرى هي معاني مجازية , من اجل تقريب المعنى لاذهان البشر , ليس الا , اما الحقيقة فهي ابعد بكثير , كمثال على ذلك , لو طلب ابنك الصغير ان تشرح له معاني اشياء اكبر من نطاق استيعاب ذهنه كالديمقراطية او حوار الحضارات وغيرها , فسوف تشرحها له بما يتناسب مع مقدار تحمله وفهمه لها . 
    
  ( وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) , غالبا ما يذهب ذهن قارئ القران الى ان الرزق في الدنيا فقط , لكن يبدو ان هذه الاية الكريمة تشير الى ان الرزق في الحياة الاخرة ايضا , فأصحاب الجنة ينالهم الرزق بغير حساب , واصحاب جهنم سينالون العقاب , اما اصحاب حال الوسط  فيكونون محرومون من الرزق , مبعدين عن العذاب . 
 
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{213}
تصف الاية الكريمة بشكل موجز وجميل , لطيف وخفيف , اختلاف الناس الى ملل ونحل كثيرة , ذاكرة اسباب ذلك , تبين الاية الكريمة ان الناس اختلفوا الى صنفين : 
1- المؤمنون : هؤلاء لم يختلفوا فيما بينهم , لان الله عز وجل قد وهبهم نورا يهتدون به , ويميزون به الخبيث من الطيب , لذا سيكون ارسال النبيي لهم بالمعنى الذي ذكرته الاية الكريمة ( مبشرين ) . 
2- الكافرون : هؤلاء اختلفوا الى اديان ومذاهب كثيرة , كل يؤسس له دينا او مذهبا او مسلكا كما يرتئيه , فتفرقوا وابتعدوا كثيرا عن جادة الحق , لذا سيكون القصد من ارسال النبيين لهم بمعنى ( منذرين ) . 
 
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ{214}
توجه الاية الكريمة الخطاب والتساؤل للمؤمنين , حيث لا يكفي المؤمن ان يقول امنت بالله ورسله وكتبه وبكل ما جاء من عنده عز وجل , بل يجب ان يخضع للاختبار , وكما يقول المثل الدارج ( بالتجارب يظهر المعدن الاصيل ) , او كحال الطلاب والتلاميذ , لابد وان يمروا بمرحلة الامتحان النهائي , فيظهر الطالب المجد من سواه . 
 
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ{215} 
القران الكريم يؤكد كثيرا على الانفاق , فيأمر ذو المال ان ينفق من ماله , وتبين الاية الكريمة موارد الانفاق على التوالي حسب الأولوية : 
1- الوالدين . 
2- الاقارب . 
3- اليتامى . 
4- المساكين . 
5- ابن السبيل . 
تروي بعض كتب التفسير ان السائل كان عمرو بن الجموح , وكان شيخا ذو مال كثير , و متنوع من الاصناف . 
ان اجمل واروع اوامر القران الكريم هو ان ينفق ذو المال ( خصوصا الذي لديه مال فائض عن حاجته ) على من ليس له مال ! .  
 
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{216}
طبيعة الانسان انه ينفر من كل مسببات المشقة وموارد الخطر , ويميل الى كل مسببات الراحة والامن , فأما القتال من ابرز موارد الخطر والمشقة , لذا فمن البديهي ان ينفر الانسان منه بطبعه وطبيعته , ولو تأمل في القتال لوجد ثلاثة امور كلها خير :
1- النصر : وبه تتحقق العزة للاسلام والمسلمين . 
2- الشهادة : وبها ينال المؤمن الثواب الابدي والمنازل الرفيعة في الدنيا والاخرة . 
3- العوق : قد يتعرض المؤمن في القتال الى اصابة مستديمة , وهذه ستكون له بمثابة حسنة جارية مادام حيا . 
هذا من جهة , ومن جهة اخرى تشير الاية الكريمة الى موضوع جميل جدا , وهو موضوع المصلحة , المصلحة العامة و مصلحة المؤمن , فالانسان غير قادر على تحديد ما يصلحه بنفسه , , فيجتنب اشياء كرها لها , ظنا منه انه يفعل الصواب , وفي بواطنها الخير كله (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) , ويقوم باشياء حبا لها , ظنا منه انه على خير , وفيها تكمن المضرة (  وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ )  .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=16377
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 04 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29