هل سال الدم بين الشيعة في العراق على أساس عقائدي ؟ أطرح هذا السؤال لأشجعك على قراءة هذا الموضوع والتأمل فيه :

* هناك فكرة مختصرة لكنها مفتاح لفهم الكثير من التناقضات التي تراها أمامك والتشابك في المواقف .. فأرجو منك التمعن :

* يقول أمير المؤمنين عليه السلام : (( إنما يجمع الناس الرضا والسخط، فمن رضي أمراً فقد دخل فيه، ومن سخطه فقد خرج منه )).

* وهنا يوضح الإمام قاعدة مهمة وهي أن أكثر ما يجمع الناس ويجعلهم بحكم ( الجماعة الواحدة ) هو رضاهم عن ( ألف ) وسخطهم على ( باء ) والجماعة الأخرى تعتبر بالضد منهم لأنها راضية عن باء وساخطة على ألف.

فالرضا والحب .. والبغض والسخط .. هي أهم المشتركات التي تجمع الناس وتحولهم الى كتل متناحرة أو متحالفة .. 

بل حتى الحساب الإلهي يكون بحسب هذا التقسيم كما صرح الإمام عليه السلام في حديث آخر مشابه لهذا الحديث.

* ودائماً ما يعيش الإنسان منا في عدة دوائر في وقت واحد .. ويجمع بين عوالم مختلف
 .. فتراه في دائرة الدين ينتمي للعقيدة باء .. وفي دائرة الرياضة يشجع الفريق نون .. وفي دائرة العشيرة أو القومية ينتمي للقومية سين .. وفي دائرة السياسة يوالي الجهة السياسية جيم ..

* وهكذا حتى لو تقاطعت هذه الدوائر وتصادمت .. سيجد الانسان طريقة للعيش في كل دائرة منفصلة عن الأخرى .. و إذا شعر أنها تتعارض وتتصادم فيما بينها .. كما قد يتقاطع الدين مع التوجه السياسي .. أو العشيرة مع الطرب والرقص " المسمى فن " .. فقد يضحي عندها بالدوائر كلها لأجل الدائرة الأغلى والأهم لديه .. حتى لو اضطره ذلك لحياة شبه معزولة أو قطيعة كاملة مع بقية الدوائر.

* وشيعة العراق حالهم حال غيرهم يعيشون في دوائر مختلفة .. فداخل دائرة المذهب هناك خطوط عقائدية مختلفة .. وعشائر متعددة .. وتوجهات سياسية كثيرة .. وماشاء الله من دوائر الاختلاف.

* ومن هنا دعونا نسأل هذا السؤال :

هل حصل في مرة من المرات _ بحسب التاريخ _ أن تحول تقسيم الناس داخل الدائرة الشيعية الكبيرة .. الى حرب بين هذه الدوائر الصغيرة ؟

* بمعنى آخر .. هل وقع اقتتال داخلي شيعي كان مبنياً على اختلاف في دائرة معينة ؟

وبمراجعة تاريخية وآنية بسيطة .. سنجد أن شيعة العراق لم يشهدوا أي انقسام داخلي قادهم الى الاقتتال ( كمجتمع ) .. إلا في دائرتين :

الأولى : الدائرة السياسية.
ثانياً : الدائرة العشائرية.

ولاتوجد أي دائرة أخرى سببت نزيف الدم .. والقتل .. بشكل يعم المجتمع ( وليس حالات فردية ) إلا في هاتين الدائرتين.

فمحاولة تحميل الدين والعقيدة مسؤولية الاختلافات والاقتتال في العراق هي محاولة مجحفة وظالمة .. لأن السياسة والعشائرية لوحدهما يتحملان أي نزاع مجتمعي يحصل في وسط وجنوب العراق.

وسنثبت ذلك في الحلقة الأخرى إن شاء الله.
#يتبع.