• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الثورة الحسينية ومهامها الإصلاحية  .
                          • الكاتب : د . ابتسام مشني .

الثورة الحسينية ومهامها الإصلاحية 

  وقفت السيدة زينب في ذلك اليوم العاشوري، البعيد القريب، وهي تنظر إلى الاشلاء المتقطعة لأهلها وذويها، وبينما بنات ونساء رسول الله محمد(ص) ومعهن نساء وبنات أصحاب الحسين(عليه السلام) وهنّ بين حزينات باكيات، وهن يحتضنّ أحبابهن وأهل بيتهن وخاصة حول أشلاء الامام الحسين(عليه السلام) التي داستها خيول الأعداء .

كانت الحوراء عقيلة بني هاشم تنظر الى مولاها وأخيها الامام الحسين(عليه السلام) وخلدها يبحث عن الأجوبة وتعاتب اخيها بتلك النظرات، وإذا بالرأس المذبوح من القفا للإمام الحسين(عليه السلام) يلتفت اليها ورأسه الشريف الطاهر المطهر يفيض نورا، ومن عينه اليمنى بعد أن تحركت عيناه ترمش ثلاث رمشات تشعّ بنور الله تعالى، وإذا بالحوراء زينب(عليها السلام) تفهم تلك الاشارات فبينهما الاتصال الروحي والوجداني الذي أزاح عن فكرها تلك الأسئلة والاستفسارات حول الثورة الحسينية وأهدافها، وخاصة بعد أن ألقى الامام الحسين(عليه السلام) خطبته في عقر الاعداء: إني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا طلبا للجاه أو المنصب، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي عليه وعلى آله الصلاة والسلام أجمعين. 
عندما نظرت الحوراء زينب(عليها السلام) الى ذلك النور، عرفت أن الثورة انتصرت، وانها خالدة بخلود الكون، وان تضحيات حبيبها الحسين(عليه السلام) وأهل بيتهما تستمر وتجدد؛ كونها عرفت انها إصلاحية بكل معاني الانسانية ودستور الحياة بأكمله .
بعد أن استشهد امير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، اوصى الى ولده الامام الحسن المجتبى(عليه السلام)، لكن بني امية بزعيهم معاوية (عليهم لعائن الله تعالى)، استغلّ الموقف الذي تبنّاه الامام الحسن وانه الاصلاح السياسي والاجتماعي والديني، ومن اجل المحافظة على دماء المسلمين؛ تنفيذا لوصية ابيه(عليهما السلام).
 حدث صلح وتوقيع وثيقة مع معاوية على ان يكون خليفة للمسلمين وبعد موته تكون للإمام المعصوم الحسن(عليه السلام)، لكن معاوية نقض العهد وقام بتنصيب ولده يزيد (عليه اللعنة الابدية).
بعد ان استلم الخلافة يزيد(عليه اللعنة) ونقل مقر الخلافة من العراق الى الشام، ساد بالفساد والتنكيل بالعلوييين تحديدا، اضافة الى نشر كل مظاهر الفساد والانحراف الذي نهى عنه الدين الاسلامي، فكان يزيد يظهر ويطغى بفساده الذي لا يعدّ ولا يُحسب .
وبعد أن اصبح الامام الحسين(عليه السلام) اماما للمسلمين، طلبوا منه البيعة ليزيد الذي كان يشرب الخمر ويفعل الفحشاء والمنكر، وان المسلمين ضاق بهم الحال، طلبوا من الامام الحسين(عليه السلام) ان يضع حدا لأفعال يزيد واتباعه، فكتبوا له الكثير من الكتب والرسائل للقضاء على الفاسدين والفساد، فكان هدف خروج الامام الحسين عليه هو الاصلاح، إصلاح النفوس من الفساد، وتطهير، وتهذيب، وترك المحرمات، ومن ثم المحافظة عليها من دنسها وتلويثها بهذا الفساد.
فرسالة الثورة الحسينية انجزت مهامها في لحظة القاء الامام الحسين(عليه السلام) خطبته، فزعزت افكارهم وضمائرهم وأبانت حقيقة هذه الواقعة.
 إن واقعة الطف اعطت ثمارها؛ كونها شمولية بمفهومها الاصلاحي لكل ما يعترض حياة الانسان وتوضيح اساليبها بتغيير وانتشال الانسان بالإصلاح ان كان سياسيا أو اجتماعيا أو فكريا أو دينيا.
فمرحلة الاصلاح لا تقلّ مواقعها على حياة الانسان عن الجهاد او مواجهة العدو بل هي الاصعب في تنفيذها؛ لاحتياجها الى صبر وارادة وشجاعة، فجوهر الانسان هو ما يطلب له اصلاحه وبناءه وتهذيبه.
إن واقعة الطف فعلت فعلتها الكبرى في حياة البشرية كلها على كل المستويات والاديان والطوائف، واتخذت منها معنى الاصلاح الذي يسعى من اجله الانسان، فكل جيل يرتبط ويرابط الجيل الذي قبله وما بعده، فهي سلسلة تمتدّ، وبدأت من الاصلاح الذاتي ليشمل الاصلاح المجتمعي بأهداف اطلقتها واقعة الطف الخالدة .
هناك حياة على هذا الكون، اذن هناك واقعة الطف، ومن ثم هناك الاصلاح وتطهير وتهذيب الانسان ليعيش بكرامة وشرف وانسانية .


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=165099
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 02 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18