بلاد ما بين النهرين. اشتهر العراق بهذه التسمية الحضارية , والتي تدل على وجود ارضي شاسعة من الخضرة الزاهية , والطبيعة الخلابة
بكثرة المياه الوفيرة . وكثرة بساتين النخيل وبساتين الفواكه المتنوعة . مثلا مدينة ديالى اشتهرت بانواع من البساتين التي تحتوي على اطياف عديدة
من الفواكه والخضروات الطازجة , وكذلك منطقة الجنوب التي اشتهرت في زراعة الشلب والحنطة والشعير . وبغداد اشتهرت بالسمك المسقوف
وطلق على العراق البلد الزراعي الزاخر بالخيرات الطبيعة , ولتربته الخصبة الصالحة بمختلف المحاصيل الزراعية بفضل وجود نهري دجلة
والفرات , وكذلك بوجود وفرة من الروافد والانهار الصغيرة التي تصب وتخترق الاراضي العراقية ,ولكن هذه الخيرات بدأت بالتناقص والاضمحلال وتنذر بعواقب وخيمة بتعرض العراق الى الجفاف
وندرة مصادر المياه والطاقة المائية التي تلبي حاجات البلد و اذا لم يتدارك الامر . واذا لم توضع حلول عادلة لانهاء هذه المسألة التي ستصيب الاراضي الزراعية بالجفاف
والمعروف بان الدول التي تتحكم بمصادر المياه الوافدة الينا هي تركيا وايران . والمعروف بان عدة روافد وانهار صغيرة تخترق وتصب في
الاراضي العراقية . ولكن الحكومةالايرانية بدأت في الفترة الاخيرة بحبس واحتجاز تدفق هذه الانهار الى الاراضي العراقية مما الحق ضررا
فادحا ببساتين ديالى وكذلك في منطقة الجنوب التي تعاني الان من نقص كميات المياه وخطر الجفاف التربة وهذا يعني تدمير الزراعة في الجنوب
وخطر تغيير البيئة نحو التصحر وهذا يسبب مشاكل جمة لسكنة الاهوارولاضرار بمواردهم الاقتصادية وصعوبة الحياة . ان هذا التعسف
غير مقبول وغير ومنطقي في تخريب الاراضي الزراعية باحتجاز الغير المبرر لكميات من المياه او تجفيف هذه المنابع المائيةوالتعدي على
مصالح العراق في حقه المشروع في انسياب هذه المياه وعدم احتكارها . وكذلك الجانب التركي الذي يتحكم بمصادر مياه دجلة والفرات في اقامة جملة من السدود على نهري دجلة والفرات
وحبس واحتجاز كميات هائلة وعدم اعطى حق العراق حصته من هذه المصادر خلافا لمعاير الدولية كما هو مقرر في القوانين والاعراف الدولية التي تعطي الحق في تقاسم العادل في الانهار
المشتركة . وهو تجاوز غير مقبول وغير عادل على حقوق دولة مجاورة (العراق ) ان هذه المشكلة بدأت تتفاقم في السنوات الاخيرة دون ايجاد حل منصف يرضي الطرفين وان بقائها دون حل
ستتفاقم المشكلة اكثر خطورة مهددة العراق بخسائر فادحة وينذر بخطر الجفاف . ان سياسة بناء السدود وحجز الكميات الهائلة من المياه هي سياسة هجينة بعيدة عن المنطق وتعتمد على النهب
وسلب حقوق العراق .وخاصة وان تركيا ترتبط مع العراق علاقات اقتصادية ونشاط تجاري واسع النطاق يدر على الجانب التركي عدة مليارات من الدولارات .وهذا يتطلب تعميق اواصر
الصداقة بين الشعبين وحل الخلافات بالحوار الجدي والبناء وفق مصالح الطرفين واحترام القانون الدولي بتقاسم مصادر المياه المشتركة .وهناك امثلة عديدة تؤكد ذلك . مثلا نهر الدانوب
الذي يشترك به عدة دول الاوربية لم يقم عليه سد واحد من كل الدول التي يمر بها . وكذلك نهر النيل الذي يمر من عدة دول افريقية وكذلك نهر ( افرو ) الذي يربط تركيا وبلغاريا واليونان
لم يقم عليه سد واحد من هذه الدول الثلاث . اذن لماذ لا تقيم الحكومة التركية بناء سد واحد على هذا النهر (افرو ) لماذا تنفتح شهية الحكومة التركيا على بناء جملة من السدود على نهري دجلة
والفرت ؟ ماهو الغرض والمقصد من انشاء هذه السدود ؟ هل هو ابتزاز سياسي واغراض غير نزيهة ؟ لقد صرح قبل اعوام (رجب اردوغان ) بطرح اقتراح الى الجانب العراقي . بان نعطيه
النفط مقابل المياه . ان هذا الهدف الذي يكمن من وراء حجز كميات هائلة من دجلة والفرات وبناء السدود للمقايضة والابتزاز الذي يتنافى مع القوانين والاعراف الدولية , ويتنافى ويتناقض
مع توثيق اواصر العلاقات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية . وهو يضر بهذه العلاقات المتميزة ويسبب بناء هذه السدود اخطار كبيرة على العراق وتطاول غير مقبول على حقوق العراق
المائية .ولذا على الحكومة العراقية ان تقوم بعمل جدي وبمثابرة مستمرةوبكل السبل المتاحة بما فيها تقديم شكوى الى الهيئات الدولية والى المحافل الدولية وحتى المحاكم الدولية والضغط
على الجانب التركي من اجل اطلاق سراح دجلة والفرات وترك هذه اللعبة الخطيرة وان يتحكم العقل والحكمة في حل هذه المعضلة بما يضمن استمرار العلاقات المتميزة والسعي الى حسن
الجوار لان العراق مقبل على تصحر وجفاف مصادر المياه وعلى الحكومة ان تسرع في جهودها لحل هذه المعضلة قبل ان نقرأ سورة الفاتحة على نهري دجلة والفرات |